سهر الأصدقاء في المنزل ينتهك خصوصية الأسرة

تحويل مسكن الزوجين إلى مكان لالتقاء الأصدقاء يعد أحد أهم أسباب التفكك الأسري وانحراف الأبناء.
الأربعاء 2020/02/12
منطقة محظورة

يحرص كثيرون من الرجال على تبني عادة الولوج إلى المقاهي يوميا للقاء الأصدقاء بغرض السمر، وتؤرق هذه العادة أغلب الزوجات حيث إنها تؤثر سلبا على التواصل بين الزوجين والأبناء، إلا أن ما يزيد الأمر سوءا هو استقبال بعض الأزواج لأصدقائهم كل ليلة للسهر في منزل الأسرة، في انتهاك صارخ لحرمة وخصوصية حياتهم الأسرية قد تتولد عنه مشاكل لا حصر لها.

يحوّل بعض الأزواج منازلهم إلى مكان لالتقاء الأصدقاء والتسامر معهم، فاسحين لهم المجال لاقتحام مملكة الزوجة التي تتفاجأ بنفسها أمام أمر واقع تغيب فيه حرمة بيتها الخاصة وتصبح مجرد خادمة تسهر على طلبات زوجها وأصدقائه، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يصبح المنزل مسرحا للمشكلات والخلافات وبيئة خصبة لانحراف الأبناء.

في هذا السياق تسرد أمل سعد، موظفة وربة منزل، قصة إحدى جاراتها قائلة “كانت جارتي زوجة وديعة جدا وحريصة على استقرار أسرتها وبيتها وتواجد زوجها إلى جانبها، والذي كان مثل الكثير من الأزواج محبا للقاء أصدقائه ويحرص على ذلك بشدة، وكانت لا ترى في ذلك حرجا فقد كانت مؤمنة أنه بعد عناء العمل ومشكلات الأبناء في حاجة إلى الترفيه عن نفسه، وكذلك كانت تعلم قبل زواجها به أنه يعشق جلسات المقاهي لأنه يدمن “الشيشة” ولعب “الدومينو” و”الطاولة”.

ورغم أنها كانت تشعر بالوحدة في الكثير من الأحيان إلا أنها مع ذلك لم تتبرم من زوجها الذي أصبح في غياب دائم عن البيت، وذات يوم اقترحت عليه أن يكثف من وجوده بين الأبناء واحتد النقاش بينهما ووصل إلى طريق مسدود، فاقترحت عليه في الليلة التالية أن يصطحب بعض أصدقائه ليسهروا بالمنزل فوافق على مضض ورغم ذلك اشترى طاولة الدومينو.

وتابعت سعد “رأت جارتي مملكتها الخاصة تتحول إلى مقهى فلم تظهر ضيقها وأخذت على عاتقها السهر على تلبية طلبات الساهرين من مشروبات وإعداد الطعام لهم في بعض الأحيان، وللأسف الشديد لاحظت أن أصدقاء زوجها بدأوا يستبيحون لأنفسهم انتهاك حرمة المنزل إذ كانوا يتحركون في أماكن شديدة الخصوصية داخل منزلها”. 

استقبال بعض الأزواج لأصدقائهم للسهر في المنزل قد يكون أحد أهم أسباب التفكك الأسري

وأضافت “الأخطر من ذلك أنها عندما اشتكت لزوجها ضيقها من هذا الأمر والجو الغريب عليها، ومن بعض النظرات والكلمات غير اللائقة من أصدقائه اتهمها بالحجر عليه واحتملت كل ذلك، لكنها ثارت عليه عندما أشفقت على ابنتها الصغيرة التي بدأت تسهر مع والدها وأصدقائه وتتغيب في الصباح عن مدرستها لبعض الأيام واندلعت المشاجرات بينهما، وبدأ الاستقرار العائلي يتحول إلى خلافات لا حدود لها، وفشلت كل محاولات الصلح بينهما ولجأت إلى القضاء متهمة زوجها بعدم أمانته عليها وعلى أبنائها، وكان الطلاق مصير علاقة زوجية استمرت لأكثر من ثماني سنوات”.

ومن جانبها ترفض الموظفة الشابة أنجي عادل هذه الممارسات الخطيرة قائلة “دائما أنظر بعين الاتهام إلى الزوجة سواء شاركت في استقبال أصدقاء زوجها بمنزلها أو رضيا بتحول المنزل إلى مقهى للآخرين لأنها تفهم الحياة الزوجية خطأ؛ فلها الحق في الدفاع عن مملكتها حتى ولو رفض الزوج”.

ويعتبر عبدالمجيد إمام طالب جامعي أنه يمكن أن يتحول بيت الزوجين إلى مقهى إذا اتفق الزوجان على ذلك، موضحا “أرى أنه لا مانع مطلقا لهذا السلوك لأنه تعبير عن علاقة خاصة بين هذين الزوجين، ولأن ذلك أفضل من لجوء الزوج إلى أصدقائه في المقهى والغياب بصورة شبه دائمة عن منزله وزوجته التي تعيش الوحدة طوال الوقت”. وشكك إمام في أن مجرد وجود “شيشة” و“دومينو” وغيرهما من ألعاب المقاهي بمسكن الزوجين سيسبب انهيار العلاقة.

Thumbnail

وكشف الدكتور هشام حسين أستاذ علم الاجتماع أن البحوث الاجتماعية حذرت أيضا من خطورة هذا الأمر لكونه أحد أهم أسباب التفكك الأسري وانحراف الأبناء وحدوث الخيانات الزوجية.

وأوضح قائلا “من الناحية الاجتماعية، إن للأسرة في التقاليد الإنسانية بصفة عامة في أي مجتمع وكذلك في تقاليدنا العربية بصفة خاصة، منزلة رفيعة، ولذلك يجب الحفاظ على استقرار الأسرة بعيدا عن أعين وتدخلات الغرباء مهما كانت منزلتهم من الزوجين لأنها المؤسسة الاجتماعية في أي مجتمع إنساني الأوْلى بالرعاية وأسس نجاح”.

كما أشار إلى أن الزوجة يتولد لديها نوع من التحفيز الاجتماعي لرفض كل تهديد يحيط بأسرتها والحفاظ على أبنائها وزوجها، وإذا كانت مؤيدة على مضض خروج زوجها للمقاهي فإن ذلك لا يعني بالضرورة موافقتها على تسلل هذه المقاهي إلى منزلها لأن هذا التأييد من الناحية الاجتماعية مشروط بأن تكون حياة وجلسات زوجها مع أصدقائه بعيدا عن منزلها وأسرتها.

ويرى الدكتور طارق علي أستاذ علم النفس،  أن دعوة الأصدقاء إلى منزل العائلة للسهر واللعب يولد حالة وجدانية سلبية لدى الزوجة أساسها القلق والخوف، وبالتالي تصبح العلاقة بين الزوجين في أشد حالات ضعفها.

وتابع موضحا “عندما ترى الزوجة أصدقاء زوجها يقتحمون المنزل ويهددونها فيه وينتهكون حرمته، وترى نفسها مُسخرة لخدمة هؤلاء الأصدقاء، تتولد لديها حالة من النفور وعدم الاستقرار، وتحاول في البداية السيطرة عليها إلا أن الضغوط التي تعيشها تؤدي إلى عدم قدرتها على كتمان رفض ما يدور حولها، فتعلن ذلك لزوجها، الذي يواجهها برفض موقفها.

21