عقبات شاقة تعرقل جهود جني الزيتون وتسويقه في تونس

شحّ المياه وغلاء التكاليف وعدم تشجيع المزارعين تزيد من معاناة القطاع.
الاثنين 2022/11/28
لا يهم التعب في النهاية ستجنون المال!

يصطدم قطاع إنتاج الزيتون الذي يعتبر من أبرز القطاعات الحيوية في تونس بعدة مشاكل تتعلق أساسا بصعوبات الإنتاج وجني المحصول وتسويقه، في ظل الجفاف وغلاء التكاليف، فضلا عن ضعف دور الدولة في دعم المزارعين.

تونس – أكد عاملون في القطاع الزراعي التونسي أن حسابات محصول الزيتون هذا الموسم ستقل كثيرا عما تم جنيه في العام الماضي بسبب تأخر نزول الأمطار مما سينعكس على إنتاج الزيت، لكن الأسعار المرتفعة ستبقي على الآمال في تحقيق عوائد عالية.

ويعاني قطاع زيت الزيتون من صعوبات عديدة أدت إلى تراجع كبير في الإنتاج خلال السنوات الأخيرة جرّاء التغيرات المناخية وقصور دور الدولة في إيجاد الحلول اللازمة لدعم المزارعين في هذا القطاع الحيوي.

وتعتبر تونس أحد أبرز منتجي العالم وبجودة عالية من خلال أكثر من 14 مليون شجرة مع مساهمة القطاع بنحو 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

المولدي الرمضاني: هناك عزوف كبير عن العمل لجمع كميات الزيتون
المولدي الرمضاني: هناك عزوف كبير عن العمل لجمع كميات الزيتون

وكشف الرئيس المدير العام لديوان الزيت حامد حسن الدالي في وقت سابق من هذا الشهر أن تقديرات إنتاج زيت الزيتون للموسم الحالي تناهز 200 ألف طن، ما يمثل تراجعا بنسبة 20 في المئة عن الموسم السابق.

ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن الدالي قوله إن “هذا التراجع يعود إلى الجفاف وقلة الأمطار خاصة بمناطق الساحل والوسط، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة”. وأضاف “نفس الوضعية عاشتها بلدان أخرى من العالم من بينها إيطاليا وإسبانيا”.

وبحسب الدالي فإن تراجع الإنتاج العالمي إلى 2.7 مليون طن هذا العام مقارنة بنحو 3.2 مليون طن في العام السابق أدى إلى ارتفاع أسعار زيت الزيتون، ما سيمكن تونس من الحفاظ على نفس قيمة صادراتها العام الماضي رغم انخفاض الإنتاج.

وسجلت تونس درجات حرارة قياسية في سبتمبر وأكتوبر الماضيين لم تعرفها منذ عقود طويلة خلال نفس الفترة.

ويتوقع عضو نقابة الزياتين بالساحلين عبد الله الصحراوي أن يتراوح سعر زيت الزيتون بين 13 و14 دينارا (4.8 و4.4 دولار) للتر الواحد هذا الموسم.

وقال في تصريح لإذاعة محلية، إن “توقعات المحصول ستتحقق أساسا في سيدي بوزيد بنحو 38 ألف طن والقيروان بحوالي 32 ألف طن وصفاقس بنحو 15 ألف طن”.

ويقدر معدل الصادرات التونسية السنوية من زيت الزيتون خلال العقد الأخير بما لا يقل عن 145 ألف طن، يذهب أغلبها إلى الأسواق الأوروبية حيث تمثل الصادرات قرابة 80 في المئة من الإنتاج المحلي.

محمد النصراوي: جهود الدولة لا تكفي ويجب تحلية المياه وحفر الآبار
محمد النصراوي: جهود الدولة لا تكفي ويجب تحلية المياه وحفر الآبار

ويعد العثور على اليد العاملة لجني المحصول من أكبر المشاكل التي يعاني منها القطاع، ذلك أن النشاط يستقطب النساء على حساب الرجال، فضلا عن غياب دور الدولة لدعم المزارعين.

ووصف المولدي الرمضاني رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة بولاية (محافظة) القيروان الموسم بـ”المتوسط”، قائلا إن “محصول الزيتون تراجع بسبب قلة الأمطار وتواصل الجفاف وطول مدّة الحرارة”.

وقال لـ”العرب”، إن “هناك مشكلة في توفير اليد العاملة لجمع الزيتون وفي القطاع الزراعي عموما”، كما أن دور الدولة غائب في مساندة المزارعين ودعمهم.

وأوضح أن ثمة عزوفا كبيرا على العمل لجمع كميات الزيتون خصوصا من الرجال، ما أدى إلى تشغيل النساء المتقدمات في السن (بين 50 و80 سنة) ويتقاضون أجورا يومية تتراوح بين 15 و20 دينارا.

ولفت الرمضاني إلى أن تونس شهدت في 2018 حصادا قياسيا للزيتون في حدود 650 ألف طن، لكن هذه السنة استثنائية والسوق العالمية تشهد نقصا فادحا، ما يجعل الزيت التونسي في طريق مفتوح للتسويق، خلافا للسنوات السابقة.

وتابع “نستهلك ما بين 35 و60 ألف طن، والجزء الأكبر يذهب إلى التصدير، كما أن الأسعار تتحكم فيها السوق العالمية على غرار إسبانيا وإيطاليا”.

ورغم أن البلاد تواجه أزمة نقص حاد في المياه الصالحة للري أو الاستهلاك البشري، ما يجعلها أمام تحدّي إعادة النظر في خارطتها الزراعية خلال الفترة المقبلة، لكن هناك إصرارا كبيرا على ما يبدو على الاستثمار في القطاع.

ووفق أرقام رسمية، يبلغ مجموع الموارد المائية التونسية 4.8 مليار متر مكعب، بينما عدد السدود يبلغ 35 سدا بطاقة تعبئة تقدر بنحو 2.7 مليار متر مكعب.

صعوبات عديدة أدت إلى تراجع كبير في الإنتاج
صعوبات عديدة أدت إلى تراجع كبير في الإنتاج

وأفاد محمد النصراوي كاتب عام الجامعة الوطنية لمنتجي الزياتين باتحاد الفلاحة أن “المحصول قليل بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، فضلا عن صعوبات في اليد العاملة مثل كل موسم، ومشاكل حماية الإنتاج من السرقة”.

وأكّد لـ”العرب”، أن “مجهودات الدولة لا تكفي لمواجهة تلك المشاكل، ولا بد من التفكير في تحلية مياه البحر وحفر الآبار للحصول على الماء”.

ولفت النصراوي إلى أنه “توجد مشاكل على مستوى تمويل المزارعين حيث ترتفع نسبة الفائدة على القروض إلى 10 في المئة مقارنة بإسبانيا وإيطاليا التي لا تتجاوز 1.5 في المئة”.

واستطرد “هناك نسبة 95 في المئة من أشجار الزيتون تعتمد على مياه الأمطار، كما نسجل ارتفاعا في كميات الإنتاج سنة بسنة، وهو ما يفرض إيجاد آليات للتخزين حتى نحافظ على أسواقنا الخارجية ونتحكم في الأسعار”.

رغم أن البلاد تواجه أزمة نقص حاد في المياه الصالحة للري أو الاستهلاك البشري، لكن هناك إصرارا كبيرا على ما يبدو على الاستثمار في القطاع

ويرجّح أن تواجه تونس ارتفاعا في معدلات الحرارة وانخفاضا شديدا في تساقط الأمطار وارتفاع مستوى البحر وزيادة حدة الظواهر المناخية القاسية، والتي تتمثل في الجفاف الحاد والعواصف الشديدة.

وكشف شحّ المياه في السنوات الأخيرة عن واقع صعب يمر به المزارعون خصوصا، ما عمّق أزمة تونس الاقتصادية التي تعاني منها جراء تراجع العديد من القطاعات الإنتاجية الإستراتيجية.

وإزاء ارتفاع التهديدات بتراجع مخزونات المياه أبدى الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري مرارا قلقه من انعكاسات تراجع مياه الري على الزراعة التي تستأثر بنحو 80 في المئة من احتياجات البلاد من المياه.

وسجل الإنتاج العالمي للزيتون نقصا بواقع 25 في المئة بسبب الجفاف في بلدان المتوسط وموجات الحرارة ونقص الأمطار.

ويدرّ تصدير زيت الزيتون على تونس، وهي أول منتج للزيتون البيولوجي، نحو مليار دينار (620 مليون دولار)، ويشكل 40 في المئة من مجموع الصادرات الغذائية.

10