شهوة الجنس عند الأطفال تثير مخاوف الأسرة المصرية

استخدام الإنترنت بلا رقابة سبب يدفع الطفل للهوس بالرغبة الجنسية.
الجمعة 2022/07/22
تبسيط المفاهيم الجنسية للأطفال يساعدهم على التطور الإيجابي

يؤكد خبراء العلاقات الأسرية على دور الأسرة في حماية الطفل من الوقوع ضحية التحرش أو أن يصبح شهوانيا لا يستطيع السيطرة على رغباته الجنسية، ويرجعون تسلل غريزة الشهوة إلى الأطفال في سن مبكرة إلى اكتساب ثقافة جنسية شاذة من الأصدقاء أو الإنترنت، وينصحون الآباء بأن يراقبوا أطفالهم بصفة مستمرة وأن يمكنوهم من حد أدنى من الثقافة الجنسية.

القاهرة - أثارت واقعة اغتصاب طفل يبلغ عمره ثلاثة عشر عاما طفلة لا تتجاوز من العمر خمس سنوات في محافظة أسيوط بجنوب مصر أخيرا جدلا واسعا، ما استدعى القضاء إلى إيداعه إحدى دور الرعاية، وسط مخاوف من غلبة شهوة الجنس عند الصغار، فهذه ليست أول واقعة في مصر يكون المتهم فيها طفلا.

كشفت النيابة العامة أن الطفل استغل عمله في أحد الملاهي وقام باصطحاب الطفلة إلى مكان مجهول والاعتداء عليها جنسيا، ورغم أنها قاومته كثيرا، لكنها لم تتمكن من منعه من الاعتداء عليها، وهو سيناريو قد يحدث عندما يكون المعتدي شابا أو رجلا كبيرا، لكن أن يصدر عن طفل فتلك كانت صدمة للعديد من الأسر.

تداول البعض من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل الحادث على نطاق واسع، وطرحوا الكثير من التساؤلات حول الأسباب التي يمكن أن تدفع طفلا في بداية العقد الثاني من عمره، يعيش فترة مراهقة مبكرة، إلى الإقدام على فعل مثل اعتصاب براءة طفلة صغيرة بهذه الطريقة، والدور الذي تلعبه الأسرة في هذا الشأن.

علاء الغندور: الأسرة مسؤولة عن توعية الأطفال بأهمية الجسد وكل عضو فيه

دارت نقاشات مختلفة بين أرباب الأسر والمتخصصين في علم النفس والخبراء في النواحي الأسرية حول غريزة الشهوة التي تتسلل إلى الأطفال في سن مبكرة، ما يدفعهم أحيانا إلى ارتكاب جرائم لا يدركون خطورتها، ولا يستوعبون ماذا يفعلون فيها، ناهيك عن طبيعة التفسيرات التي يحتمي بها الأطفال عندما يصابون بحالة الهوس الجنسي، وهل هم جناة أم مجني عليهم؟

اتفقت الكثير من آراء الخبراء في تلك الواقعة على أن التربية الجنسية تعمل على تأخير ظهور السلوك الجنسي عند الأطفال ليتسم بالمزيد من المسؤولية، وإذا لم يكن هناك حد أدنى من الثقافة الجنسية عند الأطفال سوف يواجهون صراعات نفسية ربما تحول البعض منهم إلى ذئاب بشرية دون أن يستوعبوا ذلك.

يحمّل الخبراء الأسرة الجزء الأكبر من مسؤولية تقديم الثقافة الجنسية للأبناء بصورة توعوية تحميهم من أن يكونوا ضحايا للاستغلال الجنسي أو يصبحون من الشهوانيين، يتحرشون ويغتصبون وهم في سن صغيرة، وهي وقائع تمثل خطرا كبيرا على المجتمع، وتثير مخاوف العديد من الأسر بسبب تكرار الحوادث الجنسية التي يكون أبطالها وضحاياها من الأطفال.

لا يزال الكثير من الآباء والأمهات يتعاملون مع التثقيف الجنسي للصغار على أنه من المحظورات أو المحرمات التي لا يجوز تحت أي ظرف التطرق إليها مع الأطفال، بدعوى أن ذلك يفتح أعينهم على موضوعات قد لا يستوعبونها بسهولة، وتتولد لديهم نزعات تتعلق بحب التجربة، وهي مخاوف تتسبب مع مرور الوقت في تكرار حوادث تحرش واعتداءات جنسية تطول صغار السن.

يرى متخصصون في علم النفس التربوي أن التربية الجنسية للأطفال لا تعني فقط حمايتهم من الاستغلال الجنسي، فالأهم وجود حاجز صلب بينهم وبين تحولهم إلى ذئاب بشرية وهم في سن صغيرة، كما حدث في واقعة طفل أسيوط، إذ من المرجح بقوة أن يكون اكتسب ثقافة جنسية شاذة من الأصدقاء أو الإنترنت جعلت منه شهوانيا.

يشير هؤلاء المتخصصون إلى أن الأسر أصبح عليها المبادرة بتثقيف أولادها جنسيا قبيل مرحلة البلوغ، وتعريفهم بطبيعة الشهوة والحمل والولادة والتحرش والوقاية من الشذوذ، وهناك مرحلة بعينها إذا أغفلتها الأسرة لن تستطيع بعدها تقويم سلوك أولادها، ومن المسؤولية الأسرية أن يحدث ذلك قبل أن يُترك الطفل لمنحرفين يستغلون براءته.

استخدام الإنترنت بلا رقابة الأسرة على رأس الأسباب التي تجعل طفلا مهووسا جنسيا
استخدام الإنترنت بلا رقابة الأسرة على رأس الأسباب التي تجعل طفلا مهووسا جنسيا

وأزمة الكثير من الآباء في المجتمع المحافظ أنهم يختزلون الثقافة الجنسية في الفراش والعلاقة الحميمية، مع أن مفاهيمها واسعة، مثل توعية الأطفال بالحفاظ على أعضائهم الجنسية حماية لهم من التحرش ووقايتهم من التحول إلى شهوانيين، تتحكم فيهم الغريزة الجنسية حتى لو في سن صغيرة أو في أثناء فترة المراهقة المبكرة.

وقال علاء الغندور، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية بالقاهرة، إن التربية الجنسية للأطفال تعني إكسابهم معلومات معينة عن الجنس وفق ما يتناسب مع أعمارهم، من خلال أسلوب علمي بسيط، لأن البديل خطر على الأطفال، فهناك من يقع ضحية للتحرش والاستغلال الجنسي، وآخرون يتحولون إلى معتدين بدافع التجربة واكتشاف أنفسهم بعدما صاروا شهوانيين بعيدا عن أعين الأسرة.

◙ الخبراء يحمّلون الأسرة مسؤولية تقديم الثقافة الجنسية للأبناء بصورة توعوية تحميهم من أن يكونوا من الشهوانيين

وأضاف لـ”العرب” أن الأسرة مسؤولة عن توعية الأطفال بأهمية الجسد وكل عضو فيه، وكيفية استغلاله بشكل مثالي وعقلاني، مع إبعاد الأبناء كليا عن المواقع والتطبيقات التي تغذي عقول الصغار والمراهقين بأفكار شاذة حول الجنس، فتتكون لديهم مفاهيم مغلوطة حول التكاثر ثم يبدأ التفكير في خوض التجربة من دون دراية الأسرة بماذا يفعلون وكيف يفكرون، خاصة أن بعضهم قد يكون مصابا بالفصام، ويعيش الطفل في عالم غير عالمه، وهذا دور الأسرة في اكتشافه مبكرا.

يشير البعض من خبراء الصحة النفسية إلى أن استخدام الإنترنت بلا رقابة الأسرة على رأس الأسباب التي تجعل طفلا مهووسا جنسيا، حيث يصل إلى محتويات لا يجب أن يشاهدها في سن صغيرة، ويكون هناك فضول قوي لديه لخوض التجربة التي شاهدها ليعرف نتائجها، وكل ذلك نتيجة تقصير الآباء والأمهات في المتابعة.

ويؤكد هؤلاء أن ما هو أخطر من ذلك يكمن في أن الأطفال لا يولدون شهوانيين بالفطرة، حيث يتعرضون لوقائع وأحداث تفوق أعمارهم ويصبحون ضحايا لها، فالطفل الذي يعتدي جنسيا قد يكون تعرض لاستغلال واعتداء من قبل، فهو يبحث عن ضحية مثله عندما يُتاح له ذلك، فيصبح معتديا جنسيا ويتحرش ويغتصب كنوع من الانتقام.

وأوضح علاء الغندور لـ”العرب” أن الخطر الأكبر الذي لا يدركه الكثير من الآباء والأمهات يأتي من ممارسة الجنس أمام الطفل، من دون الأخذ في الاعتبار إمكانية تأثره بذلك في مرحلة عمرية معينة، وغالبا ما تكون فترة المراهقة، وقد يطبق ما شاهده داخل المنزل مع غرباء بذريعة أن هذا الفعل مباح، لكن لا يجوز ممارسته في وجود الأهل، فيتعامل مع الجنس كحق مكتسب مع أي شخص.

ولذلك تؤثر الأسرة والبيئة المحيطة للطفل في فهم الطفل للجنس، فإذا كانت سوية ينتج عنها أطفال أسوياء، أما لو عاش الصغير في محيط منفلت وأصبح مباحا لديه تصفح الإنترنت والمواقع الإباحية وتكوين شبكة أصدقاء أكبر منه سنا وفهما وإدراكا للجنس، فقد يسعى إلى أن يكون مثلهم ويخوض التجربة مع أول فرصة ليشبع حب استطلاعه.

17