قانون جديد للطائرات المسيرة لإسكات الصحافيين في المجر

القانون يعقد المهمة أمام من يحققون في قضايا فساد واختلاس للمال العام وللتمويلات الأوروبية.
الاثنين 2021/02/08
عين الصحافيين لن تصل إلى المسؤولين

بودابست - استطاع صحافيون مجريون الكشف عن عقارات فخمة لمقربين من رئيس الوزراء فيكتور أوربان بفضل صور التقطتها طائرات مسيرة، التي باتت اليوم في مرمى السلطات المجرية بعد أن أقرت قانوناً يهدف إلى عرقلة العمل الصحافي الاستقصائي.

ولم تدرك الصحافية غابي هورن بأن عملها باتت تترتب عليه تبعات قانونية إلا حينما تلقت اتصالاً في أكتوبر بشأن أحد مقالاتها المتعلقة بشخصية أوليغارشية (الطبقة الثرية النافذة)، نشر على موقع “أتلاتزو” الإلكتروني.

وقالت هورن “اعتقدت بداية أن الأمر يتعلق بفتح تحقيق بالفساد. لكن تبين أنه في الواقع، كنا مستهدفين ببلاغ حيازة بيانات بطريقة غير قانونية”، وفق ما أوضحت لفرانس برس.

وتم صرف النظر عن القضية، لكن مطلع يناير الماضي، دخل قانون جديد حيز التنفيذ من أجل “حماية الحياة الخاصة وتحديد معايير الأمن” بما يتوافق مع التوجيهات الأوروبية، وفق التفسير الرسمي.

وبموجب هذا القانون، يعاقب أي شخص ينشر صور مكان إقامة خاص التقطت عبر مسيّرات دون موافقة صاحب العقار بالسجن حتى عام كامل.

وتعتبر هورن أن هذا النص “يزيد من تعقيد المهمة أمام من يحققون في قضايا فساد واختلاس للمال العام وللتمويلات الأوروبية”، مضيفةً “أنه يستهدف بوضوح الصحافيين الفضوليين”.

وتؤكد “سنستمر بالعمل، لكن مع احتمال التعرض لملاحقات قضائية”، على الرغم من أنها لا تعتقد بأن القضاة سيضعون صحافيين خلف القضبان لهذا السبب.

ومنذ أن عاد رئيس الوزراء القومي أوربان إلى السلطة في عام 2010، لوحظ حصول المزيد من الانتهاكات لحرية الصحافة في هذا البلد الواقع في أوروبا الوسطى.

واعتبرت منظمة مراسلون بلا حدود أن الرقابة التي تخضع لها الصحافة في المجر “لا سابق لها في الاتحاد الأوروبي”.

القانون يعاقب أي شخص ينشر صور مكان إقامة خاص التقطت عبر مسيّرات دون موافقة صاحب العقار بالسجن حتى عام كامل

ووسط هذا المشهد المعقد وفيما “لا تستجيب القنوات الرسمية إلا نادراً لطلبات” المقابلات أو التصريحات، بدا استخدام الطائرات المسيرة أمراً مفيداً، كما تشرح هورن الصحافية المجرية البالغة من العمر 53 عاماً.

ونشر موقعها الإلكتروني عدة مقاطع فيديو سجلت بمسيرات العام الماضي، تعرض عقارات مملوكة لوالد وصهر أوربان.

وترى هورن أن تلك الصور “أقوى من ألف كلمة، فهي تظهر للناس العاديين الحجم الصادم لرفاهية الشخصيات النافذة”.

ويتناول المقال الذي تعرضت هورن على خلفيته للمساءلة لورينس ميزاروش صديق طفولة أوربان وأبرز المقربين منه.

وميزاروش هو اليوم أكثر مواطني المجر ثراء، حيث تقدّر قيمة ثروته بـ1.4 مليار يورو بحسب مجلة فوربس الأميركية، فيما غالباً ما تفوز شركاته بعقود تشغيل في القطاع العام الذي تدعمه خزينة الدولة وأموال الاتحاد الأوروبي.

وتقع المجر في المرتبة الأخيرة في الاتحاد الأوروبي في تصنيف الفساد، بحسب منظمة الشفافية العالمية غير الحكومية، إلى جانب رومانيا وبلغاريا.

وتقول المحامية مونيكا ريكلاش المختصة في مجال حماية البيانات “في العديد من الحالات، يكون لحرية الصحافة أسبقية على الفضاء الخاص، من الخطأ عدم أخذ هذا العنصر بعين الاعتبار في القانون”.

وندد أصحاب المسيّرات التجارية وحتى الهواة الأحد بهذا التشريع الجديد، معتبرين أنه انتهاك للقواعد الأوروبية.

وينص القانون على ضرورة تسجيل أي طائرة مسيرة ذات كاميرا، وتدريب صاحبها، مهما كان حجمها. كما ينبغي طلب إذن من السلطات قبل 30 يوماً من تشغيل الجهاز.

ويندد المصور بالاش كابلار بالقانون قائلاً إنه “أكثر تشدداً مما هو في الصين”، علما أنه عاد مؤخراً من بكين بعد 15 عاماً.

18