سيارات مصر تهرب إلى الغاز من زيادات أسعار البنزين

الإقبال على تعديل المركبات يتضاعف 3 مرات خلال 5 أسابيع، والسيارات تفلت من زيادة أسعار الغاز للمنازل والأغراض التجارية.
الاثنين 2018/07/23
محاصرة التكاليف الهاجس الأكبر للمصريين

القاهرة – تشهد مدن مصرية كثيرة فورة كبيرة في تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي بدلا من البنزين بعد تطبيق المرحلة الرابعة من تخفيض دعم الطاقة، والتي رفعت أسعار الوقود إلى مستويات قياسية.

وتفرض السلطات إصلاحات اقتصادية قاسية منذ أكثر من عامين وفق وصفة صندوق النقد الدولي الذي وافق على منح القاهرة قرضا بقيمة 12 مليار دولار ضمن أقساط موزعة على ثلاث سنوات.

ويؤكد محمود مصطفى، وهو سائق تاكسي، في حديث مع “العرب” أنه حول سيارته حتى تعمل بالغاز فور رفع أسعار الوقود الشهر الماضي، توفيرا للنفقات، “لأننا لا نملك الاعتراض على الزيادات المتتالية”.

وقال “حصلت على شهادة جامعية في الحقوق والقانون، ولم أجد فرصة عمل، فاضطررت إلى شراء تاكسي بالتقسيط والعمل عليه، ومع رفع أسعار الوقود لم يكن أمامي خيار سوى تحويل السيارة للعمل بالغاز، كي أستطيع تدبير قسط البنك الشهري، وتجنيب مبلغ آخر للإنفاق على أسرتي”.

ويختلف الغاز الطبيعي لتموين السيارات عن غاز الطبخ الذي يتم توصيله للمنازل، ويتم تحريك أسعار غاز تموين السيارات سنويا تزامنا مع تخفيض أسعار البنزين والسولار.

هشام الصفتي: الطلب على تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي شهد تزايدا كبيرا
هشام الصفتي: الطلب على تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي شهد تزايدا كبيرا

ورفعت الحكومة السبت الماضي أسعار غاز الطبخ للمنازل والمحلات التجارية والفنادق بنسب تراوحت بين 33.5 بالمئة و75 بالمئة، ولا تؤثر هذه الارتفاعات على غاز تموين السيارات.

وتم رفع سعر الشريحة الأولى لاستهلاك غاز المنازل حتى ثلاثين مترا مكعبا بنسبة 75 بالمئة، تضاف إلى الزيادة التي فرضت قبل عام وبلغت نحو 33 بالمئة.

كما ارتفع سعر المتر المكعب للشريحة الثانية، التي تستهلك أكثر من ثلاثين مترا مكعبا وحتى ستين مترا بنسبة 43 بالمئة بعد زيادة العـام الماضي التي بلغـت نحو 14 بـالمئة.

أما الشريحة الثالثة للاستهلاك، التي تزيد عن ستين مترا مكعبا فقد تمت زيادة أسعارها بنسبة 33.5 بالمئة بعد زيادة العام الماضي التي بلغت نسبة 12.5 بالمئة.

وأوضح شادي سعيد، صاحب سيارة تعمل لدى شركة “أوبر” الأميركية لنقل الركاب عبر تطبيق ذكي أنه اتخذ قرار تحويل سياراته الخاصة للعمل بالغاز الأسبوع الماضي، بعد أن وجد نفسه يتابع مؤشر البنزين في عداد السيارة أكثر من متابعته للطريق لحساب ربحه خلال رحلات توصيل الزبائن.

وقال في حديث مع “العرب” إنه “لولا تلك الخطوة ما كنت أستطيع الاستمرار في العمل بسبب مستويات أسعار الوقود التي تفوق قدرات أي سائق على العمل، في ظل تكدس الحركة المرورية في شوارع القاهرة، والتي تزيد من معدلات استهلاك الوقود”.

ووفق البيانات الرسمية، يبلغ إجمالي عدد السيارات العاملة بالغاز بالبلاد حاليا نحو 242 ألف سيارة من أصل 9.4 مليون مركبة، فيما يصل عدد محطات تموين السيارات بالغاز إلى مئتي محطة.

وقال خبراء لـ“العرب” إن اقتصاديات تحول السيارة للعمل بنظام التشغيل المزدوج بالغاز والبنزين معا تبدأ من حد الاستهلاك عند خمسة لترات بنزين يوميا.

ويصل سعر المتر المكعب من الغاز لتموين السيارات لنحو 0.15 دولارا، فيما يصل سعر الخمسة لترات 0.77 دولارا، مقارنه بنحو 1.9 دولارت لخمسة لترات بنزين أوكتين 92، وبالتالي توفر السيارة عند تحويلها للعمل بالغاز نحو 34 دولارا شهريا.

وأشار هشام الصفتي رئيس شركة الغاز الطبيعي للسيارات “كارجاس” لـ“العرب”، إلى أن الطلب على تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، شهد تزايدا من نحو 400 سيارة في الشهر إلى نحو 1200 سيارة.

وتتراوح تكلفة تحويل السيارة للعمل بنظام الوقود المزدوج “بنزين –غاز” بين 280 دولارا و450 دولارا، بحسب حجم السيارة، من خلال أكثر من ستين مركزا لتحويل السيارات للعمل بالغاز.

5.5 مليون دولار، رصدها جهاز تنمية المشروعات الصغيرة لتحويل 10 آلاف سيارة للغاز  في 2018

ويقدم جهاز تنمية المشروعات الصغيرة قروضا ميسرة لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، وكشفت نيفين جامع الرئيس التنفيذي للجهاز عن إطلاق مبادرة “نحو الغاز الطبيعي” وتستهدف تشجيع أصحاب السيارات لتحويلها للعمل بالغاز.

وقالت لـ“العرب” إن “الجهاز رصد للمبادرة نحو 5.5 مليون دولار، ويستهدف تحويل 10 آلاف سيارة قبل نهاية العام الحالي”.

ورصد الجهاز خلال العام الماضي تمويلات بقيمة تصل إلى حوالي 8.5 مليون دولار من أجل تحويل قرابة 27.5 ألف سيارة للغاز الطبيعي، من أصل 9.4 مليون مركبة تسير في شوارع البلاد، منها 4.3 مليون سيارة خاصة.

وتتحمل الموازنة العامة للدولة حوالي 1.3 مليار دولار لدعم بنزين 92 الأكثر استهلاكا بالسيارات الخاصة بالأفراد، ويصل حجم استهلاكه نحو 4416 مليون لتر سنويا.

نيفين جامع: قروض ميسرة لأصحاب السيارات وندعم مبادرة نحو الغاز الطبيعي
نيفين جامع: قروض ميسرة لأصحاب السيارات وندعم مبادرة نحو الغاز الطبيعي

وترتفع تلك الفاتورة إلى نحو 1.7 مليار دولار بالنسبة لبنزين 80 الذي تستخدمه سيارات التاكسي والأجرة التي تنقل الأفراد، ويصل إجمالي استهلاكه سنويا نحو 5217 مليون لتر.

أما السولار والذي يستحوذ على نصيب الأسد في منظومة الدعم فيكبد الموازنة العامة للدولة نحو 6.25 مليار دولار، وتستخدمه كافة سيارات نقل البضائع والأفراد والآلات الزراعية.

ويزداد عبء استهلاك المواد البترولية على البيئة، وبلغت كمية الانبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن استهلاك المواد البترولية العام الماضي نحو 206.2 مليون طن متري، مقارنة بنحو 201.3 مليون طن متري خلال العام السابق.

وأشار تقرير لشركة الغاز الطبيعي للسيارات التابعة لوزارة البترول إلى أن أهم مميزات عمل السيارات بالغاز هي أنه خال من الرصاص والكبريت بنسبة مئة بالمئة، وهما عنصران يسببان التسمم.

وتعتبر عمليات تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي وفقا لتقرير معايير الأمن والسلامة والصحة المهنية، حجر زاوية لهذا القطاع الحيوي الذي يمس المواطنين في حياتهم اليومية، فضلا عن أن هذه المادة باتت وقود العصر لكونها اقتصادية وآمنة وصديقة للبيئة.

وأعلنت وزارة البترول مؤخرا عن رفع سعر البنزين 92 أوكتين إلى 6.75 جنيها (0.38 دولار) للتر من خمسة جنيهات بزيادة نحو 35 بالمئة وسعر البنزين 80 أوكتين الأقل جودة إلى 5.5 جنيها (0.31 دولار) بزيادة 50 بالمئة.

كما زاد سعر البنزين 95 إلى 7.75 جنيه للتر (0.43 دولار) بارتفاع 17.4 بالمئة، وتضاعف سعر السولار ليصل إلى 5.5 جنيه (0.31 دولار).

10