"صباحية مباركة" تجدّد آليات مسرح مصر الفنية

لمع الفنان المصري الشاب محمد أسامة الشهير بـ”أوس أوس” من خلال الأدوار التي قدّمها ضمن مجموعة “مسرح مصر”، بقيادة الفنان أشرف عبدالباقي، على مدار أكثر من سبع سنوات، ما قاده مع العديد من زملائه إلى أدوار البطولة في بعض الأعمال الدرامية والسينمائية التي أولت الكوميديَا اهتمامًا خاصا.
القاهرة – رغم اقتحامه مؤخرا بطولة بعض الأعمال الدرامية، يظل المسرح الشاغل الأساسي للفنان المصري الشاب محمد أسامة الشهير بـ”أوس أوس”، وهو الذي يخوض فيه حاليا تجربة جديدة عبر مسرحية “صباحية مباركة” التي تشكّل عودة إلى المسرحيات الكوميدية ذات القصص الطويلة، وتقوم على حبكة فنية واحدة ومترابطة تخلو من الارتجال، هي تجربة مختلفة بكل المقاييس عمّا قدّمه “أوس أوس” من أعمال سابقة على “مسرح مصر”. وفي حوار أجرته معه “العرب” كشف عن المزيد من التفاصيل الفنية والإنسانية.
وقال محمد أسامة إن مسرحيته الجديدة لا تعتمد على الاسكتشات أو القصص القصيرة، التي كانت تعتمد عليها عروض مسرح مصر بهدف إضحاك الجمهور من خلال رسائل بسيطة وكوميديا الارتجال، بخلاف “صباحية مباركة” التي تشكل عودة إلى شكل المسرحيات القديمة، وتعتمد على قصة طويلة مليئة بالمواقف الكوميدية التي تخدم مضمون القضية التي تناقشها المسرحية، مع التزام بما يحتويه النص.
وأضاف لـ”العرب” أن المسرحية تدور حول جريمة قتل تقع ضمن أحداث العمل من دون أن يظهر القاتل الحقيقي، ليظل الجمهور بانتظار ظهوره طوال فصول المسرحية، ويجسّد خلالها شخصية “شريف باشا”، ويتولى عملية التحقيق في القضية الرئيسية، والتي تكشف عن مفارقات عديدة لا تخلو من مواقف كوميدية.
مسار صعب
مع أن “أوس أوس” يخوض تجربة جديدة بعيدا عن “مسرح مصر”، إلاّ أنه لم ينفصل عن نجومه، وعلى رأسهم الفنان أشرف عبدالباقي، لأن الأخير صاحب فكرة “صباحية مباركة” ومخرجها في الوقت ذاته.
وأكّد أنه “الأب الروحي لمسرح مصر”، ويستشيره في كل كبيرة وصغيرة تخصّ أعماله الفنية، ودائما ما يسدي له النصائح المفيدة التي تمكنه من مواصلة الطريق الصعب بصورة جيدة.
وأوضح أن عبدالباقي يحرص دائما على الابتكار وتقديم الأفكار الجديدة المليئة بالإبداع، إلى جانب أنه يقدّم شكلا مختلفا من الإخراج، وأدخل تعديلات عديدة على شكل الموسيقى المقدّمة وديكورات المسرح.
وتابع “الكثير من الجمهور يعتقدون أن ممثلي ‘مسرح مصر’ جاءوا من على المقاهي ووُضِعوا على المسرح ثم أصبحوا نجوما، وهذا أكبر خطأ؛ فقبل هذه التجربة قدّم كل واحد منا أعمالا بسيطة لفترات طويلة وصلت إلى عشر سنوات تقريبا، وتعبنا كثيرا حتى نصل إلى المسرح، وبشكل شخصي وصلت إليه وكان عمري 31 عاما”.
وخلال مشواره الفني القصير خاض “أوس أوس” العديد من تجارب البطولة المشتركة ضمن الدراما التلفزيونية، كان آخرها “اثنين في الصندوق” مع زميله حمدي الميرغني، غير أنه لم يحظ بأدوار البطولة المطلقة كزميليْه علي ربيع ومصطفى خاطر.
وقال لـ”العرب” إن طبيعة السيناريو هي التي تدفعه إلى المشاركة في العمل أو عدم المشاركة، بغض النظر عن حجم الدور، فالمهم بناء قاعدة جماهيرية تساعده على التربّع على عرش البطولة في المستقبل.
ولفت إلى أنه اعتذر عن تقديم الكثير من الأعمال التي لم يقتنع بها وبفكرتها، ولعل ذلك يعدّ أحد أسباب غيابه عن السينما، مثمّنا الدراما التلفزيونية والمسرح باعتبارهما الأقرب إلى قلب المشاهد، وذكر أنه يُفضل أن يتريّث في اختيار أدواره السينمائية.
يؤمن الفنان الشاب بأن الله منحه قدرة على إسعاد الجمهور وإضحاكه، وعلى أن يكون سببا في تخفيف الأحزان عن المتابعين، ما يجعله أكثر حرصا على تقديم الأعمال الكوميدية، مشيرا إلى عدم الممانعة في تقديم أعمال تراجيدية، شرط أن تكون خفيفة ومواكبة لرغبات الجمهور في الوقت الحالي.
وكشف لـ”العرب” أن هناك مسرحيات جديدة ومختلفة بعد انتهاء عروض “مسرح مصر”، وأن أشرف عبدالقاقي هو من قام بعرض الفكرة عليه وعلى زميله علي ربيع، وظلا يفكّران في أكثر من سيناريو حتى استقرا على هذه المسرحية التي تخاطب عقول الجمهور، وتقدّم كوميديا الموقف بعيدا عن الارتجال الذي كان سمة أساسية للأعمال التي قدّمها سابقا.
يشارك في بطولة مسرحية “صباحية مباركة” علي ربيع وسليمان عيد وطاهر أبوليلة وحسام داغر وأحمد سلطان ونيفين التوني وملك ياسر ونيللي محمود ومحمد مغاوري ومحمد منصور، وهي من تأليف أحمد عبدالوهاب وكريم سامي وإخراج أشرف عبدالباقي.
المسرح أوّلا
يقول “أوس أوس”، إن المسرح هو المكان الذي يستطيع من خلاله التعبير عن قدراته الفنية، ما يجعله يؤكّد أنه سيظل متواجدا على خشبته ولن يبتعد عنه، لأنه الوسيلة المباشرة في وصوله إلى الجمهور.
وشدّد على أن هناك العديد من المسرحيات الجديدة سوف يجري تقديمها خلال الفترة المقبلة، وأن فريق “مسرح مصر” يريد جذب جمهور إلى المسرحيات الكوميدية القديمة، ويقوم حاليا بالتجهيز لعمل مسرحي جديد مع الفنان حمدي المرغني، وآخر يضم مصطفى خاطر وعلي ربيع ومحمد أنور.
ويرى البعض من النقاد أن تقديم مسرحيات جديدة في الوقت الحالي مجازفة غير مضمونة العواقب، لأن الحكومة المصرية لا تسمح سوى بحضور 25 في المئة من إجمالي السعة الاستيعابية للمسرح، ومع ذلك لم تمنع هذه النسبة الإقبال الجماهيري على مسرحية “صباحية مباركة” خلال أيام عروضها في إجازة نهاية الأسبوع، الأمر الذي دفع شباب “مسرح مصر” إلى تكرار التجربة بعد أن أضحوا سلعة شحيحة يبحث الجمهور عنها من أجل الضحك والترفيه.
ورحّب الفنان المصري بقرار الحكومة تخفيض أعداد الحضور، مؤكّدا أن فريق العمل يحرص على التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات أثناء البروفات، واتباع كافة إجراءات تعقيم المسرح بشكل مستمر، كما يحرص القائمون على المسرح على وجود مسافات متباعدة بين الجمهور، الأمر الذي يجذب الكثير من المواطنين للحضور تجنبا لأجواء التوتر التي تعاني منها الأسر.
واعتبر “أوس أوس” أن الكوميديا عمله الأساسي الذي ينهمك فيه بعيدا عن أحزانه الشخصية بعد أن فقد رضيعه قبل ثلاثة أشهر، مع ذلك يصرّ على الالتزام بتقديم المسرحية التي بدأت أول عروضها بالتزامن مع حلول عيد الأضحى.
وأضاف في حواره مع “العرب” أن الفنان مثل كل البشر يمرّ بظروف صعبة، ويحاول التغلب على أحزانه بالعمل، وهذه عملية مضنية للغاية خاصة إذا كان النوع الذي يقدّمه ينطوي بشكل أساسي على الكوميديا، لأن مهمته إضحاك الجمهور، وعندما يكون بداخله حزن كبير يحاول تجاوزه.
لم يستطع “أوس أوس” أن يكتم غضبه جراء تدخل شريحة من جمهور مواقع التواصل الاجتماعي في حياته الشخصية، بعد ظهوره هو وزوجته مؤخرا في فرح شقيقة صديقه الفنان مصطفى خاطر، واتهامه بأنه لا يبالي بوفاة ابنه هو وزوجته مقابل المال والشهرة، ووجّه رسالة لاذعة لمنتقديه، ليلقى طيفا واسعا من رسائل الدعم هو وزوجته من قِبل زملائه من الفنانين، فضلا عن الجمهور العادي.
وفي رأي الفنان الشاب أن الانتقادات ستظل تلاحق الفنانين، لافتا إلى أنه يحرص على الاهتمام بالنقد الإيجابي البناء ويتعلم منه ويساعده على تطوير أدائه، ويحترم جميع الآراء شريطة ألا يتدخّل أحد في حياته الشخصية، وردّه جاء قويا على من سمحوا لأنفسهم بالتدخّل في تفاصيل حياته، ويعتزم تجاهل من يهاجمونه للهجوم فحسب.