صندوق مهرجان البحر الأحمر يدعم أفلاما عراقية

لا يجد المخرجون العراقيون الدعم المادي الكافي من الجهات الرسمية وغير الرسمية في البلاد، فالسينما لم تحظ بعد بالاهتمام الكافي ولا تزال رهينة المزاج السياسي العام، لكنهم قد يجدون في برامج الدعم التابعة للمهرجانات السينمائية العربية، فرصة لدعم مشاريعهم الإنتاجية خاصة وأنها تطرح أفكارا ومواضيع غير تقليدية، وتقدم طرحا فنيا جديدا نابعا من تكوين المخرجين واطلاعهم على مدارس فنية متنوعة.
يواصل مبدعو السينما العراقية الشباب محاولاتهم ومبادراتهم الجادة من أجل دوران عجلة الإنتاج السينمائي العراقي المتلكئة منذ عقود من خلال حراك فعّال وناجح وضروري باعتماد صيغة الإنتاج المشترك مع جهات عربية وأجنبية، حيث باتت هذه الصيغة الإنتاجية، حبل الإنقاذ الحقيقي والواقعي للسينما العراقية التي تعاني من عدم وجود إستراتيجية حقيقية من لدن الدولة للنهوض بها على أسس علمية ومهنية وإبداعية رصينة، أسوة بما هو معمول به في دول المنطقة العربية والشرق الأوسط والعالم.
وكانت الدولة وما زالت، وبالذات الحكومة، تعتمد على أسلوب الهبة سيء الصيت لتقديم الدعم الذي لا يحقق النهوض الحقيقي المطلوب بالقطاع السينمائي وحتى الفني والثقافي عامة، والذي يكون دوما رهين الأمزجة أو القرب والبعد من هذا المسؤول أو ذاك كما حصل مع مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013 على سبيل المثال.
وجاء فوز ثلاثة أفلام لمخرجين عراقيين بدعم صندوق مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الذي ستنعقد دورته الثانية في الفترة الممتدة من 11 إلى 20 نوفمبر المقبل، من بين 23 فيلماً عربياً وأجنبياً، ضمن المرحلة الرابعة والأخيرة للمشاريع لما بعد الإنتاج، التي تهدف إلى دعم مخرجي الأفلام ورواد الثقافة السينمائية في السعودية والعالم العربي وأفريقيا، وذلك من أجل تطوير المهارات والخبرات والمساهمة في تحويل الرؤى إلى إبداعات ماثلة على أرض الواقع.
حراك فعال وضروري للسينمائيين العراقيين الشباب باعتماد صيغة الإنتاج المشترك مع جهات عربية وأجنبية
ويحث صندوق البحر الأحمر على تقديم الأفكار والرؤى المبتكرة والجريئة التي تعمل على سرد مواضيع متنوعة تساهم في إثراء تجربة المشاهد مع قدرتها على منح الجمهور جرعة من الترفيه، إذ يُعنى الصندوق في – مرحلة ما بعد الإنتاج – باستقبال فئات الأفلام الروائية والوثائقية وأفلام التحريك الطويلة. أما في مرحلة تطوير المشاريع فإن الصندوق يُعنى باستقبال الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والأفلام الوثائقية وأفلام التحريك والمسلسلات.
شمل الدعم الفيلم الوثائقي الطويل “نساء حياتي” وهو إنتاج مشترك بين العراق وسويسرا، ومن إخراج زهراء غندور التي مارست مهنة التمثيل إلى جانب عملها كمخرجة أفلام وثائقية، والتي جعلتها واحدة من أبرز الشخصيات في صناعة الأفلام العراقية الناشئة، وسبق لها أن لعبت دور البطولة في الأفلام الروائية العراقية الطويلة، منها فيلم “الرحلة” لمحمد الدراجي، و”بغداد في خيالي” لسمير جمال الدين، و”ميسي بغداد” لسهيم عمر خليفة.
وفيلم “نساء حياتي” من إنتاج كل من زهراء غندور وسمير جمال الدين، ويعد فيلمها الوثائقي الطويل الأول، الذي تتمحور قصته حول ثلاث نساء في بغداد، حيث تسعى زهراء إلى الابتعاد عن الطرق التقليدية في بناء المشاريع الفنية وشكلها، وتقديم المرأة العراقية كما هي بحلوها ومرها، بصورة خالية من المجاملات.
وسبق أن حظي مشروع هذا الفيلم بجائزة التطوير من مؤسسة روبرت بوش الألمانية وهي إحدى مبادرات مهرجان برلين السينمائي الدولي لدعم الأفلام، ومهرجان الجونة السينمائي، وغيرهما.
أما الفيلم الثاني فهو الفيلم الروائي الطويل “الحافلة الحمراء في بغداد” من العراق وسويسرا وكندا، وهو من إخراج الفنان علي محمد سعيد، وإنتاج عايدة شلايبفر، ويمثل أيضاً أول فيلم روائي طويل للمخرج علي محمد سعيد الذي سبق له أن أخرج فيلم “موصل980” ومثل العراق في مسابقة الأوسكار فئة الفيلم القصير ورعى حملته الإعلامية الموسيقار العراقي والعالمي نصير شمة.
علي محمد سعيد لديه تجارب وتواصل مهم في إطار السينما العراقية وسبق أن عمل مديراً فنياً لمهرجان “ثلاث دقائق في ثلاث دقائق” السينمائي لأكثر من دورة، وفيلمه الروائي الطويل يأمل في أن يقدم صورة من صور العراق الموجوع بالألم، كما يقدم للسينما العراقية مخرجاً يمتاز بثقافته الشاملة، إذا صح التعبير، لاسيما وأنه درس أسس السينما على أكثر من صعيد داخل وخارج العراق.
أما الفيلم الثالث فهو الفيلم الروائي الطويل “دجلة” من العراق والسعودية وفرنسا وإيطاليا، إخراج وإنتاج حيدر رشيد. وهو مخرج ومؤلف عراقي ولد في 23 مايو عام 1985 بمدينة فلورنسا الإيطالية وقام بإخراج أفلام قصيرة وكليبات موسيقية وأفلام وثائقية ويعيش رشيد ويعمل في لندن، ويعد هذا الفيلم هو السادس لحيدر رشيد بعد فيلمه “أوروبا” الفائز بالعديد من الجوائز في مهرجانات عربية وأوروبية، وهو إنتاجٌ عراقي إيطالي كويتي مشترك وحظي بدعم من وزارة الثقافة العراقية ووزارة الثقافة الايطالية ومؤسسة الفيلم في مقاطعة توسكاني الايطالية ومؤسسة دعم الثقافة والفنون “آفاق”، ومؤسسات سينمائية وثقافية أخرى. وترشح عن العراق إلى مسابقة الأوسكار فئة أفضل فيلم أجنبي.
الإنتاج المشترك بات حبل الإنقاذ الحقيقي والواقعي للسينما العراقية التي تعاني من عدم وجود إستراتيجية حقيقية
تنوعت فئات الأفلام التي فازت بالدعم حيث تم اختيار 13 فيلماً روائياً طويلاً من كل من ليبيا ومصر والأردن والمغرب والعراق والسعودية وموريتانيا وفلسطين والسودان وألمانيا والسويد وسويسرا وكندا وفرنسا وإيطاليا وغانا، وعن فئة الأفلام الروائية القصيرة تم اختيار ثلاثة أفلام من السعودية، وعن فئة الأفلام الوثائقية الطويلة تم اختيار ثلاثة أفلام من مصر والعراق وسويسرا وقطر والسويد، وعن فئة أفلام التحريك تم اختيار فيلم واحد من السعودية، وعن فئة المسلسلات فازت ثلاثة أفلام من فرنسا والسنغال والمغرب.
ومن ضمن الأعمال العربية المختارة دعم صندوق البحر الأحمر كلاً من الأفلام الروائية الطويلة (ما علينا حرج – كوكب لي لي المزدوج) من السودان وألمانيا، و فيلم (الباصطرديا – ذات مرة في طرابلس) من ليبيا ومصر، وفيلم “الانهيار” من الأردن، وفيلم “حشيشستان” من فلسطين والأردن والسويد.
ومن بين الأفلام السعودية عن فئة الأفلام الروائية الطويلة تم اختيار فيلم “مسألة حياة أو موت” وفيلم “هج لوندرلاند” وفيلم “ليثيوم” وعن فئة الأفلام الروائية القصيرة تم اختيار كل من فيلم “العين الحمرا”، وفيلم “بنت الجامعة” وفيلم “جاذرينغ” وثلاثتها من المملكة العربية السعودية.
وبهذه المناسبة علّق الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي الدولي محمد التركي، قائلا “يكمن جوهر عملنا في مهرجان البحر الأحمر السينمائي في العمل على الارتقاء بصناعة السينما المحلية والإقليمية، والدفع بالسينما إلى مستويات جديدة، من خلال خلق فرص تنافسية”.