غسان سلامة يبدي تفاؤلا بشأن فرص السلام في ليبيا

أبدى المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، السبت، تفاؤله بتحقيق الفرقاء الليبيين لخطوات حقيقية في طريق السلام، وعلى الرغم من الصعوبات ومحاولات أطراف دولية بعينها مثل تركيا عرقلة مبادرات الحوار السياسي التي تحط أشغالها في تونس هذه المرة، بهدف إفشالها وإطالة أمد الصراع، فإن سلامة يرى أن الليبيين اليوم يتخذون قراراتهم بأنفسهم كما لم يحدث من قبل، وأن البلاد باتت قريبة من إجراء انتخابات آمنة بما يكفي.
تونس – أكد مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى ليبيا غسان سلامة، السبت، أنه متفائل أكثر من أي وقت مضى بإمكان إنهاء العنف المستشري منذ عقد في هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا.
وأوضح الدبلوماسي اللبناني البالغ 69 عاما "أنا متفائل جدا. ما رأيناه في الشهرين الماضيين هو تراكم للعوامل الإيجابية".
وفيما حذر سلامة من منزله في باريس من أن "حربا مستمرة منذ عقد لا يمكن إيجاد حل لها في يوم واحد". لكن بعد أشهر من هدوء نسبي وسلسلة من الخطوات الإيجابية، قال سلامة إن الليبيين أظهروا "اهتماما متجددا" بالحوار.
وتحدث سلامة في مقابلة مع وكالة فرانس برس غداة اختتام الوفدين العسكريين الليبيين مفاوضاتهما برعاية الأمم المتحدة في ليبيا لوضع بنود اتفاق وقف إطلاق النار التاريخي الذي أبرم في أكتوبر.
وفي غضون ذلك، تجري محادثات سياسية برعاية الأمم المتحدة أيضا، في تونس بهدف تعيين حكومة مؤقتة لتنظيم انتخابات وإدارة بلد يعاني من صراع وأزمة اقتصادية وجائحة كوفيد – 19.
وقدمت الأمم المتحدة خلال محادثات تونس مسودة لخارطة طريق تنبني على أساس العمل على تشكيل حكومة موحدة ومجلس رئاسي يتكون من ثلاثة أعضاء ممثلين عن مناطق الشرق والغرب والجنوب.
وأعلنت الأمم المتحدة، مساء الجمعة، أن المندوبين في تونس وافقوا على إجراء الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر 2021. ويُشكّل هذا الإعلان أول قرار ملموس ينتج عن محادثات تونس. وستكون الانتخابات التي أعلِن إجراؤها أول انتخابات في ليبيا منذ 2014.
وقد ساعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في أكتوبر في تمهيد الطريق أمام مفاوضات جديدة من أجل السلام.
وتأتي التحركات الأخيرة بناء على مقررات مؤتمر برلين للسلام الذي تمكن سلامة من تنظيمه في يناير الماضي، وجمع فيه قادة القوى الأجنبية الرئيسية في ليبيا للمرة الأولى.
واعتبر المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا أنه "لم تكن الظروف متوفرة بهذا الشكل" في السابق. ورأى أن ليبيا أصبحت الآن قريبة من إجراء انتخابات آمنة بما يكفي "لتمثل بشكل مقبول إرادة الشعب". وتابع "أظن أنه يمكن القيام بذلك في الأشهر الستة أو السبعة المقبلة".
وحذّر محللون من أن اللاعبين المحليين والقوى الأجنبية قد يسعون إلى تخريب أي تسوية لا تخدم مصالحهم، وما يعزز هذه الفرضية امتثال حكومة الوفاق إلى الأجندة التركية التي تستغل خلافات الفرقاء لتوسيع نفوذها في البلد.
في المقابل تدعم روسيا الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في مواجهة الميليشيات والجماعات الإرهابية التي تتربص بـأمن البلد. وباتت روسيا في قلب الحدث الليبي، بعد أن نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أن يجعل موسكو رقما صعبا داخل أي تسوية سياسية تتعلق بمآلات الصراع في ليبيا.
لكن سلامة أشار إلى أن روسيا وتركيا اللتين وقعت كل منهما عقود إنشاء بنى تحتية بقيمة مليارات الدولارات مع ليبيا قبل سقوط القذافي، قد تستفيدان من السلام.
وأوضح "الليبيون مستعدون لاحترام هذه العقود" وهم يعيدون بناء بلدهم، مضيفا "في الحقيقة، هم في عجلة من أمرهم".
مع ذلك، يرى مراقبون أن فرص نجاح التسوية الليبية صعبة وأكثر تعقيدا مما يتخيلها البعض، لاسيما مع وجود قناعة لدى جانب من الحضور بهيمنة مجموعات وشخصيات مثيرة للجدل وحولها شبهات إرهاب، ما يثير مخاوف من تعويمها سياسيا.
بدوره، حذّر سلامة من بعض السياسيين وصفهم بأنهم "معرقلون" الذين انتخبوا في 2012 و2014 "ولا يريدون ترك مقاعدهم". لكنه أشار إلى أن الليبيين أمسكوا بزمام عملية التفاوض بأيديهم.
وقال "أستطيع أن أقول لكم إن الليبيين يتخذون قراراتهم بأنفسهم كما لم يحدث من قبل، منذ العام 2011".
وفي حين لفت إلى أن مشاورات الأمم المتحدة أظهرت أن الغالبية العظمى من الليبيين يريدون انتخابات وطنية، ثمة وسائل أخرى لقياس التقدم، وهي فتح طرق وإنتاج النفط بشكل منتظم وعودة النازحين إلى ديارهم. وتملك ليبيا أكبر احتياطي مثبت من النفط الخام في أفريقيا.
وفيما رأى أن ذلك من شأنه أن "يستغرق وقتا". لكنه قال إن "المبادئ التي اتفق عليها خلال مؤتمر يناير في ألمانيا، بدأت تؤتي ثمارها".
وختم بالقول "أنا سعيد جدا. الهيكلية التي أرسيت في برلين وجدت أخيرا طريقها إلى التطبيق".
وكان المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة قد استقال في مارس، مبررا خطوته بأسباب صحية وإجهاد، لكنه كان مهندس جهود الأمم المتحدة الحالية للسلام في ليبيا وبقي مشاركا فيها عن كثب. وأشار سلامة في وقت لاحق إلى أنه تعرض "للطعن في الظهر" من قبل أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وعيّن سلامة وهو وزير لبناني سابق للثقافة وأستاذ في العلاقات الدولية، مبعوثا للأمم المتحدة في يونيو 2017 وسعى جاهدا للتوسط بين الطرفين الليبيين.