صناعة السيارات تعزز إيرادات المغرب المالية

تسارعت وتيرة تعزيز مكانة صناعة السيارات في الاقتصاد المغربي، بعد أن تمكنت من زيادة صادراتها إلى أكثر من الضعف خلال السنوات الخمس الماضية، لتنفرد بعيدا في صدارة أكبر قطاعات الصادرات في البلاد.
الرباط - أظهرت بينات رسمية مغربية أن صادرات صناعة السيارات المغربية ارتفعت بنسبة 110 بالمئة خلال السنوات الخمس الماضي لتصل إلى 7.7 مليار دولار خلال الأحد عشر شهرا الأولى من العام الماضي.
وتمكنت تلك الصناعة من تعزيز دورها كمحور رئيسي في الاقتصاد المغربي وأكبر قطاعات الصادرات التي تعزز رصيد النقد الأجنبي وتساهم في تحقيق توازن التبادل التجاري، حيث اتسعت صادراتها إلى خارطة واسعة من الأسواق الأوربية والأفريقية
والعربية.
وسجلت المندوبية السامية للتخطيط مساهمة كبيرة لقطاع السيارات في تعزيز المبادلات الخارجية من السلع والخدمات، التي سجلت في تلك الفترة نموا بنسبة 0.3 بالمئة مقابل انكماش بنسبة 3.5 بالمئة قبل عام.
وشهدت صادرات السلع والخدمات ارتفاعا بنحو 7.9 بالمئة مقابل 2.7 بالمئة، مع مساهمة في النمو بـنحو 3 بالمئة مقارنة بنحو واحد بالمئة قبل عام.
وقال رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني إن قطاع السيارات في المغرب استطاع أن يخلق 117 ألف وظيفة مباشرة إضافية في ما بين عامي 2017 و2018.
وأوضح أن خطط الحكومة تستهدف تحقيق 90 ألف فرصة عمل في 2020، خصوصا وأن البلد يعتبر في الوقت الحالي أكبر منتج ومصدر للسيارات في القارة الأفريقية.
وأضاف سعدالدين العثماني، إن الطاقة الإنتاجية الصناعية لقطاع السيارات تبلغ 700 ألف سيارة سنويا، وأن هذه الإنجازات تحققت بكفاءات وأطر مغربية، وبنسبة إدماج محلي وصلت إلى 70 بالمئة.
ويراهن المغرب على زيادة صادراته من السيارات نحو الخارج بعد تدشين مصنع “بيجو” الفرنسي للسيارات بمدينة القنيطرة، ليضاف إلى مصنعي مجموعة “رينو” الفرنسية بمدينتي طنجة والدار البيضاء.
وواصلت الشركات المغربية العاملة في قطاع صناعة السيارات تعزيز حصصها السوقية بالخارج، خاصة في ما يتعلق بسوق السيارات الفردية والنفعية الصغيرة في دول أوروبا، حيث تهيمن مجموعة رينو، عبر منصتيها في الدار البيضاء وطنجة المتوسط، على حصة الأسد من مجموع صادرات القطاع، بنحو3.3 مليار دولار حتى شهر نوفمبر من العام الماضي.
وتوجه مجموعة رينو المغرب صادراتها بشكل رئيسي نحو أسواق أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، إلى جانب أميركا الجنوبية.
ويؤكد المسؤولون بمجموعة رينو أن السيارات المصنعة بالمغرب تم تصديرها إلى حوالي 73 بلدا بالقارات الأوروبية والأميركية والآسيوية والأفريقية، من ضمنها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودول أميركا الجنوبية، إلى جانب إيطاليا وروسيا الاتحادية وبريطانيا ودول غرب أفريقيا.
وتمكنت الرباط في غضون سنوات قليلة، من جعل قطاع صناعة السيارات واحدا من محركات اقتصادها بفضل استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
وتمكن المغرب عام 2012 من استقطاب مجموعة رينو، التي كانت تتوفر في السابق على خطي إنتاج بطنجة بالإضافة إلى مصنعها التابع لفرعها “صوماكا” بمدينة الدار البيضاء.
وتترقب الرباط افتتاح مجموعة “بي.أس.أي” لوحدة صناعية بمدينة القنيطرة بطاقة إنتاج أولية تصل إلى 200 ألف سيارة في السنة .
وقال مسؤولون مغاربة إن مجموعة “رينو نيسان ميتسوبيشي” قررت تحديث ومضاعفة الطاقة الإنتاجية لشركة “صوماكا” في الدار البيضاء، لتنتقل من 80 ألف وحدة حاليا إلى 160 ألف وحدة سنويا بحلول عام 2022.
ويعتبر مراقبون أن استقرار مجموعة “رينو” بمدينة طنجة كان بمثابة كاسحة الجليد التي مهدت الطريق للطفرة النوعية التي حققها قطاع صناعة السيارات بالمغرب.

ومن المنتظر أن ينتج مصنع القنيطرة 20 ألف سيارة سنوياً قبل أن يرتفع الإنتاج إلى 100 ألف، فيما سيتضاعف هذا الرقم في السنوات القليلة المقبلة، بما يساهم في تحقيق هدف إنتاج سنوي إجمالي من السيارات في المغرب يصل إلى مليون سيارة، ورقم معاملات عند التصدير في حدود 10 مليارات دولار.
وتشتغل وحدتان صناعيتان من كبرى المؤسسات الصناعية في الصين، لكل من نكستير أوتوموتيف المختصة في تصنيع أنظمة توجيه الطاقة لمجموعة بيجو سيتروين، وأنظمة القيادة لمجموعات فيات كرايسلر ومجموعة رينو نيسان ميتسوبيشي ومجموعة “سيتيك ديكاستال”، المختصة في إنتاج عجلات الألومنيوم باستثمارات بلغت نحو 402 مليون دولار، في أكبر استثمار للصين في المغرب.
وللاستفادة من هذه الحركية أكد وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، مولاي حفيظ العلمي على التزام المغرب بتقديم دعم قوي لهذا القطاع الذي يتميز بجاذبية وتنافسية بفضل مشاريع صناعية تقودها شركات كبرى، خاصة وأن القطاع يوفر فرص شغل هائلة لشباب ذي تكوين عال.
ويعتزم الفاعل الصيني في مجال صناعة السيارات الكهربائية “بيج”، إطلاق وحدة صناعية في مجال النقل الكهربائي بالمغرب، في إطار اتفاقية شراكة وُقعت في أواخر عام2017 بما يضفي حركية على قطاعي الطاقات المتجددة والنقل الكهربائي.
ومن المنتظر تشييد الوحدة على مساحة إجمالية تقدر بنحو 50 هكتارا داخل المدينة الصناعية الجديدة لمدينة طنجة ومن المتوقع أن تحدث 2500 فرصة عمل مباشرة.
ويتطلع المغرب إلى جعل قطاع السيارات محركا حقيقيا للتنمية، في سياق السياسة التي ينتهجها الرباط في الانفتاح على الخارج وتشجيع الاستثمار، ما من شأنه تمكينه من تصدر المرتبة الأولى على الصعيد القاري.