صفقة أميركية في ليبيا لمنح السلطة إلى القضاء لنزع فتيل أزمة الحكومتين

دفعت الولايات المتحدة بصفقة جديدة في ليبيا لنزع فتيل أزمة الحكومتين بين رئيس الوزراء الجديد فتحي باشاغا ورئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة حيث تنص تلك الصفقة بحسب ما أفادت مصادر مطلعة على المحادثات الجارية على منح الرئاسة مؤقتا لقاض يتولى المجلس الأعلى للقضاء اختياره في مسعى لاستعجال إجراء الانتخابات، وهي خطة نجاحها رهين نهاية الخلافات داخل الجهاز القضائي وقبول الدبيبة وباشاغا بها.
تونس - قالت مصادر سياسية ليبية مطلعة على المشاورات الجارية لنزع فتيل أزمة الحكومتين إن الولايات المتحدة دفعت بصفقة لتغيير السلطة التنفيذية الحالية من خلال تفاهمات مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها والذي يرفض تسليم السلطة ورئيس الحكومة الجديد فتحي باشاغا.
وتابعت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها لـ”العرب” أن المشاورات حول الصفقة لا تزال في بدايتها وأنه سيتم من خلالها اختيار قاض من المجلس الأعلى للقضاء الليبي لرئاسة البلاد خلال فترة انتقالية تستمر إلى يونيو المقبل حيث سيتم وقتها إجراء انتخابات برلمانية فقط، مشيرة إلى أن هناك ضمانات قدمتها واشنطن من خلال سفيرها ريتشارد نورلاند إلى باشاغا ليقبل بالصفقة.
وكثفت الولايات المتحدة من تحركاتها مؤخرا في مسعى لتجنيب العاصمة الليبية طرابلس حربا جديدة بسبب التنازع على الحكومة بين باشاغا والدبيبة الذي فشلت حكومته في إجراء الانتخابات في موعدها.
والتقى ليل الأحد – الاثنين نورلاند بباشاغا في العاصمة تونس، وقال بعد اللقاء إن رئيس الحكومة “المعين من قبل البرلمان” أعرب عن استعداده للانخراط في مفاوضات عاجلة مع رئيس “حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة” للتباحث بشأن كيفية إدارة المراحل النهائية من فترة الحكم المؤقت والاستعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت ممكن.
عزالدين عقيل: واشنطن قدمت خطة هجينة لتنصيب عدلي منصور في الرئاسة
وقالت السفارة الأميركية، في تغريدات عبر حسابها بتويتر، إن “نورلاند أشاد خلال اجتماع مع باشاغا بالاهتمام الذي أبداه للانخراط في مفاوضات عاجلة تيسرها الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى تفاهم سياسي مع الدبيبة”.
وأوضحت أن المفاوضات ستتركز حول “كيفية إدارة المراحل النهائية من فترة الحكم المؤقت هذه، والاستعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت ممكن”.
لكن يبدو أن تركيز الولايات المتحدة سينصب خلال المرحلة القادمة فقط على الانتخابات النيابية، خاصة أنها تتوجس من إمكانية صعود ابن العقيد الراحل معمر القذافي سيف القذافي أو قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر المقربين من موسكو إلى الرئاسة.
وقال المحلل السياسي عزالدين عقيل إن “الولايات المتحدة بصدد تقديم خطة هجينة ستؤدي إلى تنصيب عدلي منصور على رأس السلطة في البلاد، وقدمت ضمانات لباشاغا في هذا الصدد”.
وأضاف عقيل في تصريح لـ”العرب” أن “الأميركان يرون أن باشاغا شخصية استراتيجية ربما في ما يتعلق بمصالحهم، يعتقدون أن هو الأقدر على تحقيقها لذلك أبلغوه بأنه لا يمكن أن يكون رئيسا للحكومة لمجرد مرحلة انتقالية قصيرة بينما يعولون على الدبيبة لهذه المهمة”.
وبالتزامن مع هذه القراءات التي تعددت على وقع استمرار أزمة الحكومتين نشر الدبيبة الاثنين تغريدة على تويتر قال فيها إن “أي حل غير الانتخابات هو تمديد للأزمة لن يقبله الشعب الليبي، يحاول البعض التشويش وبث أخبار مزيفة، لا همَّ لي اليوم إلا العمل الجاد للانتخابات، التي بها تنتهي كل الأجسام الموجودة، وعلى رأسها حكومة الوحدة، وأي حل غير ذلك هو تمديد للأزمة ولن يقبله الشعب الليبي”.
في المقابل، تعهد باشاغا في حوار مع مجلة “نيوزويك” الأميركية بأنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة ما يعزز التكهنات حول تقدم في المساعي التي تبذلها الدبلوماسية الأميركية لضبط الأمور في ليبيا، حيث أشارت المصادر لـ”العرب” إلى أن الولايات المتحدة قدمت ضمانات لباشاغا من بينها أنه سيتم تكليفه بعد انتخاب برلمان جديد في يونيو المقبل بتشكيل الحكومة.
وكان لافتا في الساعات الماضية نأي الولايات المتحدة والمستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني ويليامز بأنفسهما عن الصراع بين باشاغا والدبيبة مكتفين بالوساطة في خطوة قد تكون تمهد للصفقة المذكورة.
علي التكبالي: لن نقبل بتجاوز البرلمان لإعطاء السلطة لطرف آخر
وقالت ويليامز إن الاعتراف بالحكومات شأن سيادي تقرره الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي.
وأوضحت في تصريحات لصحيفة “نيوز ويك” الأميركية أن القضية بين حكومتي باشاغا والدبيبة ليبية داخلية، مشيرة إلى أنها “عرضت التوسط في النزاع بينهما للوصول إلى قيادة مستقرة في ليبيا”.
ووصفت باشاغا بأنه شخصية وطنية، مضيفة “إنجازاته تتحدث عن نفسها مثال على ذلك عمله وزيرا للداخلية في وقت عاشت فيه العاصمة طرابلس حربا”.
لكن الجهود الأميركية قد تصطدم بعقبات من الصعب تخطيها تبقى أبرزها إمكانية رفض البرلمان للصفقة الأميركية، علاوة على الخلافات التي هزت القضاء الليبي جراء الانتخابات التي لم تُجر في موعدها الذي كان مقررا في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي وهو ما سيعيد على الأرجح التنافس حول الجهاز القضائي.
وقال النائب في البرلمان علي التكبالي لـ”العرب” “لا يمكن تجاوز مجلس النواب لإعطاء السلطة إلى طرف آخر، لن نقبل بذلك”.
وهناك أزمة أخرى قد تعقد مهمة الولايات المتحدة وهي تلك التي يعرفها المجلس الأعلى للقضاء حول رئاسته وهي أزمة تفجرت على خلفية قانون نُسب إلى البرلمان يقضي بإعادة هيكلة المجلس قبل أن يؤكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مشروعية القانون المذكور.
وكان رئيس مجلس القضاء السابق محمد الحافي قد نفى تسليمه رئاسة المجلس إلى الرئيس مفتاح القوي الذي تولى منذ ديسمبر الماضي رئاسة هذه الهيئة القضائية.
وسبق أن تم الزج بالقضاء في الانتخابات الماضية حيث نظرت المحاكم في سلسلة من الطعون المقدمة ضد العديد من المرشحين للرئاسة في مقدمتهم ابن العقيد الراحل معمر القذافي سيف الإسلام والقائد العام للجيش المشير حفتر والدبيبة.