شبان سوريون يقعون في شراك الإغراءات الروسية للقتال في أوكرانيا

دمشق - تقوم روسيا بحملة لاستقطاب شبان من مختلف المحافظات السورية، بهدف الزج بهم في الجبهة الأوكرانية.
وتستغل روسيا انشغال خصومها الغربيين بالحرب الإسرائيلية المستمرة منذ ثمانية أشهر على قطاع غزة، وتراخي الإدارة الأميركية في دعم كييف من أجل تعزيز التقدم الذي حققته في الأشهر الأخيرة على أكثر من جبهة أوكرانية.
وتحاول موسكو تخفيف العبء على جنودها وباتت تتجه أكثر نحو استقطاب مرتزقة أجانب وتجد في سوريا التي مزقتها الحرب ساحة لتجنيد الشباب، عبر تقديم جملة من الحوافز والإغراءات.
ويعاني شباب سوريا من تبعات الحرب التي اندلعت في بلادهم في العام 2012، وخصوصا من الناحية الاقتصادية في ظل غياب مواطن شغل وتدني الأجور، وهو ما يضطر الكثير منهم إلى المخاطرة.
وسبق وأن عمدت تركيا إلى تجنيد المئات من السوريين من مناطق سيطرة المعارضة للقتال في ليبيا، وعلى نفس المنوال عمدت روسيا مؤخرا إلى استقطاب الشباب السوري للقتال على الجبهة الأوكرانية بموجب عقود تحوي على رواتب وإغراءات.
ستنطلق خلال أيام رحلات تضم مئات الشبان من محافظات مختلفة نحو روسيا بعد تسجيل أسمائهم عبر وسطاء
وخلال أيام ستنطلق عدة رحلات تضم مئات الشبان السوريين من محافظات مختلفة نحو الأراضي الروسية بعد تسجيل أسمائهم عبر الوسطاء الذين يقومون بتيسير انضمام هؤلاء المتعاقدين إلى الجيش الروسي.
وسيسلك هؤلاء طريقا جويا يبدأ من مطار اللاذقية حتى العاصمة الروسية موسكو. ولا يدرك معضم الشبان السوريين محتوى العقود التي أبرموها، فنص العقد مكتوب باللغة الروسية.
ويعتقد بعضهم أنهم ذاهبون للقيام بخدمات حراسة لمنشآت نفطية وغيرها من المنشآت ليزجّ بهم فيما بعد في جبهات القتال المتقدمة.
وفي يناير الماضي، قالت شبكة الراصد المحلية، إن ما لا يقل عن 45 شابا سوريا، وقعوا ضحية عملية احتيال بعد أن وقعوا عقود عمل كحراس مناجم في أوكرانيا، ليتضح لاحقا أن مهمتهم قتالية.
وأكد هؤلاء الشبان لذويهم وهم يستنجدون بهم للعودة من جحيم الحرب في أوكرانيا: أنّهم ذهبوا للعمل وليس للقتال، وأنهم وقعوا في خديعة، ووقعوا على عقود لا يعلمون ما هو مضمونها.
روسيا تستغل انشغال خصومها الغربيين بالحرب الإسرائيلية المستمرة، وتراخي الإدارة الأميركية في دعم كييف لتعزيز التقدم على أكثر من جبهة أوكرانية
ويبدو أن الحاجة وسوء الأوضاع وضعف الدخل المادي تدفع بهؤلاء الشبان إلى الولوج في العمل كمرتزقة لدى الروس، لاسيما أنهم سيتقاضون رواتبهم الشهرية بالعملة الصعبة وهو ما يعد سببا مغريا بالنسبة لهم للانخراط في الحرب الروسية ـ الأوكرانية.
ويشترط في تجنيد الشباب السوري أن يقدموا مجموعة من الأوراق الثبوتية تتضمن جواز سفر صالح لسنة على الأقل، وورقة غير موظف، وإذن سفر أو بيان وضع من شعبة التجنيد.
ولعل السؤال الذي يطرحه البعض بقوة هو لماذا تعمد روسيا إلى الاستعانة بهؤلاء المرتزقة الأجانب؟ وهل يمكن أن يغير المقاتلون الوافدون ميزان القوى العسكري بين روسيا وأوكرانيا؟
ويجيب محللون على السؤال بأن حاجة الجيش الروسي إلى تعويض مقتل وإصابة عشرات الآلاف من الجنود في حرب أوكرانيا هو الدافع الرئيسي وراء ذلك. ولعل غياب فاغنر جعل الروس يسعون لتعويض النقص، إذ لم يقف الأمر عند استنزاف بوتين لشباب بلاده بل عمد لتجنيد السجينات في السجون، في تكرار على نطاق أصغر بكثير لإستراتيجيته مع المدانين الذكور كما قالت صحيفة “نيويورك تايمز”.
بالإضافة إلى سعي روسيا إلى التقليل من القوة المقاتلة للجيش الروسي بوجود مرتزقة وعناصر بديلة يمكن الزج بهم في الخطوط الأمامية فالجيش الروسي على قناعة تامة أنه في حاجة إلى تجديد صفوفه لما يقدمه على أنه حرب طويلة الأمد ضد أوكرانيا وحلفائها الغربيين.
أما عن قدرة هؤلاء المقاتلين الوافدين على تغيير ميزان القوى فتبقى الإجابة الحاضرة أن أولئك الذين تطوعوا لا يحققون التأثير المطلوب، إذ أن مهاراتهم العسكرية ضعيفة بشكل عام، وهم في الغالب مدفوعون بالمال، كما أن البعض منهم قد يتهيأ له أن بإمكانه الفرار من هناك إلى دول أوروبية.