التوازن في تنظيم الوقت يزيد استقرار الحياة الزوجية

عدم الاستفادة من الوقت المشترك يهدد الحياة الأسرية والمهنية.
الاثنين 2020/03/02
أوقات خاصة

لا يمكن لأي حياة زوجية ناجحة أن تتجاهل قيمة الوقت في العلاقة بين الزوجين واستمرارها، فالزمن يحدد أمورا كثيرة، مثل سن الإنجاب، وتربية الأطفال ودراستهم، وأيضا تحقيق الاستقرار المادي للأسرة، فكل التفاصيل الحياتية مرتبطة بمضي الأشهر والسنين وطرق التعامل معها.

القاهرة - يخصص أغلب الأزواج والزوجات لحياتهم الزوجية الوقت المتبقي بعد إنجاز جميع التزاماتهم الوظيفية والأسرية فقط في زمننا الحالي المشحون بالضغوطات، وقد يكون هذا الوقت عبارة عن ساعة أو ساعتين في نهاية اليوم، أيّ أنه فترة غير كافية إطلاقا لاستمرارية واستقرار الزواج، لذلك يجب أن يجيد كل طرف في العلاقة الزوجية في صنع وقت مشترك للاستمتاع بقدسية الزواج ولحظاته الحميمة.

وكشفت دراسة أن عدم الاستفادة من الوقت لتحسين الحياة والتقدم إلى الأمام يعرض الإنسان إلى مشكلات أسرية ووظيفية لا حصر لها، مشددة على ضرورة الحرص على حسن استخدام الوقت وتنظيمه، لكي لا يتحول إلى عدو.

وأكدت الدكتورة بسيمة المغربي، أستاذة علم الاجتماع في مصر أنه ينبغي على كل طرف في العلاقة الزوجية الوعي بأن وقت كل منهما لا يعتبر عنصرا متزامنا مع وقت الآخر، لأن لكل منهما صفاته ومزاياه التي تختلف عن صفات ومزايا الطرف الآخر، وأبرز ما يميّز وقت المرأة ويتحكّم فيه هو الدورة الشهرية، أو إنجاب طفل بعد مرور تسعة أشهر، وهذان الأمران من الدوافع الزمنية التي تحرّك المرأة ولا تحرّك الرجل،

وأوضحت “عندما يقترح الزوج مثلا: سوف نذهب غدا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، أو سوف نسافر لقضاء العطلة السنوية، غالبا ما تبحث المرأة عن توافق توقيت ذلك مع فترة الدورة الشهرية لديها، أو شهور الحمل الأخيرة؟”.

ونبهت إلى أهمية تنظيم الوقت قائلة “هذا لم يعد شيئا صعبا إذا كانت حياة الإنسان مزدحمة بالمشكلات والمسؤوليات، أو إذا كان يعوزه النظام، أما تنظيم الوقت مع وقت الطرف الآخر، فيعد فنا في حالة ازدحام الحياة بهذا الشكل، لكن يزداد الأمر صعوبة في حالة اختلاف الساعة البيولوجية الداخلية لكل منكما، كأن تكون المرأة نهارية وشريك حياتها ليليا مثلا”.

تقاسم المسؤوليات يساعد الأزواج في كسب مزيد من الوقت لحياتهم الخاصة، ويخلق نوعا من الرضا المتبادل

كما شددت على ضرورة تجنب الوقت الميت عندما تدع المرأة زوجها يدخل في متاهات التخمين انطلاقا من مبدأ “إذا كان يحبني حقا فسوف يفهم ما أريد قوله من تلقاء نفسه”، لافتة إلى أن هذا الوقت الضائع يزيد المسألة خطورة، ويزيد من الاختلافات بين الشريكين.

ونصحت الزوجة بعدم قياس حب الزوج لها بقدرته على تخمين رغباتها، فإذا أرادت أن تخرج قليلا أو أن تجلس بمفردها مثلا عليها أن تعبّر عن ذلك بصراحة.

وأوضحت المغربي أن تقاسم الشريكين للمسؤوليات يساعدهما على كسب المزيد من الوقت لحياتهما الخاصة، ويخلق نوعا من الرضا المتبادل، فلكل طرف منا حياته العملية المثقلة بالمسؤوليات، وحياته العملية المزدحمة بالواجبات والالتزامات، وكل ذلك من شأنه أن يزيد من هوة التفاوت الزمني بين الزوجين.

وقالت “خصصا وقتا للخروج معا دون أطفال، وبعيدا عن الأصدقاء والأقارب، وبعيدا عن الواجبات والالتزامات، حتى لو جلس كل منكما يقرأ في كتاب أو يفكر في مشكلاته الخاصة”.

وأكد خبراء العلاقات الزوجية أن التوازن في تنظيم الوقت يمكّن الزوجين من الحفاظ على علاقة يسودها الهدوء والاستقرار والتفاهم، ويجنبهما الدخول في صراعات لا حدود لها، لافتين إلى أن تخصيص وقت يقضيانه معا بين الفينة والأخرى يعد من الضروريات التي يتجاهلها غالبية الأزواج، كما أنه من الضروري أن تكون لكل طرف أوقاته الخاصة لتحقيق أهدافه وممارسة هوايته ويتواصل فيها مع محيطه الاجتماعي وذلك في إطار التوافق والتفاهم.

وأشارت الأخصائية النفسية، أمنية كمال، إلى أهمية القيام بطقوس تساعد على منع التوتر النفسي بين الزوجين، موضحة “لا تلق بضيقك ومشكلاتك في وجه الطرف الآخر فور عودته من عمله، فقد أثبتت الإحصائيات، أن أغلب مواقف الخلاف تشتعل في هذه اللحظات بالذات، فكل منكما له الحق في أن ينعم بلحظات من الاسترخاء بعد يوم كامل من الإرهاق”.

استمتاع بأوقات اللقاء
استمتاع بأوقات اللقاء

ونبهت إلى ضرورة أن يختصر الزوج مثلا المكالمات الهاتفية التي يجريها أثناء وجوده في المنزل، فقد اكتشف العلماء أنها سبب لإثارة الطرف الآخر واستفزازه، كما شددت على تجنب وضع الطرف الآخر في موقف الانتظار، وقالت “لا تقل له مثلا انتظر عشر دقائق بينما تكون في قرارة نفسك واثقا من أنك في حاجة إلى نصف ساعة على الأقل”.

وتابعت كمال “يجب وضع جدول زمني مشترك، لأن احترام وقت الطرف الآخر يعني أيضا احترام جدوله الزمني، من هنا تبدو أهمية الإعلان مسبقا عن أي ارتباطات فردية، حتى يمكن للطرف الآخر تطويع جدوله لاستيعابها، كما تكمن أهمية عمل جدول مشترك إلى جانب الجداول الفردية، في التوفيق بين الارتباطات الشخصية لكل منهما خلال الأيام، بل الأسابيع التالية”.

وأشارت إلى ضرورة إدخال أيّ ارتباط جديد إلى الجدول المشترك، والتأكد من أن الطرف الآخر قد ألم به، حتى إذا استجدت أي ظروف طارئة يمكن للطرف الآخر الاستعداد لتقبّل التغيّرات التي تحدث بالمزيد من المرونة ورحابة الصدر.ولفتت إلى أنه من الضروري أن يشرح كل طرف في العلاقة الزوجية أولوياته للطرف الآخر، إذ عادة ما يتجنّب الزوجان الدخول في مناقشات في أمور يعتبرها كل منهما بديهية ومفهومة، خاصة إذا كانت تتعلّق بمشروعات المستقبل.

وأفادت بأنه من الطبيعي ألا ينظر الزوجان إلى المستقبل من نفس الزاوية، فقد يكون في مخطط الزوج مثلا تأجيل إنجاب الأطفال حتى يستقر في عمله، بينما يكون في مخطط الزوجة إنجاب الأطفال أولا، وهنا يجب أن تكون الصراحة والنقاش أساس اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية في الحياة الزوجية.

كما أنه من الضروري أن يتحدث كل طرف عن أهدافه وخططه المستقبلية في كل مرة يشعر فيها بميل للتغيير، توفيرا لوقت كل منهما وتجنبا لأي سوء فهم.

وأضافت كمال “تأكدي أن شريك حياتك لديه أهدافه الخاصة ومشكلاته واهتماماته الخاصة، وليس من الضروري أن تكون متزامنة مع أهدافك ومشكلاتك”.

21