شركات الأدوية العالمية تطارد فرص الاستثمار في مصر

6 علامات تجارية كبرى تختار القاهرة مركزا إقليميا لعمليات التصنيع لغزو الأسواق الأفريقية.
الأربعاء 2019/11/20
بحثا عن نقلة نوعية

دخلت شركات صناعة الأدوية العالمية في سباق لاقتناص الفرص الاستثمارية في مصر بهدف الاستحواذ على سوق قوتها الاستهلاكية تتجاوز حاجز 7.5 مليارات دولار، ومرجح أن تتحول إلى باب رئيسي للسوق الأفريقية بعد مد جسور التجارة لتلك الأسواق بحرا وبرا.

القاهرة - دفع ارتفاع فاتورة إنفاق المصريين على الرعاية الصحية بعض شركات الدواء العالمية إلى توسيع استثماراتها وإعلانها عن افتتاح خطوط إنتاج ومصانع جديدة في البلاد، لتلبية الطلب المتصاعد على الدواء والعلاج.

وكشف ممثلو 6 شركات دواء عالمية هي جونسون آند جونسون وفايزر وإيلي ليلي وفارما وغلاكسو سميثكلاين ومونديفارما، خلال لقائهم وزيرة الاستثمار المصرية سحر نصر مؤخرا، ضخ استثمارات جديدة خلال العام المالي الحالي تستهدف تلبية طلب السوق المحلية، فضلا عن استهداف التصدير للأسواق الأفريقية.

وأظهر بحث الدخل والإنفاق الصادر عن جهاز الإحصاء أن المصريين ينفقون نحو 9.9 بالمئة من إجمالي دخلهم على الرعاية الصحية، والتي تعادل حوالي 316.47 دولار سنويا.

ويبلغ عدد الأسر 23.45 مليون أسرة، ما يزيد حجم الإنفاق الكلي سنويا على الرعاية الصحية إلى قرابة 7.5 مليار دولار، إلى جانب فرص الانطلاق من السوق المصرية لمختلف دول المنطقة، وبشكل رئيسي أسواق أفريقيا.

وأكد ممثلو شركات الأدوية العالمية في بيان رسمي حصلت “العرب” على نسخة منه، رغبتهم في زيادة استثماراتهم بمصر، وأنها تأتي من منطلق التوافق على اختيار هذه السوق لتصبح مركزا إقليميا لعمليات التصنيع من أجل التصدير.

ويصل عدد المصانع العاملة بمصر إلى نحو 154 مصنعا، علاوة على 50 مصنعا تحت التأسيس، فيما تستورد القاهرة حوالي 20 بالمئة من احتياجات الدواء، وتوفر المصانع المحلية اكتفاء ذاتيا من الأدوية بنحو 80 بالمئة.

حسام عمران: الشركات تؤمن بأن آفاق التصدير لأفريقيا تبدأ من القاهرة
حسام عمران: الشركات تؤمن بأن آفاق التصدير لأفريقيا تبدأ من القاهرة

وتستورد المصانع أكثر من 90 بالمئة من المواد الخام الفعّالة والمستخدمة في عمليات تصنيع الدواء من الخارج رغم محاولات تأسيس شركات جديدة لتصنيع المواد الخام.

وقال حسام عمران، رئيس قطاع التصدير بشركة فارما الدولية للصناعات الدوائية-بيكو، إن “شركات الأدوية العالمية حريصة على ضخ استثمارات في السوق المصرية، لأنها تفتح آفاقا تصديرية واسعة إلى أفريقيا”.

وأكد لـ”العرب”، أن الحكومة المصرية توفر تسهيلات كبيرة في فرص تصدير الدواء إلى أفريقيا، تزامنا مع الحاجة الشديدة لدول القارة إلى الدواء، ومن ثم لا يملكون رفاهية الاختيار.

وتنتج شركات الدواء العالمية أدويتها في مصر بنفس كفاءة البلدان المتقدمة، فضلا عن انخفاض تكلفة الإنتاج بسبب تراجع مستويات الأجور، مقارنة بغيرها من الأسواق وسهولة انسياب نقل المنتجات من القاهرة لمختلف عواصم الدول الأفريقية.

وزاد من تلك الجاذبية تدشين الخط الملاحي المصري “جسور” أواخر الشهر الماضي، والذي ينطلق في رحلة أسبوعيا من ميناء العين السخنة بمدينة السويس إلى ميناء مومباسا الكيني.

ويعزز هذا الخط حجم تجارة مصر مع بلدان أفريقيا، ويفتح أفقا لصادرات الدواء لهذه السوق ويزيد من فرص القاهرة لجذب استثمارات مباشرة، والتي تراجعت العام الماضي بنحو 23 بالمئة.

وأوضح عمران، أن الصين والهند، هما المنافستان الرئيسيتان لمصر في تصدير الدواء لأفريقيا، فهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث السعر المفضل لدى الأفارقة.

وما يعزز تنافسية هاتين الدولتين امتلاكهما تكنولوجيا تصنيع المواد الفعالة في عمليات تصنيع الدواء، إلى جانب وفورات الإنتاج الكبير في عمليات التصنيع.

ويزداد الطلب على الدواء المصنّع في مصر بشكل قوي في كل من السودان وجنوب السودان وكينيا ونيجيريا والسنغال، ويلقى قبولا واسعا نتيجة سمعة الشركات العالمية المنتجة للدواء في القاهرة، وتتصدر المرتبة الأولى في أسواق هذه الدول.

وقال علاء جيوشي، عضو غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات المصرية، إن القاهرة “تمتلك مقومات صناعة الدواء، بسبب الزيادة الكبيرة في عدد السكان، ومبادرات الدولة الرامية إلى تقليل فاتورة المرض”.

ودشنت القاهرة العام الحالي منظومة جديدة للرعاية الصحية الشاملة من خلالها تقدم الخدمات الطبية والدواء بأسعار رمزية للمواطنين، ما يعزز من زيادة الطلب على الدواء عبر تلك المنظومة.

وقد جذبت استثمارات خاصة في القطاع الصحي بعد تهالك المستشفيات الحكومية التي باتت عاجزة عن تقديم الخدمات للمواطنين.

وأشار جيوشي لـ”العرب”، إلى أن هناك عددا من شركات الأدوية دخلت في شراكات مع مستثمرين من الهند، وهي من أكبر الدول المنتجة للمواد الفعّالة المستخدمة في تصنيع الدواء.

وتستهدف القاهرة خفض تكاليف التصنيع ومشاركة تكنولوجيا تصنيع المواد الفعالة، ما يحقق مصالح مشتركة للطرفين ويعظّم من فرص إعادة التصدير لجميع دول المنطقة بسعر تنافسي.

ويصل حجم الاستثمار في قطاع الدواء المصري إلى نحو 5.6 مليارات دولار، وقد بدأت هذه الصناعة في عام 1939، ويستحوذ الدواء على نحو 17 بالمئة من تكلفة الخدمة الصحية.

حسين الصباغ: ارتفاع فاتورة الأمراض جعل مصر مركزا لصناعة الدواء
حسين الصباغ: ارتفاع فاتورة الأمراض جعل مصر مركزا لصناعة الدواء

وتزيد اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية، التي تنطلق العام المقبل، من فرص تصدير الدواء المصنع محليا ويتمتع بإعفاءات جمركية كاملة عند تصديره للدول الأفريقية، إلى جانب خطط الربط بالطرق البرية أيضا بين مختلف دول القارة.

وأكد حسين الصباغ، عضو مجلس بحوث الدواء بأكاديمية البحث العلمي، أن ارتفاع فاتورة المرض وزيادة النمو الاقتصادي حاليا يعززان من جذب الاستثمارات الأجنبية لقطاع الدواء.

وقال في تصريح لـ”العرب”، إن “الدراسة بكليات الصيدلة في مصر تحتاج إلى تطوير يضمن تأهيل الخريجين للعمل بكفاءة في مصانع الدواء، ما يعزز من امتلاك مهارات الإبداع”.

وأشار إلى أن الوضع الحالي للدراسة يعد معوقا أمام عمليات تصنيع الدواء لغياب تلك المهارات، إذ يتخرج الصيدلي من الكلية ويبحث عن تأسيس صيدلية يبيع فيها الدواء فقط.

ويبلغ عدد الصيدليات في مصر نحو 64 ألف صيدلية، فيما يصل إجمالي عدد الصيادلة نحو 203 آلاف صيدلي، ويصل عدد الأدوية المتداولة في السوق إلى نحو 7010 أدوية.

ويعكف مجلس بحوث الدواء على وضع برنامج لتعزيز مهارات طلاب كليات الصيدلة وفق احتياجات السوق ويؤهلهم للعمل في مصانع إنتاج الدواء، وهو قائم على دمج الدراسة النظرية بالتجارب المعملية.

ورغم فورة استثمارات الدواء التي تشهدها مصر، إلا أن السوق لا تزال تعاني من اختفاء عدد من أدوية الأمراض المزمنة، منها أدوية أمراض السكر والضغط والقلب، وهي الأمراض التي تصيب غالبية المصريين.

10