فن بحريني يسائل الهوية في عالم مُتغيّر

يستعرض تسعة فنانين من أصل 60 فنانا تقدّموا للانضمام إلى برنامج “مجاورة” الفني الإرشادي في نسخته الأولى، ببيت السلمانية للثقافة والفنون في العاصمة البحرينية المنامة، 27 عملا فنيا تسائل الهوية وإشكالاتها حيال الأبناء والدين والثقافة.
المنامة – بتنظيم من فضاء مشق للفنون، وتحت رعاية سفارة الولايات المتحدة الأميركية، افتتح في بيت السلمانية للثقافة والفنون بالعاصمة البحرينية المنامة المعرض التشكيلي الجماعي “مجاورة”.
معرض يأتي ضمن مبادرة “مجاورة” الفنية الإرشادية التي يجتمع خلالها الفنانون الموهوبون بمعية فنانين محترفين تحت سقف واحد، بهدف تبادل التجارب، ونقل المعارف والخبرات في ما بينهم.
أسئلة حارقة
أعربت القائمة على أعمال السفارة الأميركية بالبحرين مارغريت ناردي عن إعجابها بالمبادرة، وقالت في كلمة ألقتها في الافتتاح “في الوقت الذي قضيته هنا، وجدت أن البحرينيين شعب مبدع وفني بشكل مذهل، حيث يدمجون بين التأثيرات الثقافية العديدة التي تعرفوا عليها من خلال التجارة على مرّ قرون من الزمان”.
اشتمل المعرض على 27 عملا امتلك بعضها القدرة على طرق مناطق جريئة، وتناولت قضايا متنوعة عكست مخاوف الشباب وقلقهم وتطلعاتهم حيال الحروب وآثارها على الأطفال، بالإضافة إلى اهتمام بعض التجارب بسؤال الهوية وإشكالاتها حيال الأبناء والدين والثقافة، مرتكزة على خلفيات ثقافية ذات عرقيات مختلفة المنابت والأفكار، ومتنوعة الهموم والهواجس.
وفي سؤال من “العرب” للفنان البحريني علي البزاز المشرف العام على المبادرة عن تاريخها وأهدافها، قال “انطلقت فكرة “مجاورة” من الحاجة إلى برامج تعليمية وتدريبية تسدّ النقص في الساحة الفنية في هذا الجانب، وتمدّ الفنانين الشباب والهواة بما يحتاجونه من ورش أساسية وجلسات وحوارات تساهم في صقل مهاراتهم، وتعميق فهمهم للعمل الفني، وخلق جسر بينهم وبين الفنانين المحترفين والمتخصّصين، كما تعمل على تزويدهم بالآليات الصحيحة للدخول في سوق الفن وتقديم أنفسهم بشكل مهني”.
وأضاف البزاز “تم اختيار تسعة مشاركين في المعرض من أصل 60 فنانا تقدّموا للانضمام إلى البرنامج، وذلك بعد نجاحهم في اجتياز مراحل القبول، حيث تخضع قواعد القبول للفرز والاختيار بصورة محترفة تؤكد أهمية التجربة التي نريد أن تصل رسالتها إلى الفنانين والمجتمع الفني، كما دخل المشاركون في العديد من الورش التدريبية والمحاضرات التثقيفية والجلسات الفنية على أيدي مختصين في الفن التشكيلي لمدة سبعة أشهر، وذلك لصقل مواهبهم وتعريفهم بالآليات الصحيحة واللازمة للاشتغال الفني”.
ويتابع “يمثل البرنامج أحد النماذج الناجحة للتعاون بين المؤسسات المعنية بالفنون والجهات الراغبة بدعم مجالات الفنون والثقافة، وفي مقدّمتها السفارة الأميركية في البحرين التي لا تدّخر وسعا للمشاركة في المبادرات الفنية، وذلك بتواصلهم الدائم معنا، ومع كل مهتم بتطوير المشهد الفني والثقافي في البحرين”.
ويأتي معرض “مجاورة” الذي عمل الفنانون المشاركون على تنظيمه بأنفسهم كمحطة أخيرة للبرنامج الذي استمر قرابة عام كامل، ليعكس عبر الأعمال المعروضة خلاصة ما خرج به الفنانون المختارون من خبرة من خلال انضمامهم إلى البرنامج الذي ينوي المشرفون عليه تنظيم نسخته الثانية في العام المقبل.
وكان قد شارك من الفنانين الهواة الذين تفاوتت أعمارهم ما بين 18 و35 سنة كل من علي مبارك، وأحمد الأسد، ونور الريس، ونور الماجد، وهناء مكي، وليلى السويد، ومريم صلاح، وخالد آل عباس وفاطمة العريض.
استغرق البرنامج قرابة العام، حضر المشاركون خلالها في مجموعة ورش فنية، من بينها: ورشة بعنوان “تاريخ الفن” مع جميلة السعدون، وورشة “الألوان” مع الفنان محمود حيدر، وورشة عن “أسس التصميم” مع الفنان جابر حسن، وورشة بعنوان “الفن في الفراغ (التركيب)” مع الفنان علي حسين، وورشة “رسم الشخوص” مع الفنان ناجي سوار، ومحاضرة “ريادة الفنون” مع صادق جعفر، و”ثيمة الفنان”، و”تنظيم المعارض” مع علي البزاز.
ورش فنية
عن مشاركته في البرنامج يقول الفنان خالد آل عباس “بدأت الرسم حين كنت في الثالثة من العمر، لم تكن لوحاتي وقتها تتجاوز الخربشات، لكن والديّ شعرا بأن في داخلي
موهبة وحبا للفن والرسم، فبدآ في تشجيعي وتوفير الدعم المطلوب. وكنت محظوظا حيث إن المدرسة التي التحقت بها كانت تهتم بتطوير مواهب طلابها، وتم ترشيحي لمركز الموهوبين التابع لوزارة التربية والتعليم البحرينية، وفيه كنت أرسم بإشراف متخصّصين لعدة سنوات تالية، وفي الوقت ذاته كان والداي يلحقاني بالدورات المختلفة في المراكز الفنية، ويحرصان على مرافقتي إلى مختلف المعارض الفنية والمتاحف في البلدان التي نزورها سنويا مثل متحف اللوفر في باريس ورويال غاليري في لندن”.
ويتابع “فرصة قبولي في برنامج مجاورة، كانت فرصة ذهبية بالنسبة لي لاستكمال ما بدأته في مشواري مع الفن التشكيلي، فالمحاضرات والجلسات النقاشية والتدريبية التي حضرتها للمختصين والأساتذة المتعاونين مع البرنامج كانت غنية بالمعلومات القيمة لتزويدنا بالآليات الصحيحة لتقديم أنفسنا بشكل مهني في عالم الفن. وفي معرض مجاورة، قدّمت ثلاث لوحات تتناول آلية الحرب والتلوث وتأثيرهما المباشر على الطفولة في العالم. وفي النهاية أشكر فضاء مشق وسفارة الولايات المتحدة الأميركية على إتاحة هذه الفرصة، متمنيا الاستمرار في دعمنا”.