عنف الاحتجاجات الأميركية يتزايد غير مبال بالحظر

اتساع رقعة التظاهرات المناهضة للعنصرية يتجاوز حدود الولايات المتحدة.
الثلاثاء 2020/06/02
صدى صوت فلويد يتردد في التظاهرات

تعيش العديد من المدن الأميركية على وقع تزايد نسق التظاهرات الاحتجاجية على مقتل مواطن أسود على يد الشرطة حيث أصبحت مصحوبة بعنف متصاعد وأعمال شعب ونهب وتخريب لتتحول إلى مصدر قلق حقيقي للحكومات المحلية والبيت الأبيض الذي طالته نيران الاحتجاجات، ولم ينجح أي إجراء في تخفيف وتيرتها التي تأتي في وقت تخوض فيه الولايات المتحدة معركة حامية الوطيس ضد الوباء العالمي.

واشنطن - تزايد عنف الاحتجاجات على مقتل المواطن الأسود جورج فلويد على يد رجل شرطة في أرجاء الولايات المتحدة دون أن يبدي المتظاهرون أي مبالاة بالحظر المطبق في البلاد بسبب تفشي وباء كورونا.

وفرض حظر تجول في مدن أميركية كبرى إثر وقوع صدامات على خلفية العنف الممارس من قبل الشرطة، وسط تجاهل المتظاهرين تحذيرات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن حكومته ستضع حدا للاحتجاجات العنيفة.

وفُرض حظر للتجوّل الأحد في واشنطن، بعد خروج تظاهرات جديدة قرب البيت الأبيض، حسب ما أعلن رئيس بلديّة العاصمة موريل باوزر الذي أكد أنه أمر بنشر الحرس الوطني في المدينة لدعم الشرطة.

وتجمع المئات من الأشخاص مساء الأحد أمام البيت الأبيض الذي وُضع تحت حراسة مشدّدة. وألقى بعض المتظاهرين زجاجات ماء باتّجاه الشرطة.

وفي اليوم السابق، كانت واشنطن على غرار مدن أخرى في البلد، مسرح توتّرات ومشاهد غضب.

وكانت وفاة فلويد في ولاية مينيسوتا سببا لاحتجاجات عنيفة أجبرت قوّات الحرس الوطني على تسيير دوريّات في مدن أميركيّة عدّة الأحد.

وحاولت شاحنة صهريج شق طريقها الأحد بين الآلاف من المتظاهرين على جسر في وسط مينيابوليس في مينيسوتا، وهو الأمر الذي استدعى تدخلا لعدد كبير من عناصر الشرطة.

وقالت الشرطة المحلية في بيان إنّه لم تُسجَّل على الأرجح إصابات في صفوف المتظاهرين، واصفة ما حصل بأنه واقعة “مزعجة جدا”.

وأصيب سائق الشاحنة بجروح لكنّ حياته ليست في خطر، وقد اعتُقل ونُقل إلى المستشفى.

والتظاهرة التي خرجت احتجاجا على وفاة جورج فلويد بأيدي الشرطة، انطلقت من الكابيتول في سانت لويس حيث برلمان مينيسوتا. واتجهت التظاهرة التي ضمت نحو ألفي شخص في أجواء سلمية نحو وسط مينيابوليس.

وزار المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن الأحد موقعا يحتج فيه مناهضون للعنصرية، في ولاية ديلاوير، قائلا إن الولايات المتحدة “تتألم”. وكتب بايدن في تويتر “نحن أمة تتألم الآن، ولكن يجب ألا نسمح لهذا الألم بتدميرنا”.

ودارت مواجهات في أكثر من عشرين مدينة بينها لوس أنجلس وشيكاغو وأتلانتا، ما دفع السلطات في هذه المدن إلى فرض حظر تجول ليلي، في حين استدعت ولايات عدة قوات الحرس الوطني للمساعدة في السيطرة على الاضطرابات الأهلية التي لم تشهد الولايات المتحدة مثيلا لها منذ سنوات عدة. ومن سياتل إلى نيويورك تظاهر عشرات الآلاف للمطالبة بتوجيه تهمة القتل العمد وتوقيف آخرين في قضية فلويد، الذي قضى اختناقا بعدما ثبّته الشرطي الأبيض ديريك شوفين على الأرض بساقه.

وفي لوس أنجلس أطلق عناصر الأمن الأعيرة المطاطية واستُخدمت الهراوات لتفريق متظاهرين أحرقوا سيارة تابعة للشرطة.

وفي مدن عدة بينها نيويورك وشيكاغو وقعت مواجهات بين المحتجين والشرطة التي استخدمت رذاذ الفلفل ردا على رشقها بمقذوفات، في حين تم تكسير الواجهات الزجاجية لمحال عدة في فيلادلفيا.

وأفادت وسائل إعلام أميركية بتوقيف عدد من الأشخاص في مينيابوليس وسياتل ونيويورك.

وأعلنت شرطة مينيابوليس العثور فجر الأحد على جثة قرب سيارة محترقة. وقال المتحدث باسم الشرطة جون إلدر إنّه جرى فتح تحقيق لكشف الملابسات. ولم يتّضح ما إذا للأمر علاقة بالاحتجاجات.

واتّهم ترامب اليسار المتطرّف بإثارة أعمال العنف التي شملت النهب وإشعال الحرائق.

وقال ترامب الذي أدان مرات عدة الموت “المفجع” لجورج فلويد، إن المتظاهرين يلحقون العار بذكرى الرجل.

واعتبر أنه “يجب علينا ألا نسمح لمجموعة صغيرة من المجرمين والمخربين بتدمير مدننا”. ونسب حالة الفلتان إلى “مجموعات من اليسار الراديكالي المتطرف” وخصوصا المعادين للفاشية.

وفي مينيسوتا، أعلن الحاكم تيم والتز حشد جنود الحرس الوطني في الولاية البالغ عددهم 13 ألفا، ما يعد سابقة.

وليل السبت أغلقت كل الطرق السريعة المؤدية إلى مينيابوليس مع تحليق للمروحيات العسكرية في أجواء الولاية وسط تخوّف من استمرار أعمال الشغب والنهب وإشعال الحرائق.

المواجهات دارت في أكثر من عشرين مدينة بينها لوس أنجلس وشيكاغو وأتلانتا، ما دفع إلى فرض حظر تجول ليلي

ويقول الكثير من أبناء الولاية إن غالبية أعمال العنف يرتكبها أشخاص أتوا من خارجها.

وفي النهار حاول السكان إعطاء صورة أخرى للمدينة. وقالت كايلي جونسون (28 عاما) إن مينيابوليس “مريضة وتحترق”، وأضافت أن “كل ما أستطيع فعله هو التنظيف”.

وفي مدينة هيوستن مسقط رأس فلويد وحيث سيدفن، قالت ربة العائلة شافون إيلين إنها “منهكة وحزينة” من رؤية “إخوتها وأخواتها يقتلون بالخطأ بيد شرطة هيوستن ولم يتم تحقيق العدالة يوما”. وأعلن رئيس بلدية هيوستن في مؤتمر صحافي أن جثمان فلويد سيعاد إلى المدينة.

ونشرت ثماني ولايات على الأقل، بينها تكساس وكولورادو وجورجيا، الحرس الوطني الذي تم نشره أيضا في محيط البيت الأبيض لاحتواء الاحتجاجات.

ويواجه ترامب أخطر موجة أعمال عنف أهلية في عهده الذي تطغى عليه أيضا جائحة كوفيد – 19.

وسجّلت أعمال نهب في ميامي حيث تم فرض حظر تجول، في حين وَصف رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلاسيو بـ”المثير للاستياء” تسجيل فيديو يظهر على ما يبدو سيارة تابعة لشرطة نيويورك تصدم محتجين في بروكلين، من دون أن يندد بسلوك عناصر الشرطة.

وفي لوس أنجلس، مدد رئيس بلدية المدينة حظر التجول المفروض بعدما تزايدت أعمال النهب. وأشعلت حرائق في جادة ميلروز، وفي فندق قرب ساحة لافاييت في واشنطن.

ومن المتوقّع أن تتواصل الاحتجاجات على الرغم من توقيف شوفين الذي طرد من شرطة مينيابوليس، وتمّ توجيه تهمة القتل غير العمد إليه الجمعة. وتطالب عائلة فلويد ومتظاهرون بتوجيه تهم أشد وتوقيف ثلاثة شرطيين آخرين في القضية. ونظّمت تظاهرات سلمية في مدينة تورونتو الكندية، بعدما اتّسعت رقعة التنديد بالعنف الممارس من قبل الشرطة لتتخطى حدود الولايات المتحدة.

ورفع المتظاهرون الكنديون الذين وضع معظمهم كمامات بسبب فايروس كورونا المستجد، لافتات كتب عليها “حياة السود تهم” و”لم أعد قادرا على التنفس”، العبارة التي قالها فلويد عندما كان الشرطي يثبته على الأرض.

وتحدّى المئات من سكّان لندن تدابير الإغلاق المرتبطة بفايروس كورونا المستجدّ ونظّموا مسيرة احتجاجيّة أمام السفارة الأميركية الأحد، تضامنا مع من يتظاهرون في أنحاء الولايات المتحدة تأييدا لقضيّة فلويد.

5