سياسات أردوغان تغذي الإسلاموفوبيا بدل مكافحتها

الرئيس التركي يندد بظاهرة معاداة الإسلام متناسيا دور حكومته في تصاعد مشاعر الكراهية تجاه المسلمين من خلال دعمها لتنظيمات الإسلام السياسي المختلفة.
الأربعاء 2021/05/26
أجندات سياسية تفاقم مشاعر الكراهية

أنقرة - دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء إلى تأسيس شبكة تواصل على الساحة الدولية لمكافحة ظاهرة معاداة الإسلام، وذلك لكل المجتمعات والدول التي ينتشر فيها هذا الخطر، فيما يتهم قادة غربيون الرئيس التركي بتأجيج مشاعر الكراهية ودعم التطرف داخل مجتمعاتهم بدل العمل على تطويقها.

وقال أردوغان في كلمة ألقاها في الندوة الدولية الأولى للإعلام والإسلاموفوبيا في العاصمة أنقرة “بات لزاما على كافة المجتمعات والدول التي تتعرض لخطر الإسلاموفوبيا أن تجتمع وتؤسس شبكة تواصل دولية”، مضيفا “معاداة الإسلام بدأت تتفشى بسرعة مثل الخلايا السرطانية حول العالم وخاصة في الدول الغربية”.

ولفت إلى أنّ استراتيجية “شيطنة المسلمين” التي اتبعتها الإدارة الأميركية عقب هجمات 11 سبتمبر تسببت بـ“تأجيج فايروس معاداة الإسلام الموجود أصلا في البنية الثقافية لمجتمعات عديدة”.

وأردف “السلطات المكلفة بتحقيق أمن المواطنين في الغرب تبدو كأنها في حلبة سباق معاداة الإسلام”.

رجب طيب أردوغان: معاداة الإسلام بدأت تتفشى بسرعة خاصة في الدول الغربية
رجب طيب أردوغان: معاداة الإسلام بدأت تتفشى بسرعة خاصة في الدول الغربية

ورغم جهود مكافحة الإسلاموفوبيا، يواجه الغرب تحديا حقيقيا يتمثل في تفاقم جرائم الكراهية والعنف ما ساهم في تراجع مؤشرات التعايش المنسجم ويثير مخاوف من الحفاظ عليه بين مواطنيها. ويعزو مراقبون تفاقم الظاهرة بشكل مقلق إلى وجود داعمين لإحياء التطرف الديني وتمويل حواضنه الفكرية والأيديولوجية.

وظاهرة الإسلاموفوبيا وإن أصبحت مقلقة مع تزايد الهجمات ضد المسلمين في الغرب، إلا أن محللين يرون أن أنقرة تستغل تنامي هذه الظاهرة في إطار مناكفتها للغرب عموما وأوروبا خصوصا.

وتعمل الدول الأوروبية جاهدة لمواجهة توسع عمليات استهداف الجاليات المسلمة مع صعود اليمين المتطرف، لكن أنقرة ترى في تلك الهجمات فرصة للظهور وكأنها الحامية الوحيدة لتلك الجاليات.

ورغم التنديد التركي بالهجمات التي تستهدف مساجد المسلمين، إلا أن الحكومة التركية تتحمل تبعات ما يتعرض له المسلمون من تصاعد مشاعر الكراهية تجاههم في السنوات الماضية لدورها في دعم تنظيمات الإسلام السياسي المختلفة.

وعملت أنقرة على دعم التطرف الإسلامي الذي تسبب في عدد من الهجمات الإرهابية طالت المجتمعات الأوروبية، وذلك بتوفير غطاء للتنظيمات المتشددة على غرار تنظيم الإخوان المسلمين.

ودعم أنقرة لتيارات الإسلام السياسي جعل الفكر الديني المتطرف ينفذ إلى شباب الجاليات المسلمة في أوروبا فخيروا الانعزال على المجتمعات الأوروبية الحاضنة ورفضوا الاندماج، وهو ما دفع إلى خلق حاجز بين الشباب المسلم وبقية المجتمعات.

وأدت الهجمات الإرهابية التي يقوم بها شباب مسلمون استقطبوا من التيارات الجهادية بعد تغلغل الفكر المتطرف داخل عقولهم إلى صعود اليمين المتطرف الذي رفع شعار معاداة الأجانب وخاصة المسلمين.

وكانت فرنسا من أولى الدول الأوروبية التي حاولت تجفيف منابع التطرف الديني، وذلك بالتصدي لمحاولات تركيا استغلال الجمعيات الإسلامية في بث الانعزالية والانفصالية.

وأصدرت السلطات الفرنسية “شرعة مبادئ” تهدف إلى مكافحة الانعزالية والانفصالية ودعم قيم الجمهورية بين الشباب الفرنسي المسلم.

Thumbnail

وأول تلك الخطوات هو وقف استجلاب الأئمة من الخارج خاصة من تركيا لأن فرنسا كانت على يقين بأن ما يغرسه هؤلاء الأئمة في عقول الشباب المسلم في أوروبا من كراهية دينية ستكون له انعكاسات سلبية على وحدة المجتمعات الأوروبية.

ويرى مراقبون أن اليمين الديني في أوروبا سيجد من يسمعه ويؤيده إذا تواصل خطر التنظيمات الدينية.

ويؤكد خبراء أنّ تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا خصوصا يعكس حجم التأثير السلبي للمنظمات الإسلامية ذات الطابع المُتشدد، كالاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية (ديانت) في ألمانيا وفرنسا والنمسا، والذي تتهمه منظمات كنسية بأنّه يسعى لعزل المسلمين عن مجتمعاتهم

وكانت الحكومة الألمانية أوقفت الدعم الذي كانت تقدمه لمشاريع الاتحاد الإسلامي التركي الذي تشرف عليه رئاسة الشؤون الدينية التركية في أنقرة، ويشكل ذراعا للحكومة التركية، والذي كان قد أصبح عرضة لفضيحة تجسس الأئمة لصالح حكومة أردوغان.

وقال كريستوف فريس خبير الحزب المسيحي الديمقراطي في الشؤون الداخلية، في تصريح له “لا يمكن لمن ينشر القومية وينشر الكراهية ضد المسيحيين واليهود، ومن ليس له دين ويتجسس هنا بتكليف من الحكومة التركية، أن يكون شريكا في مكافحة التطرف الديني في ألمانيا”.

وتفحص النمسا، منذ وقت، ملفات رفعها نائب عن حزب الخضر بيتر بيلز، يتهم فيها فرع الاتحاد التركي في النمسا بالتجسس لصالح أنقرة، مؤكدا حيازته معلومات تثبت ضلوع اتحاد الأئمة الأتراك في مراقبة عناصر من جماعة “خدمة” إضافة إلى أكراد وصحافيين معارضين لأردوغان.

وتعول تركيا على المساجد التابعة لها في أوروبا للتأثير على المسلمين وبثّ خطابها السياسي، وهو ما أكدته أجهزة الاستخبارات الألمانية، حيث يُعتبر “ديتيب” وسيلة أساسية لحزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي للتجسّس على الأتراك في ألمانيا.

وأظهرت دراسات أنّ الوعي المجتمعي في أوروبا لا يعتبر الإسلام دينا وإنما “أيديولوجية سياسية”، وتُحذّر من أن التصورات العقائدية والدينية الصارمة و”عدم التسامح مع الأديان الأخرى” يمكن أن يضرا بالديمقراطية على المستوى البعيد.

5