صحف اليمن تواصل الإغلاق لأسباب مالية وأمنية

صنعاء - أعلنت صحيفة "أخبار اليوم" وهي واحدة من أكبر الصحف اليمنية توقفها عن الصدور بنسختيها الورقية والإلكترونية، لأسباب مالية، بعد ست سنوات من الحرب تعثرت فيها الصحيفة عن الصدور أكثر من مرة.
وقالت الصحيفة التي صدرت من صنعاء وعدن ومأرب إنها أسدلت الستار على مشوار صحافي دام أكثر من 26 عاما.
وأضافت في بيان أصدرته الاثنين أن أصولها تعرضت للنهب في محافظتي صنعاء وعدن خلال الأعوام الماضية. وانتقلت للصدور من مأرب لكن مسيرتها الصحافية هناك كانت قصيرة للغاية.
وحافظت مؤسسة الشموع التي تصدر الصحيفة على انتظام إصدارها منذ ثلاثة أعوام ورقياً وإلكترونياً في محافظة مأرب وتوزيعها مجاناً على جميع المكاتب الحكومية والمعسكرات التابعة للجيش والأمن والبنوك ومراكز تجمع المواطنين.
غير أنها وقد استنفدت جميع إمكاناتها وجدت نفسها عاجزة عّن الاستمرار.
وأوضح رئيس تحرير الصحيفة، سيف الحاضري، في تغريدة على حسابه في تويتر، أن قرار الإغلاق جاء بسبب خذلان الحكومة للمؤسسة وعدم دفعها تعويضات مالية وفق أحكام قضائية.
وأضاف “انتصرنا على الانقلاب الحوثي منذ اقتحامه صنعاء واستيلائه على مباني المؤسسة ومطابعها ونهب كل ممتلكاتها واستمرت المؤسسة بالعمل من عدن.. تعرضنا لاقتحامات ونجونا أكثر من مرة من موت محقق ولَم نهتز أو ننهزم واليوم يهزمنا الخذلان ورفض الحكومة صرف حقوقنا المؤكدة بأحكام قضائية”.
وتعتبر صحيفة “أخبار اليوم” هي الثانية التي تعلن توقفها خلال شهرين في اليمن، فقد أعلنت صحيفة “الشارع” في أبريل الماضي توقف إصدار النسخة الورقية بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة وأجور النقل، غير أنها أبقت على نسختها الرقمية.
الأوضاع السياسية والأمنية في اليمن أفرزت انقساما حادّا لدرجة أن كل صحيفة لم يعد بإمكانها العمل بشكل مستقلّ
وقال نائف حسان رئيس تحرير صحيفة “الشارع” في تصريحات سابقة، إن الصحافة في اليمن أصبحت “مخاطرة كبيرة وأمرًا غير مجدي”.
وأضاف حسان “الحرب أجبرتنا على التوقف عن الصدور، والتوقف عن ممارسة العمل الصحافي، ولا بديل آخر لدينا إلا انتظار توقفها”.
ويعزو متابعون للصحافة اليمنية تراجع الصحافة الورقية، إلى أسباب عدة تتعلق، بعزوف القراء عن شراء الصحف الورقية، وكثرة تكاليف الطباعة وغياب الإعلانات، وعدم تغطية المبيعات حتى تكاليف الطباعة، في ظل استمرار انهيار صرف العملة المحلية وتعامل المطابع بالدولار.
ورغم أن عدن تعتبر من أكثر المدن اليمنية التي لا تزال تشهد إصدار أكثر من صحيفة يومية، إلا أنها هي الأخرى باتت تشهد توقف الصحف بسبب ضعف المردود الاقتصادي وعدم وجود دعم.
ويشتكي صحافيون يمنيون من أن الحريات الإعلامية في البلاد مكبلة من قبل القوى المسيطرة على كل منطقة، ابتداء من الحوثيين بصنعاء وما حولها، إلى سلطات الإخوان بمحافظات مأرب وشبوة وسيئون وحضرموت.
ويضيفون أن مستقبل الصحافة الورقية في اليمن تأثر بالثورة الرقمية حيث قلّ الإقبال على الصحف الورقية لسهولة الحصول على المعلومات من الصحافة الإلكترونية وسرعة الاطلاع عليها وكذلك تنوع المصادر من الصحافة الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر تداولا.
وسيطرت شبكات التواصل الاجتماعي على اهتمام الجمهور، وأخذت دور وعمل الصحافة الورقية، إلى جانب أن الصحافة الإلكترونية أصبحت خياراً متاحاً لكثير من المشتغلين بمهنة الصحافة للهروب من التكاليف الكبيرة للنسخ المطبوعة.
وقد تسببت الحرب بإغلاق مدن وعزل مناطق، وأصبح انتقال الصحف متعذرًا، ما تسبب في محدودية الطباعة بحيث لم تعد العائدات كافية للإيفاء بكلفة النفقات.
ولا يغفل العاملون في مهنة الصحافة سببا رئيسًا آخر في تدهور أوضاع القطاع تمثل في الأوضاع السياسية والأمنية، التي أفرزت انقسامًا حادًّا لدرجة أن كل صحيفة لم يعد بإمكانها العمل بشكل مستقلّ، وأصبحت القوى المختلفة تصنف الصحف على هذا المعسكر أو ذاك، وهو مقدمة لأذى قد يلحق الصحيفة والعاملين فيها.