شغور 7 مقاعد بالخارج يثير خلافا بين البرلمان وهيئة الانتخابات في تونس

فاروق بوعسكر: صلاحيات سدّ الشغور تعود إلى البرلمان.
الأحد 2024/01/28
الهيئة مقبلة على استحقاقات أخرى

تمرّ العلاقة بين البرلمان التونسي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات بخلافات حادة بسبب الشغور في سبعة مقاعد في الخارج، في خطوة قد تؤثر حسب المراقبين على سير المحطات الانتخابية القادمة.

تونس - أثار الشغور في سبعة مقاعد كان من المقرر أن يشغلها نواب عن دوائر انتخابية في الخارج، خلافا بين البرلمان التونسي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وسط محاولات من كلا الطرفين بإلقاء المسؤولية على الآخر.

ويقول مراقبون إنه كان يفترض منذ تاريخ أداء اليمين الدستورية أمام أعضاء البرلمان بعد نهاية الانتخابات التشريعية، أن يتم الاتفاق على سد الشغورات بالتشاور بين هيئة الانتخابات ومجلس نواب الشعب.

ويضيفون أنه كان على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن تتولى شرح هذه النقاط وتفسيرها منذ البداية، باعتبارها المشرفة على العملية الانتخابية بنظامها المتغير من نظام الاقتراع على القائمات إلى نظام الاقتراع على الأفراد.

ويبدو أنه لا يمكن الفصل في هذا النزاع بين الطرفين إلا عبر المحكمة الدستورية التي لم يتم إرساؤها بعد.

منذر ثابت: يفترض أن يكون هناك تأويل دستوري لتدارك ما فات
منذر ثابت: يفترض أن يكون هناك تأويل دستوري لتدارك ما فات

وأخلى مجلس النواب مسؤوليته من الشغور في عدد المقاعد منذ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية في 2022، ويأتي موقف البرلمان ردا على موقف مماثل صدر عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي أعلنت عدم اختصاصها.

وصرح رئيس الهيئة فاروق بوعسكر الجمعة، أن صلاحيات سدّ الشغور تعود إلى البرلمان ويتعين عليه التقدم بطلب في ذلك إلى الهيئة لتنظيم انتخابات جزئية في خلال ثلاثة أشهر.

وقالت رئاسة البرلمان في البيان “حيث لم يتسنّ انطلاق عمل المجلس بتركيبته المكتملة بالنظر إلى أنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اتّجهت إلى الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية ونشرها دون استكمال 7 مقاعد راجعة إلى دوائر انتخابية بالخارج، ويبقى هذا الأمر من مشمولات الهيئة لكونها لم تتوصّل إلى إجراء انتخابات بالدوائر المذكورة في أيّ طور، قبل الإعلان النهائي عن النتائج، قبل مباشرة المجلس لمهامه أو بعد ذلك”.

وأوضحت أن مجال تدخل المجلس لسد الشغور يكون في وضعيات معيّنة، على غرار وفاة أحد النواب أو عجزه أو استقالته أو فقدان الصفة البرلمانية بموجب حكم قضائي أو قرار سحب الوكالة.

وأضافت أنّه في مثل هذه الوضعيات يُعلم المجلس فورا الهيئة المكلّفة بالانتخابات بحدوث الشغور، يتمّ إثرها تنظيم انتخابات تشريعية جزئية في الدائرة المعنيّة في أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ معاينة الشغور.

وخلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، بقيت سبع دوائر انتخابية دون ممثّلين لعدم ترشّح أيّ شخص، وهي فرنسا1، أفريقيا، آسيا وأستراليا، الدول العربية، إيطاليا، وألمانيا وباقي الدول الأوروبية، والأميركيتين.

تقارير إعلامية تشير إلى وجود تفاوت في نسب التصويت بين المناطق الداخلية ذات الطابع الريفي والمناطق الحضرية على غرار العاصمة، لاختلاف التطلعات والآمال

وعزا مراقبون ذلك إلى القانون الانتخابي الجديد الذي أقره الرئيس قيس سعيد في يوليو 2022، والذي أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية، لاسيما وأنه يشترط حصول المرشح على 400 تزكية نصفها من النساء، وهي عملية بدت صعبة في الداخل، وشبه مستحيلة في الخارج.

وقال المحلل السياسي منذر ثابت، إن “البرلمان يبحث لنفسه عن سلطة فعلية للتشكل كأحد مراكز قوى النظام الجديد، وهذه مناسبة للضغط وكسب مساحة انتزعت منه، كما أن هيئة الانتخابات تعتبر نفسها أحد ركائز الجمهورية الثالثة ولها دور هام، وهو دور متواصل وحيوي إلى حدود الانتخابات الرئاسية القادمة”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “البرلمان يعتبر نفسه جسما مركزيا ويسعى الآن إلى التأثير في مجريات الأحداث، ويفترض أنه منذ أداء اليمين أمام البرلمان الجديد يتم الاتفاق على سد الشغورات السبعة بالتوافق بين الطرفين”.

وأردف منذر ثابت “يبدو أن البرلمان كان في حالة سهو وعدم تعاون وتشاور بينه وبين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ما ترك هذا الفراغ، لكن التشريع وظيفة البرلمان والمفروض أن يكون هناك تأويل دستوري لتدارك ما فات، ويجب سنّ نص تشريعي من البرلمان لحلّ المشكلة، والمسألة لا تمسّ من شرعية البرلمان ومشروعيته”.

وفي 13 مارس الماضي، أدى نواب البرلمان اليمين، وبلغ عددهم 153 نائبا من أصل 154. وكانت هيئة الانتخابات أعلنت عن فوزهم بمقاعد في البرلمان في الدوائر الانتخابية داخل تونس (154 دائرة انتخابية)، في حين لم تجر انتخابات ممثلي الشعب في 7 دوائر خارج تونس بسبب عدم تسجيل ترشحات في الغرض.

باسل الترجمان: كان على هيئة الانتخابات أن تشرح تلك الأمور
باسل الترجمان: كان على هيئة الانتخابات أن تشرح تلك الأمور

وأكد الكاتب والمحلل السياسي باسل الترجمان، أنه “لا بد أن يكون هنالك تحمل للمسؤولية في تفسير النقاط المتعلقة بالانتخابات الجديدة والتي تحولت من نظام الاقتراع على القائمات إلى نظام الاقتراع على الأفراد”.

وأوضح في تصريح لـ”العرب”، أنه “لم يكن هناك محاولة لشرح أن البرلمان الجديد سيكون مخالفا للبرلمانات السابقة، وهذه قضية مهمة، وكان على هيئة الانتخابات أن تشرح تلك الأمور”.

وفي 16 يناير الجاري، قال رئيس مجلس النواب إبراهيم بودربالة، خلال جلسة عامة للبرلمان، بخصوص الأغلبية المعتمدة عند التصويت على القوانين العامة أو الأساسية، إن “عدد أعضاء البرلمان هو 161 والأغلبية المطلقة المعتمدة هي 81 عضوا.. ومسألة الشغورات هي مسألة إجرائية خاصة بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات”.

وتونس مقبلة على العديد من الاستحقاقات الهامة مثل الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2024، في حين أجريت في ديسمبر الماضي الانتخابات المحلية وسط عزوف كبير من قبل التونسيين.

وكانت هيئة الانتخابات في تونس أكدت أن نسبة المشاركة في انتخابات المجالس المحلية بلغت 11.66 في المئة من مجموع الناخبين.

وتعد الانتخابات المحلية آخر حلقة في سلسلة تشكيل مؤسسات الحكم وفقاً لإجراءات الرئيس التونسي الاستثنائية، بعد الاستفتاء على دستور جديد في 25 يوليو 2022، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ديسمبر 2022.

وتشير تقارير إعلامية إلى وجود تفاوت في نسب التصويت بين المناطق الداخلية ذات الطابع الريفي والمناطق الحضرية على غرار العاصمة والمدن الكبرى، لاختلاف التطلعات والآمال.

وبالعودة إلى تغير نظام الاقتراع على القائمات بنظام الاقتراع على الأفراد، فقد أثار برلمان 2014 جدلا واسعا وسط اتهامات بالفساد والعنف اللفظي والمادي، ما دفع قيس سعيد لإلغائه فيما ألقي القبض على عدد من نوابه فيما بعد في اتهامات مختلفة وتجاوز للقانون.

2