فيتو أميركي يُقلص من مخاوف تأجيل الانتخابات الليبية

يُقلص الفيتو الأميركي الذي رُفع الأربعاء في مواجهة دعوات تأجيل الانتخابات الليبية المقرر تنظيمها في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري من مخاوف تأجيل الاستحقاق المذكور الذي يحظى بدعم دولي واضح يستهدف إنهاء حالة الفوضى الأمنية والسياسية التي تشهدها البلاد ما فاقم التدخلات الأجنبية والانقسام المؤسساتي داخلها.
تونس - دخلت الولايات المتحدة الأربعاء على خط الجدل الدائر بشأن الانتخابات الليبية وإمكانية تأجيلها بقوة من خلال التأكيد بأنها لن تسمح بتهديد الاستحقاق المقرر تنظيمه في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري، ما يقلص من المخاوف بشأن تأجيلها خاصة في ظل اشتعال معركة الطعون ضد بعض المرشحين.
وقال السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند في سلسلة تغريدات نُشرت على صفحة السفارة بـ”تويتر” إن بلاده تشارك الليبيين والمجتمع الدولي مخاوفهم حول الانتخابات وأنها لن تسمح بتهديدها وذلك بعد ساعات من تحذيرات أطلقها وزير الداخلية خالد مازن بشأن عرقلة الاستحقاق المذكور.
وتابعت السفارة أن “كافة الأطراف مدعوة إلى التهدئة وتخفيف التوترات واحترام العمليات الانتخابية القانونية والإدارية الجارية التي يقودها الليبيون”.
وجاء ذلك في وقت تشتعل فيه معركة الطعون ضد مرشحين للانتخابات الرئاسية، ما أثار مخاوف من عرقلة الانتخابات بعد أن شملت تلك الطعون كلا من رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة الذي نجح في العودة إلى السباق، وقائد الجيش المتخلي عن مهامه المشير خليفة حفتر وآخرين.
ويأتي أيضا بعد تحذير وزير الداخلية الليبي من أن استمرار عرقلة الخطة الأمنية الخاصة بالانتخابات سينعكس على الالتزام بموعدها في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري.

محمد العباني: الانتخابات ثُبتت في موعدها رغم مناورات المعرقلين
واعتبر عضو البرلمان الليبي محمد العباني أن “الانتخابات في ليبيا ثُبتت في موعدها رغم اللغط الدائر بشأنها، والمجتمع الدولي من خلال مسارات مختلفة تشمل جولات الحوار مع دول الجوار، أو مؤتمر باريس أو برلين وغيرهما التزم بدعم هذا المسار وعليه أن يواصل دعم تنظيم الانتخابات لعله يصلح بعض الأخطاء التي اقترفها في حق ليبيا”.
وأضاف العباني في تصريح لـ”العرب” أن “الجدل الذي تعرفه ليبيا هذه الأيام هو بمثابة رقصة الديك المذبوح للمعرقلين الذين يحاولون وضع كل العراقيل لعدم الوصول إلى موعد الرابع والعشرين من ديسمبر، لكن الشعب الليبي ونحن نعمل على ذلك لكي نقيم دولة حرة بانتخابات مباشرة يتم فيها اختيار رئيس ومجلس نواب حسب إرادة الشعب وسحقا للمعرقلين”.
والفيتو الأميركي لا يُبدد مخاوف الليبيين نهائيا خاصة في ظل سعي العديد من الأطراف السياسية لعرقلة الانتخابات الليبية على غرار الإسلاميين أو شق منهم على الأقل لم يتردد منذ فترة في رفض تنظيم الاستحقاق في موعده المضبوط وفقا لخارطة الطريق المنبثقة عن الحوار السياسي في جنيف السويسرية.
وقال عبدالرحمن الشاطر عضو مجلس الدولة الاستشاري، المقرب من الإسلاميين، الأربعاء إن “السفير الأميركي عليه الاحتفاظ بنصيحته الداعية للتهدئة بين الليبيين لنفسه”.
وأردف الشاطر أن “لا اعتراض منا على الانتخابات بل على القوانين المعيبة. عندما يقول: أدعو لانتخابات وفق قاعدة دستورية نحترمه”.
وذهب الشاطر إلى أبعد من ذلك باقتراح إلغاء الاستحقاق المذكور أصلا قائلا في تغريدة على تويتر إن “تأجيل الانتخابات الرئاسية ليس حلا، المشهد يحتم إلغاءها وإعادة ترتيب الاستحقاقات ترتيبا منطقيا ومقبولا: الاستفتاء على الدستور ثم انتخاب برلمان ثم رئاسي، أو انتخاب برلمان ينظر في الدستور ويعتمده ثم انتخابات رئاسية”.
ويأتي الرفض الأميركي لتأجيل الانتخابات في وقت تبدو فيه تركيا وروسيا تدفعان نحو إرجاء الاستحقاق المذكور خاصة بعد استبعاد سيف الإسلام القذافي من السباق الرئاسي والذي تراهن عليه موسكو، فيما كان القلق التركي مرتبطا أساسا بإمكانية استبعاد الدبيبة من الاستحقاق.
لكن الدبيبة عاد مجددا إلى السباق للرئاسة بعد رفض الطعنين المقدمين ضد ترشحه لأول انتخابات رئاسية في البلاد، حيث رفضت محكمة استئناف طرابلس الأربعاء الطعنين المقدمين ضده.

ريتشارد نورلاند: الولايات المتحدة لن تسمح بتهديد الانتخابات الليبية
وأصدرت محكمة استئناف طرابلس حكمها، بعد يوم من تأجيلها نظر الجلسة التي كانت مقررة للحكم مساء الثلاثاء في خطوة تشكل منعرجا جديدا في الانتخابات خاصة أن الدبيبة يحظى بشعبية واسعة في الغرب الليبي بعد أن دشن سابقا حملة دعاية واسعة النطاق.
وبررت المحكمة قبولها طعنا مقدما ضد حفتر بأن “ما أصدره المجلس الأعلى للقضاء قرار وليس قانونا ما يجيز لها إمكانية استقبال الطعون والبت فيها”.ومساء الثلاثاء فاجأت المحكمة الابتدائية في الزاوية غربي البلاد المتابعين باستبعاد حفتر من السباق إلى الرئاسة رغم عدم اختصاصها حسب قرار صادر عن المجلس الأعلى للقضاء بشأن الطعون.
وغير معلوم ما إذا كانت مفوضية الانتخابات ستعتمد هذا القرار وتستبعد حفتر من السباق الرئاسي.
وفي المقابل، لا يزال الغموض يلف عودة سيف الإسلام من عدمها إلى السباق للرئاسة الليبية بعد تعطيل الجلسة المخصصة للنظر في الطعن الذي قدمه ابن القذافي في محكمة استئناف سبها.
ودخل السباق الرئاسي 98 مرشحا، قبل أن يتم إقصاء 25 منهم من بينهم القذافي، ليستقر السباق على 73 من ضمنهم حفتر ووزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق فتحي باشاغا والدبيبة.
وبالرغم من تقدم العملية الانتخابية إلا أن نجاح الاستحقاق في موعده من عدمه قد لا يقود ليبيا إلى الاستقرار فعليا كما يدفع إليه المجتمع الدولي، خاصة أن الخطوات اللازمة لذلك لم يتم المضي فيها على غرار توحيد المؤسسة العسكرية وتفكيك الميليشيات وترحيل المرتزقة وهي ملفات لم تخط حكومة الدبيبة نحو حلها.