طالبان تستعدّ لاجتياح وادي بانشير آخر معاقل المقاومة

محاصرة الوادي من ثلاث جبهات وسط تأكيد على ضرورة تجنب القتال.
الثلاثاء 2021/08/24
التوجه للسيطرة على آخر معاقل المقاومة

فرضت حركة طالبان الاثنين حصارا من ثلاث جبهات على وادي بانشير آخر معاقل المقاومة الأفغانية تمهيدا لاجتياح الوادي والسيطرة عليه رغم تأكيد الحركة على ضرورة تجنب القتال، لكن أحمد مسعود الذي يقود القوات المناهضة لطالبان في الوادي يضع شروطا من بينها التفاوض على حكومة شاملة لتسليم المدينة.

كابول - اقتربت حركة طالبان الاثنين من وادي بانشير آخر المناطق الخارجة عن سيطرتها حيث فرضت حصارا عليها من ثلاث جبهات.

وأكدت الحركة أن مقاتليها يحاصرون المنطقة لكنهم يسعون إلى التفاوض بدل المواجهة في المنطقة التي كانت في السابق عصية عليهم كما على القوات السوفيتية.

ويأتي إعلان طالبان في أعقاب تقارير عدة أفادت عن وقوع اشتباكات خلال ليل الأحد-الاثنين، في وقت تحدّثت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي عن حشد مسلّحين فيما أشار نائب الرئيس الأفغاني السابق إلى صمود القوات المناهضة لطالبان.

وقال الناطق باسم طالبان ذبيح الله مجاهد في تغريدة على تويتر، إن مقاتلي الحركة “متمركزون قرب بانشير”، مؤكدا بأن المنطقة محاصرة من ثلاث جبهات.

وأضاف “تحاول الإمارة الإسلامية (طالبان) حلّ المسألة سلميا”.

ذبيح الله مجاهد: الإمارة تحاول حل أمر وادي بانشير سلميا رغم أنها محاصرة

ونفت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي موالية للقوات المقاومة لطالبان مزاعمها وردت في وقت سابق قائلة إن تلك القوات تراجعت، مشيرة إلى أن مقاتلي طالبان تعرّضوا إلى كمين وتم دحرهم.

ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من مزاعم الطرفين والواردة من منطقة جبلية نائية يصعب الوصول إليها.

ويأتي ذلك في وقت انتزعت فيه طالبان السيطرة على ثلاث مناطق مجاورة لبانشير من قبل ميليشيات محلية.

وقال المتحدث باسم طالبان الاثنين “إن قوات الحركة استعادت السيطرة على ثلاث مناطق في شمال أفغانستان كانت قد سقطت في أيدي الميليشيات الأسبوع الماضي”.

وكانت ميليشيات محلية سيطرت على بنو وده صالح وبل حصار في إقليم باغلان في أول بوادر على وجود مقاومة مسلحة لحركة طالبان منذ سيطرتها على العاصمة كابول في 15 أغسطس.

ولا تزال بانشير، المعروفة بدفاعاتها الطبيعية إذ لم تتمكن القوات السوفيتية ولا مقاتلو طالبان في الماضي من اختراقها قط، آخر معقل رئيسي للقوات المناهضة لطالبان بقيادة أحمد مسعود، نجل قائد “المجاهدين” سابقا أحمد شاه مسعود.

كما أن نائب الرئيس الأفغاني الأسبق أمرالله صالح متواجد في المنطقة، حيث ظهر في صور انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا وهو يُجري محادثات مع مسعود.

ويحيط بالوادي خندق ضيّق يجعل دخول المنطقة ومغادرتها أمرا صعبا للغاية بالنسبة إلى القادمين من الخارج، إذ يتعيّن على القوات المتمركزة في مناطق أكثر ارتفاعا نقلهم.

حجد القوات من أجل السيطرة على وادي بانشير
حجد القوات من أجل السيطرة على وادي بانشير

وقال متحدث باسم “جبهة المقاومة الوطنية” المناهضة لطالبان بقيادة مسعود في وقت سابق، إن القوة مستعدة “لنزاع طويل الأمد” لكنها تفضّل التفاوض على حكومة تمثل مختلف الأطراف.

وصرح علي ميسم نظري الناطق باسم “جبهة المقاومة الوطنية” بقيادة مسعود، بأن الجبهة مستعدة “لصراع طويل الأمد” لكنها ما زالت تسعى للتفاوض مع طالبان بشأن حكومة شاملة.

وقال إن “شروط اتفاق السلام مع طالبان تقوم على اللامركزية، وهو نظام يضمن العدالة الاجتماعية والمساواة والحقوق والحرية للجميع”.

ومنذ أيام رفض أحمد مسعود تسليم وادي بانشير سلميا بعد سقوط العاصمة الأفغانية كابول بيد طالبان وفرار الرئيس أشرف غني.

وقال نجل أحمد شاه مسعود “نريد من طالبان أن تدرك أن السبيل الوحيد للمضي قدما هو المفاوضات… لا نريد اندلاع حرب”.

وأضاف “تصدينا للاتحاد السوفيتي وقادرون على التصدي لطالبان”، معتبرا أنه ليست لديه مشكلة في حكومة تشارك فيها طالبان وأن أفغانستان بحاجة إلى حكومة شاملة، لكنه لفت إلى أنه “إذا حاولت طالبان فرض فكرها فإن ذلك مخالف للشريعة”.

ومنذ انهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، تعزز طالبان سيطرتها على البلد بأكمله وتعقد اجتماعات مع خصوم الأمس، بمن فيهم السياسيون المعارضون وأمراء الحرب، لكن وادي بانشير لا تزال خارج سيطرتها.

وبالإضافة إلى القوة التابعة لمسعود، يتواجد في بانشير أكثر من ألف نازح من مختلف أنحاء أفغانستان، تدفّقوا على الوادي بحثا عن ملاذ آمن، وفقا لما صرح به نظري.

وقال “نشهد تحوّل بانشير إلى منطقة آمنة لكل المجموعات التي تشعر بأنها مهدّدة في مناطق أخرى”.

وأوضح نظري أن المنطقة تشهد تدفّقا لمثقفين ونشطاء في الدفاع عن حقوق النساء والإنسان، وسياسيين “يشعرون بأنهم عرضة لتهديدات طالبان”.

ويرى أن مسعود مصمم على الوقوف إلى جانب سكان الوادي ومواصلة مسيرة والده، وكان مسعود طلب من الولايات المتحدة تزويده بالأسلحة في مقالة نشرتها صحيفة واشنطن بوست الخميس.

وقال إن “الحرب مجرّد نتيجة ثانوية للنزاع في أفغانستان. سبب النزاع هو أن أفغانستان بلد يتألف من أقليات إثنية… ولا يمكن لإثنية واحدة أن تهيمن على السياسة وأن يبقى حضور الإثنيات الأخرى هامشيا”.

وشدد نظري على أن المقاومة التي يقودها مسعود وغيره في مختلف أنحاء أفغانستان تكتسي أهمية كبرى على صعيد تحقيق هذا التغيير، مضيفا أن “بانشير لطالما كانت منارة للأمل”.

5