عودة صقور الجيش تهدد بالقضاء على حراك الجزائر

الشارع الجزائري متخوف بشأن عودة البعض من عناصر جناح صقور الجيش في فترة العشرية الحمراء إلى الواجهة، من خلال إمكانية الاعتماد على تصوراتهم في إدارة السلطة في البلاد.
الأحد 2020/12/27
ترتيبات لافتة داخل توجهات المؤسسة العسكرية

الجزائر- أكد المحامي والرئيس السابق للهيئة الاستشارية لحقوق الإنسان فاروق قسنطيني، صحة الأخبار المتداولة بشأن تواجد المدير السابق لجهاز الاستخبارات الجنرال محمد مدين (توفيق)، في إقامة رسمية لقضاء فترة نقاهة منذ ثلاثة أشهر، وهو ما يعزز فرضية تبرئة الرجل من تهمة التخطيط للانقلاب على قيادة الجيش ومؤسسات الدولة.

وذكر المحامي، الذي يعتبر العديد من رموز حقبة نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة من موكليه قانونيا، بأن “الجنرال توفيق، يتواجد منذ ثلاثة أشهر في إقامة رسمية بضواحي مدينة البليدة، لقضاء فترة نقاهة بعد إجراء عملية جراحية بعد إيداعه السجن في العام 2019″، وبذلك تتأكد الأخبار التي تداولتها دوائر ضيقة على مغادرة الرجل للسجن منذ نحو ثمانية أشهر.

وتشكل الخطوة مؤشرا قويا على ترتيبات لافتة داخل توجهات المؤسسة العسكرية، لاسيما بعد السماح لوزير الدفاع السابق الجنرال خالد نزار، بالعودة إلى الأراضي الجزائرية بعد إفراغ مذكرة توقيف دولية كانت قد صدرت في حقه العام الماضي، واستعداده لاستئناف الحكم القضائي الذي صدر في حقه غيابيا وحكم عليه بعشرين سنة سجنا نافذة.

ويعتبر محمد مدين، المدير السابق لجهاز الاستخبارات قبل أن يتم حله رسميا العام 2015 من طرف نظام بوتفليقة، وإحالته على التقاعد، أحد رموز “جناح الصقور” داخل الجيش الجزائري إلى جانب وزير الدفاع المذكور خالد نزار، قياسا على دورهما في إدارة العشرية الدموية والحرب على الإرهاب، وموقفهما من الإسلام السياسي.

محمد مدين، المدير السابق لجهاز الاستخبارات قبل أن يتم حله رسميا العام 2015 من طرف نظام بوتفليقة، وإحالته على التقاعد، يعدّ أحد رموز "جناح الصقور" داخل الجيش الجزائري

وإذا كانت التبرئة المرتقبة، لرموز الجناح المذكور واردة خلال محاكمات منتظرة بعد أسابيع قليلة، بعد قبول المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في البلاد) قبول النقض الذي تقدم به دفاع الجنرال توفيق، والاستئناف المنتظر من طرف الجنرال خالد نزار، فإن الغموض يكتنف مصير رجل الظل في النظام السابق سعيد بوتفليقة، الذي يرجّح أن تتم متابعته في قضايا مدنية تتصل بالفساد، وتبرئته من تهمة التخطيط للانقلاب، إلى جانب منسق جهاز الاستعلامات الجنرال عثمان طرطاق (بشير) الذي خلف توفيق في الجهاز خلال العام 2015.

ورغم تقاعد الرجلين عن المهام الرسمية، إلا أن نفوذهما ظل قائما داخل دواليب السلطة، فالجنرال توفيق كان محل مشاورات من طرف سعيد بوتفليقة، خلال الأشهر الأولى للحراك الشعبي، من أجل بلورة حل سياسي للأزمة. أما خالد نزار فقد كان على تواصل دائم مع موالين له داخل المؤسسة العسكرية خلال تواجده في منفاه بإسبانيا، كما لم يتوان في توجيه رسائل سياسية لقائد الجيش السابق الجنرال الراحل أحمد قايد صالح.

وفيما يستبعد أيّ دور مباشر لهم في المرحلة الجديدة، فإن المخاوف في الشارع الجزائري قائمة بشأن عودة جناح الصقور إلى الواجهة، من خلال إمكانية الاعتماد على تصوراتهما في إدارة السلطة، لأيّ عودة محتملة للاحتجاجات السياسية بعد عودة الحياة الاجتماعية العادية للبلاد، وتلاشي خطر الجائحة الصحية.

وكان القائد السابق للجيش، قد شنّ حملة تغييرات واسعة داخل المؤسسة العسكرية منذ العام 2018، وسلط سيفه على العشرات من الجنرالات والضباط السامين، مما اضطر بعضهم إلى الفرار إلى خارج البلاد، كما هو الشأن بالنسبة إلى قائد جهاز الدرك السابق الجنرال الغالي بلقصير، خالد نزار، سعيد باي، بينما يتواجد آخرون في السجون العسكرية بتهم الفساد وسوء استغلال الوظيفة والتربح غير المشروع، غير أن رحيله المفاجئ في ديسمبر 2019، سرعان ما أعاد هؤلاء بقوة إلى الواجهة مقابل سقوط مدوّ للمقربين منه، حيث يتواجد منذ أسابيع كل من الجنرال عبدالقادر لشخم، علي العكروم، وقبلهما واسيني بوعزة في السجن العسكري.

وهو الأمر الذي كرس لعبة ليّ الذراع وتصفية الحسابات بين أجنحة المؤسسة، الأمر الذي انعكس على أداء المؤسسات الأخرى وأطال عمر الأزمة السياسية في البلاد، حيث يكتنف هرم السلطة غموضا كبيرا، في ظل غياب الرئيس عبدالمجيد تبون عن البلاد منذ شهرين بسبب وعكة صحية ألمّت به، وعمق حالة الاحتقان الداخلي ما ينذر بانفجار وشيك خاصة في ظل إمكانية عودة صقور الجيش من أجل القضاء على الحراك الشعبي.

2