عودة مدرسية في الجزائر محفوفة بمخاطر كورونا

الجزائر - التحق أكثر من خمسة ملايين تلميذ جزائري بمقاعد الدراسة بعد انقطاع دام أكثر من سبعة أشهر بسبب تفشي وباء كورونا، ورغم تطمينات السلطات المختصة بشأن التحكم في الوضع الصحي بالبلاد، إلا أن ذلك لم يحجب حالة القلق والحذر لدى الأولياء حول مصير أبنائهم ومصيرهم هم أيضا، في التفاوت في وفرة الإمكانيات الوقائية والصحية وإمكانية عودة الوباء إلى الانتشار.
وتضاربت المواقف بين السلطات المختصة والشركاء الاجتماعيين وجمعيات أولياء التلاميذ، بين مرحب بالعودة وبين محذر منها، لاسيما في ظل عودة مؤشر الإصابات بالفايروس إلى الارتفاع خلال الأيام الأخيرة، وتفاوت الإمكانيات الصحية والوقائية بين مدن وأرياف البلاد.
وأشرف رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد على إعطاء شارة انطلاق الموسم الدراسي الجديد، من مدينة باتنة بشرق البلاد، حيث وجه العديد من رسائل الطمأنة للأولياء.
كما كشف عن طموحات الحكومة لرقمنة العملية التعليمية، بدخول اللوحات الإلكترونية حيز العمل التدريجي في المدارس الجزائرية، وذلك بهدف التخلص من عبء المحفظة الثقيلة التي كانت محل شكوى منذ سنوات.
وأعلن عبدالعزيز جراد أيضا عن توفير جهاز اللوحة الإلكترونية لكل المتمدرسين على المستوى الوطني وتوزيعها تدريجيا على كل المدارس الابتدائية.
وشدد في حديثه مع المسؤولين المحليين والكوادر التعليمية، على ضرورة “احترام البروتوكول الصحي والالتزام التام بالتدابير الوقائية، لحماية التلاميذ والأسرة التربوية من فايروس كورونا، وأنه على الأولياء الأخذ بعين الاعتبار حماية أبنائهم، كما شدد على ضرورة تضافر جهود الجميع لجعل العودة المدرسية عودة موفقة للتلاميذ وللأسرة التربوية”.
وألح جراد على “ضرورة التزام كل المواطنين مع الدخول الاجتماعي من خلال حماية أطفالهم وأسرهم، ما سيساهم في استمرار الوعي الجماعي الذي أظهرناه منذ شهور، وبات يتوجب تكريسه في كل الميادين، وأن ثنائية الوعي مع الإمكانات التي وفرتها الدولة، مثلت عاملا مهما مكن الجزائريين من المحافظة على مستوى معقول من الإصابات رغم النقائص والمشاكل المتراكمة في القطاع الصحي”.
لكن في المقابل لا يزال الشركاء الاجتماعيون متوجسين من الدخول المدرسي الجاري، بسبب المخاوف من عودة العدوى وصعوبة التحكم في العملية قياسا بالإمكانيات الصحية واللوجستية المتواضعة، والمرافق غير المجهزة لمثل هذه الحالات.
وقررت وزارة التربية الجزائرية بعد مشاورات مع النقابات الناشطة في القطاع، إدراج بعض التدابير البيداغوجية لتخفيف الضغط على الحجرات والمدارس، فضلا عن البروتوكول الصحي المطبق، حيث لجأت إلى نظام تفويج الأقسام كي لا يتجاوز عدد التلاميذ في الفوج الواحد الـ20 تلميذا، مقابل تخفيف البرامج الدراسية المقررة.
وكانت النقابة الوطنية المستقلة لمساعدي ومشرفي التربية، قد عبرت عن موقفها “الرافض للدخول المدرسي لموسم 2020 و2021، خلال شهر نوفمبر القادم”، وبررت ذلك بـ “صعوبة التحكم والسيطرة على الظروف والأجواء العامة بالمؤسسات التربوية، خاصة أمام الإمكانات المحدودة لفرض وتطبيق برتوكول صحي يومي صارم”.
وذكر الأمين العام للنقابة سماعين بصري أن “مقترح الدخول المدرسي في الرابع من نوفمبر القادم (متوسط وثانوي)، مرفوض من أساسه، كونه سيفشل تبعا للمعطيات الموضوعية والظروف العامة، التي سترافق عودة التلاميذ إلى الدراسة، وأنه من المستحيل فرض التدابير الوقائية والاحترازية، لمنع العدوى والإصابة بكل مدارس ولايات الوطن، وضمانها بشكل يومي، خاصة بالمناطق النائية، ثم إن الواقع اليوم، يقر بوجود اختلال في توفير أدوات الحماية للجميع، أي بين المؤطرين المشرفين والتلاميذ”.