سفر الفتيات.. متعة وإثارة وكسر للتقاليد أيضا

شغفهما السفر والترحال وزيارة الأماكن الجديدة ولم تعيرا التقاليد التي تمنع سفر الفتاة أو السيدة لوحدها بالا، وشجعهما الأهل على الاستمرار في إشباع رغباتهما في معرفة ومشاهدة كل ما هو جديد، ليس داخل مصر وحدها، بل في العديد من دول العالم.
كان لـ”العرب”، لقاء مع إيمان الأمير وبسنت عراقي المصريتين، حول تجربتيهما وزياراتهما وتأسيس رابطة الرحالة المصريين، واللقاءات التي يتم تنظيمها لتعريف الشباب بأهمية السفر وفوائده.
بدأ حب السفر مع إيمان الأمير الاستشارية في نظم المعلومات الجغرافية والتي ولدت في محافظة البحر الأحمر (جنوب شرق القاهرة) منذ نعومة أظافرها، حيث كانت أسرتها تسافر إلى محافظات القاهرة والإسكندرية وقنا لزيارة الأهل دوما، وكان السفر حينها في أواخر ثمانينات القرن الماضي صعبا للغاية، لطول المسافة والوقت المستغرق، إضافة إلى أن أباها توفّي وهي طفلة.
تنشئتها الدينية وكونها فتاة لم يمنعاها من الإقبال على السفر والتنقل بين دولة وأخرى، وروت لـ“العرب” كيف أنها سافرت إلى 31 دولة في أغلب قارات العالم.
قالت إيمان “تعرضت للعديد من المواقف، أهمها التخييم في الصحراء، وركوب الـ’توك توك’ في سيريلانكا، ودخلت إلى غابات تغص بالمفترس من الحيوانات، وقدت طائرة صغيرة، وألقيت بنفسي في النهر، على الرغم من تعارض ذلك مع مظهري، حيث تغلبت على كل الأفكار الصعبة، ولم يمنعني وزني الزائد من فعل ذلك كله”.
وأسهمت إيمان في تأسيس “رابطة الرحالة المصريين”، في شهر يوليو الماضي، وتضم في عضويتها أشخاصا من داخل مصر وخارجها، ثم نظمت فيما بعد صالونا أدبيا بعنوان “رحلة الحياة”، في نوفمبر 2015، ولقاءً آخر بعنوان “الأماكن حواديت”، استضافت فيه الرابطة كل الرحالة للحديث عن تجاربهم المختلفة.
من أشهر أعضاء هذه الرابطة فادي حنا، الشاب المصري الذي سافر إلى 103 دولة، وشيرين عادل تلك الفتاة التي جابت أرجاء مصر عبر دراجة بخارية، وتم الاتفاق على تنظيم لقاء شهري لمناقشة كتاب يتناول إحدى تجارب السفر، في محاولة للتأكيد للناس على أنه مهما كانت السن أو الظروف يمكن دائمًا البداية من نقطة جديدة.
أهم ما تعلمته إيمان في رحلات سفرها الاعتماد على النفس، وعدم التصديق الكامل بالمسلمات التي يصر عليها المجتمع، مثل عدم جواز سفر الفتاة أو السيدة لوحدها، لأسباب اجتماعية ودينية
كان أهم ما تعلمته إيمان في رحلات سفرها الاعتماد على النفس، وعدم التصديق الكامل بالمسلّمات التي يصر عليها المجتمع، مثل عدم جواز سفر الفتاة أو السيدة لوحدها، لأسباب اجتماعية ودينية. وأوضحت أنها تمردت على كل هذه “التابوهات” الفكرية، بحثا عن رؤية عالم جديد، وأشخاص يمارسون حياتهم بشكل مختلف، بالإَضافة إلى عدم تكرار الأخطاء التي حدثت في رحلة السفر الأولى، والتخطيط الجيد بتحديد التوقيت المناسب للسفر ومكان الإقامة والابتعاد عن ذروة الموسم السياحي.
القراءة عن المكان الذي سيسافر إليه “الرحّالة”، أمر مهم للغاية، حيث يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة وارتداء الملابس المناسبة ومعرفة الطبيعة الجغرافية والمكانية له، ما يجعل المتعة أكبر، وما أكد لها ذلك، زيارتها مكانًا بين جبلين في المغرب، كانت فيه الأرض رخوة ومليئة بالطّمي.
ولا يخلو السفر من مواقف أو أمور قد تجعل تنفيذه صعبا، وهو ما حدث في رحلة إيمان الأمير، التي كان محددًا لها شهر يناير 2011، حيث تزامن ذلك مع ثورة الغضب في مصر، وكان هناك رفض أسري للسفر، إلا أن الظروف شاءت إتمام الرحلة، بعد أن مكثت في مطار القاهرة 14 ساعة، وتعلمت من ذلك ضرورة الصبر والإصرار، وهو ما أشعرها بالسعادة، وفي تلك الرحلة واجهت أول احتكاك مع لغة غريبة.
أما الفتاة الثانية، فهي بسنت عراقي، التي تعمل في المجال المصرفي، وقالت لـ“العرب”، “بدأت أول تجربة للسفر والترحال في عام 1995، وكانت منحة مقدمة من المركز الثقافي الإسباني لدراسة اللغة لمدة شهر بإسبانيا، عقب الانتهاء من الدراسة الجامعية والالتحاق بالعمل المصرفي، ولم يكن العمل أبدا عائقا أمام سفري”.
وبعد هذه الزيارة اعتادت بسنت السفر لوحدها، حيث شعرت بأنها في جنة الله في الأرض عندما زارت النرويج وهولندا. وأضافت “أهلي كانوا يدعمونني دائمًا، ولم يعارضوا سفري أبدًا، وكان أهم عنصر اكتسبته، الثقة بالنفس، إذ تمكّنت من اتخاذ كلّ القرارات الهامة، وفقا لتقييمي ووجهة نظري الشخصية، وحسب ما يتماشي مع مبادئي وقناعاتي أنا، وزرت 28 دولة عبر أنحاء العالم”.
“العرب” سألت بسنت، عن أوجه الاختلاف بين التخطيط للسفر في تسعينات القرن الماضي والسفر الآن، فقالت “إن التخطيط لكل رحلاتها كان يتطلب منها في السابق جهدا كبيرا واتصالات مضنية، أما حاليا فإن الترتيب أصبح سهلًا عن طريق الإنترنت”. وعن ارتفاع التكلفة، أوضحت أنها تغلبت على ذلك، بالإقامة داخل بيوت الشباب في الدول التي تسافر إليها، وقالت “لم أشعر بالقلق أبدا، وقد يعود ذلك إلى توافر الجرأة في شخصيتي، كما لم أتعرض لأيّ مواقف سيئة”.
بسنت نجحت في تكوين صداقات كثيرة في الدول التي زارتها، وأفادتها تلك الصداقات في الترتيب لبرنامج الرحلة عن طريق هؤلاء الأصدقاء، ولفتت إلى أنها انضمت لرابطة الرحالة المصريين، وتنوي الكتابة عن أميركا الجنوبية، التي تعدّ قارة مجهولة بالنسبة إلى الكثيرين، “لقد زرت تلك القارة في نوفمبر 2015، واستمتعت فيها بمشاهدة معالم البرازيل والأرجنتين وأوروغواي”.
شرحت لـ“العرب”، كيف أن السفر علّمها أن الطبيعة تختلف من مكان إلى آخر، فالمواطنون في أميركا الجنوبية مثلًا يتميزون بالطيبة، وانعدام العنصرية في تعاملاتهم، حيث تقول عنهم “عندما كانوا يعرفون أنني مصرية، كانوا يمطرونني بأسئلة عن أرض الكنانة، شوقا لمعرفة معلومات أكثر عن بلدي”. وفي إحدى رحلاتها، اصطحبت بسنت أطفالًا من عائلتها، ورغم أنهم كانوا قيدًا عليها في برنامج السفر، إلا أنها استمتعت بهم جدًا، وهم استمتعوا أيضًا بالرحلة.