شبح القرضاوي في تونس ولعنته

ما يفعله القرضاويون في تونس اليوم إنما يقع تحت لافتة الإسلام، وحسب المحتجين فإنه من الضروري بالنسبة إلى التونسيين أن يعرفوا أن سكان ذلك النزل المريب هم مجرد مرتزقة.
الجمعة 2021/03/12
اتحاد القرضاوي تحميه النهضة

ليس المقصود بالعنوان هنا يوسف القرضاوي، المواطن القطري من أصول مصرية بشخصه وهو الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

لكن بسبب كون الرجل هو مؤسس ذلك الاتحاد وقضى زمنا طويلا في رئاسته وكان بمثابة مشروعه السياسي من خلال إقامة ممرات خفية بينه وبين التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي هو حزب سياسي فقد صار المتابعون لشؤون ذلك الاتحاد يسمونه اتحاد القرضاوي لا رغبة في اختصار اسمه فحسب بل وأيضا لتوضيح حقيقة عمله ودوره في الحياة العامة.

لقد ترك القرضاوي أثره العميق على الاتحاد وطبعه بشخصيته وصار وكأنه ملحق به بالرغم من أن الرجل كان قد اعتزال العمل السياسي منذ سنوات لكبر سنه وحاجته إلى الراحة.

ما يتظاهر ضده التونسيون اليوم ممثلين برئيسة الحزب الدستوري الحر وأعضائه هو فرع من ذلك الاتحاد وهو عبارة عن جمعية تحتضن الدعاة وأتباعهم يظن المحتجون على وجودها بأن الشبهات التي تحوم حولها حقيقية وأن الدولة من خلال إغلاقها ستغلق بابا من أبواب الإرهاب الذي لا يمكن لأحد أن ينكر استعداده للانقضاض عليها في أي فرصة تُتاح له بغض النظر عن هدفه. ذلك ما حدث غير مرة وألحق بتونس أضرارا فادحة وبالأخص على صعيد السياحة.

القرضاوي وإن تردّد اسمه كثيرا فإنه بشخصه لم يعد يُخيف أحدا. فالرجل الذي حرّض على الفوضى في مصر وسوريا وليبيا وكان سببا في تجميع وتمويل الجماعات الدينية المسلحة لم يعد بشخصه قادرا على النزال. غير أن وجوده الرمزي لا يزال يشكل مصدر قلق. ليس بسبب أهمية أفكاره وقوة تأثيرها بل بسبب الأموال التي تملكها فروع اتحاده. وهي أموال لا تنفد. وفي بلد مثل تونس أصابه حكم حركة النهضة الإسلامية عبر عشر سنوات بالإفلاس، فإن جمعية تملك أموالا تجذب إليها فئات العاطلين عن العمل من الشباب بسرعة قياسية. وفي ظل حالة التشنّج التي انتهت إليها تونس، فإن تحول أولئك الشباب إلى إرهابيين سيكون يسيرا ما دام المال سائلا.

كان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين منذ تأسيسه مجرد واجهة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين. أما فروعه فهي معنية بتنفيذ خطط ذلك التنظيم في دولها. وهي خطط لا تخرج عن دائرة الإرهاب. وكما يقول أعضاء الحزب الدستوري الحر فإن فرع الاتحاد في تونس يحظى برعاية وحماية حركة النهضة الإسلامية وهي الحزب الذي يملك أكثرية في مجلس النواب التونسي وزعيمه هو رئيس ذلك المجلس.

ولكن أين يكمن خطر فرع اتحاد القرضاوي في تونس؟

لا يخشى التونسيون الإرهاب وحده. هناك الحرب الأهلية التي يتسلى سياسيو الإسلام في تصفح أوراقها في كل بلد تطأه أقدامهم. ولأن تونس دولة مدنية، دافعت عن مدينتها عبر العشر سنوات الماضية بشراسة، فإنها مهددة بحراس الدين وهو مصطلح يمكن أن يخترعه اتحاد القرضاوي ويخترع سواه ليكون معبّرا عن جبهة الدولة الدينية.

يؤكد الحزب الدستوري الحر أن الحرب الأهلية ممكنة ما دامت هناك جمعيات تعمل علنا في ظل حماية دولة النهضة مثل اتحاد القرضاوي.

مجرد ذكر اسم القرضاوي لا بد أن يستثير مشاعر الغضب إزاء ما حدث في ليبيا وسوريا وما كان يمكن أن يقع في مصر.

لم يكن القرضاوي إنسانا عابرا، لذلك فإن ارتباط اسمه بالجمعية التي يتظاهر التونسيون من أجل إغلاقها، إنما يعيدنا إلى العبث الذي مارسه ذلك الشيخ في حق الشعوب باسم الإسلام.

ما يفعله القرضاويون في تونس اليوم إنما يقع تحت لافتة الإسلام. وحسب المحتجين فإنه من الضروري بالنسبة إلى التونسيين أن يعرفوا أن سكان ذلك النزل المريب، دعاة كانوا أو طلابا، هم مجرد مرتزقة، جذبتهم رائحة المال وجمعهم العداء للمجتمع.

“القرضاوي هنا” تلك صيحة من أجل شبح. غير أن لعنة ذلك الشبح ستظل تطارد الجميع. فالخوف من الحرب الأهلية لا يعادله أي خوف.

9