فاضل كي شاعر سنغالي يسعى لنشر العربية

نواكشوط- أكد الشاعر والكاتب والناقد الأدبي السنغالي فاضل كي، أن أهم طموحاته واهتماماته تتمثل في العمل من أجل إيجاد مناخ أدبي عربي في بلده، الذي يصفه بـ“بوابة أفريقيا باتجاه الوطن العربي”.
وذكر، في مقابلة معه على هامش مشاركته في مهرجان نواكشوط للشعر العربي، أن لغة الضاد تحظى، منذ دخول الإسلام إلى السنغال وإلى اليوم، بحضور ودور معتبرين في تشكيل الثقافة في هذا البلد.
وأضاف كي أن عددا من المثقفين السنغاليين اشتهروا على مر التاريخ كشعراء أفذاذ، مشكلين بذلك البذرة الأولى لما يمكن أن يسمى الشعر السنغالي المكتوب بالعربية. وأورد في هذا السياق أسماء كلّ من الشيخ عمر الفوتي والشيخ أحمدو بمبا والحاج مالك سي والشيخ إبراهيم أنياس وغيرهم.
الأدب المكتوب بالعربية تطور في السنغال وهو ما تثبته مشاركات شعرائها في برامج عربية مثل مسابقة “أمير الشعراء”
ولد الأدب العربي الأفريقي جنوب الصحراء في وقت مبكر، إلا أن تسميته كانت محل نزاع بين الأدباء والكتاب ومن حذا حذوهم، فالدكتور علي شلش يسميه بالأدب العربي خارج إطار العربية، ومنهم من سماه أدب أفرو عربي، ويعني بذلك المنطقة التي اشتبكت فيها الثقافتان العربية والإسلامية والأدب الأفريقي
الجديد، ويعني بذلك المنطقة التي اشتبكت فيها الثقافة الأفريقية مع الثقافة العربية.
ويقول بعض الكتاب إن دخول اللغة العربية في أفريقيا كان عبر الإسلام وقد واجهت الأفارقة الصعوبات في تعلم اللغة العربية، لكن تحمسهم لها ما فتئ يشتد حينا بعد حين، حتى وظفوها في دواوينهم الرسمية وألفوا بها عدة كتب وخاصة في الشعر، حيث عكفوا على دراسة الشعر الجاهلي دراسة وحفظا وكانوا يحفظون معلقات وأشعار فحول الشعراء.
ونظموا أشعارهم بالعربية فيما هناك منهم من نظم الشعر باللغة المحلية، مستخدما الأبجدية والقوافي العربيتين نتيجة لتأثرهم بالشعر العربي المقفى، ومنهم من يكتب الشعر باللغة العربية الفصحى إلا أن الركاكة والضعف في التركيب كانا مهيمنان على قصائدهم إلى أن تمكنوا على تعاقب الأجيال من العربية لغة شعر وأدب.
وأشار الأديب السنغالي فاضل كي إلى بروز جيل جديد معاصر من الشعراء أبدعوا في مختلف الأغراض والفنون الشعرية والأدبية وانتشر إنتاجهم وتألق. وقد شارك بعضهم في المحافل الدولية للشعر العربي، خاصة في مسابقة “أمير الشعراء” في الإمارات ومسابقة “شاعر الجامعة” في المملكة العربية السعودية وغيرها.
وإن كان القرآن الكريم هو الموجه الأول والرئيس للحركة الأدبية العربية الإسلامية في كل مكان انتشر الإسلام فيه، وخصوصا في أفريقيا أم القارات والحضارات الأولى، الأمر الذي جعل القرآن الكريم النص الإمام والمصدر الأساس والمنوال الذي ينسج عليه، فإن الأدب المكتوب بالعربية في السنغال تطور ليتجاوز المجال الديني.
ويترأس كي “نادي السنغال الأدبي” الذي يحتضن شعراء وشاعرات كلاسيكيين وحداثيين وروائيين، بالإضافة إلى كونه إعلاميا ملتزما من خلال تأسيسه لمجلتي “الصحوة” و“الأفق الجديد” وإدارته لموقع “رفي دكار” الإخباري باللغة العربية.
وهو يؤكد، من موقع اطلاعه على الحراك الأدبي في بلاده، أن حركة التأليف في مختلف المجالات الدينية والثقافية في بلاده أصبحت نشطة في السنوات الأخيرة، فضلا عن ظهور الكثير من المواهب الشابة في شتى المجالات الثقافية، معتبرا أن السنغال تعيش “صحوة ثقافية أدبية واضحة”.
لغة الضاد تحظى، منذ دخول الإسلام إلى السنغال وإلى اليوم، بحضور ودور معتبرين في تشكيل الثقافة في هذا البلد
وقد تحمل الرجل الذي اشتغل أيضا في تدريس اللغة العربية مسؤولية جسيمة منذ تكليفه من طرف شعراء وكتاب السنغال برئاسة النادي المذكور، ما تطلب منه التحرك في أكثر من اتجاه لضمان تحقيق جملة من الأهداف من بينها إيجاد بيئة لتشجيع المواهب الأدبية واحتضانها في هذا البلد الفرانكفوني.
ويرى كي أن نشاطه في النشر الإعلامي العربي منذ عقدين من الزمن مثل وعاء ثقافيا ناطقا بهذه اللغة في السنغال، وظل صامدا رغم التحديات التي تعاني منها الصحافة المكتوبة بالعربية في هذا البلد.
أما موقع “رفي دكار” الإخباري، فيحرص الرجل من خلاله على تقديم الخبر باللغة العربية ونشر المقالات وتحفيز الكتاب السنغاليين على النشر، محاولا أن يقدم لعشاق لغة الضاد في السنغال وبلدان أفريقية أخرى خدمة إخبارية ثقافية شاملة تساعد على تطوير القدرات اللغوية وتنمي الثقافة العربية.
من جهة أخرى، تحدث كي عن علاقته بموريتانيا التي ظلت مرتبطة عنده، كما يؤكد، “بالثقافة والفصاحة والكرم والشهامة”. وقال “ليس من الصدف أن يكون للشعر في موريتانيا قيمته وقوته وجودته، فقديما عرفت موريتانيا ببلاد المليون شاعر”.
وأوضح الأديب السنغالي أن من يتابع العلاقات بين ضفتي نهر السنغال، يدرك لا محالة أن أهم رافد ورافع للعلاقة بين البلدين هو الجانب الثقافي والديني. واستشهد في هذا الإطار بمقولة للشيخ إبراهيم أنياس مفادها أن “على الضفتين شعب واحد في دولتين”.