سيناريو الأردن يحرج القاهرة ويدفعها لتخفيف أعباء الفقراء

الحكومة المصرية تستبق أي غضب شعبي محتمل من الموازنة القادمة بحزم جديدة من الدعم والحماية الاجتماعية تمهيدا لتطبيق المرحلة الثالثة من خطط خفض دعم الوقود، ولتحاشي سيناريو الأردن.
الأربعاء 2018/06/06
معاناة المصريين تتفاقم مع غلاء الأسعار

القاهرة – شكك اقتصاديون في قدرة الحكومة على كبح جماح موجات التضخم المرتقبة، وعدم جدوى برامج الدعم الإضافية التي رصدتها لشراء الرضاء الشعبي واحتواء غضب المصريين.

ويأتي هذا الانطباع عقب ظهور ملامح تململ مع الزيادة الأخيرة في أسعار تذاكر مترو الأنفاق، واستيعاب الرسالة الأردنية التي أجبرت العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على وقف زيادة الأسعار وتغيير الحكومة.

وأقر مجلس النواب أخيرا علاوتين؛ واحدة بنحو 7 بالمئة من المرتب الأساسي للموظفين العاملين في الحكومة والمخاطبين بقانون الخدمة المدنية الذي تم تطبيقه على موظفي الدولة، وأخرى بنحو 10 بالمئة للجهات المستقلة التي لا تتبع الموازنة العامة للدولة.

ويصل الحد الأدنى للعلاوة 3.5 دولار، تضاف إلى المرتب الأساسي وتصرف شهريا، بينما يصل حدها الأقصى إلى 9.5 دولار، وتشمل الزيادات أيضا معاشات المدنيين والعسكريين بنسبة 15 بالمئة.

وقدر شريف إسماعيل رئيس الوزراء عبء الزيادة على الموازنة بنحو 3.5 مليار دولار، ليصل إجمالي قيمة الدعم والعلاوات الجديدة وحزمة الحماية الاجتماعية إلى 15 مليار دولار.

وترفع الأعباء الجديدة القيمة الإجمالية للدعم بالموازنة الجديدة التي تبدأ مطلع يوليو المقبل، شاملا دعم الوقود والكهرباء لنحو 23 مليار دولار.

وتتوقع الموازنة التي أقرها البرلمان أمس، عجزا بنحو 8.4 بالمئة انخفاضا من 9.8 بالمئة في الموازنة الحالية، وهو ما يزيد قليلا عن المستوى المستهدف البالغ 9.1 بالمئة.

وتزامن حائط الحماية المصري مع مشهد رفع أسعار الوقود في الأردن الذي دفع الملك عبدالله الثاني إلى تجميد القرار، وإقالة حكومة هاني الملقي وتكليف عمر الرزاز ليكون خلفا له.

وقال محمد معيط نائب وزير المالية لشؤون الخزانة العامة لـ”العرب” إن “حزم الدعم تستهدف تخفيف تكلفة الإصلاح الاقتصادي عن العاملين بالجهاز الإداري للدولة”.

ويصل عدد المستفيدين من العلاوات إلى 15 مليون مواطن، منهم 9 ملايين من أصحاب المعاشات، ونحو 6 ملايين من العاملين بالجهاز الإداري للدولة.

محمد معيط: حزم الدعم الجديدة تخفف تكلفة الإصلاح الاقتصادي عن المواطنين
محمد معيط: حزم الدعم الجديدة تخفف تكلفة الإصلاح الاقتصادي عن المواطنين

وأوضح معيط أن زيادات المعاشات تحمل الموازنة 1.5 مليار دولار، أما زيادات المرتبات فتصل تكلفتها إلى 1.9 مليار دولار.

وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن معدلات التضخم ارتفعت بنحو 1.5 بالمئة، نتيجة ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية.

ورفعت القاهرة أسعار مياه الشرب للمنازل بنحو 33 بالمئة للشريحة الأولى وتتدرج الزيادات لتصل إلى نحو 65 بالمئة للأغراض غير المنزلية.

وأشار إيهاب سعيد مدير إدارة البحوث ببنك الاستثمار (أصول)، إلى أن جميع الحزم الحمائية تستهدف العاملين بالحكومة دون غيرهم، وبالتالي فإن باقي الفئات ستعاني ويلات الزيادات المرتقبة في الوقود والتي ستقود أسعار جميع السلع بالتبعية للارتفاع.

ويكشف تراجع مؤشرات البورصة المصرية أمس بأكثر من 2 بالمئة بعد مبيعات واسعة من قبل الأفراد حجم القلق من الإجراءات المتوقعة وخاصة زيادة أسعار الوقود.

وقالت رضوى السويفي من بنك الاستثمار فاروس إن “هناك حالة ذعر تدفع الأفراد إلى بيع الأسهم بسبب القلق من رد فعل الشارع تجاه التغييرات المتوقعة في أسعار الوقود”.

وأتاحت القاهرة وثيقة تأمين تباع في فروع البنوك الحكومية لحماية تلك الفئات بأسعار تبدأ من 30 دولارا وحتى 150 دولارا، وتصرف للورثة تعويضات عند الوفاة أو معاشات لمدة 10 سنوات، لكن لا تلقى قبولا، لأن هذه الفئات لا تملك ثمن شراء تلك الوثائق.

واضطرت الحكومة إلى فتح باب شرائها أمام جميع المصريين، حتى العاملين بالحكومة والقطاع الخاص المؤمن عليهم، كي لا تعلن وفاة التجربة.

وقال سعيد إن “الإصلاح الاقتصادي لا بد أن يتزامن معه إصلاح منظومة التجارة الداخلية وإحكام الرقابة على الأسواق لمنع الممارسات الاحتكارية”.

وتعاني السوق المصرية من غياب تلك الرقابة، الأمر الذي ترتبت عليه زيادة معاناة الفقراء، الذين يشكلون 27.8 بالمئة من السكان، بسبب عمليات التسعير غير العادلة والتي لا تحددها قوى العرض والطلب.

وأمعنت وزارة المالية في منح حوافز للعاملين في القطاع العام، ورفعت حد الإعفاء للضرائب على الدخل من 400 دولار إلى نحو 450 دولار، ما يكبد الموازنة نحو 500 مليون دولار.

ولا يلزم قانون العمل القطاع الخاص بتطبيق تلك الزيادات، وبالتالي فإن الحكومة من خلال تلك الحزم المالية تخاطب موظفيها فقط، وهو ما يزيد من حدة الاحتقان.

ولا يلتزم السواد الأعظم من شركات القطاع الخاص بصرف العلاوة السنوية، في ظل مخاوف العاملين من تغول أصحاب الشركات وتسريحهم حال مطالبتهم بحقوقهم، نتيجة عدم وجود كيانات نقابية قوية.

وما يزيد الأمور سوءا هو فشل وزارة التموين طيلة سنوات في تنقية بطاقات الدعم التموينية والتي تصرف دعما نقديا بقيمة 5 مليار دولار سنويا.

10