التأهيل النفسي والاجتماعي يساعد على مواجهة تبعات الطلاق

استشراء ظاهرة الطلاق في الدول العربية يسهم في تغيير نظرة المجتمع للمطلقين، هذا ما خلصت إليه مؤسسة جمعية “الثقة للمطلقين” المصرية عبير الأنصاري، وهي امرأة مطلقة أرادت من خلال إنشاء هذه الجمعية أن تساعد في توعية المطلقين وتدريبهم على كيفية التعامل مع الوضع الاجتماعي الجديد، مع الحرص على تقديم النصح والإرشاد.
الخميس 2016/02/25
تثقيف الشباب على اختيار الشريك

كانت معاناتها بسبب وضعها الاجتماعي لأنها امرأة مطلقة نقطة الانطلاق في بحثها عن فكرة لتأسيس جمعية معنية بشؤون المطلقين والمطلقات، وذلك بعد أن لمست خوف المجتمع من التعامل معهم. خيوط الفكرة بدأت تتبلور في ذهن عبير الأنصاري عام 2004، تحديدا بعد عودتها من إنكلترا للاستقرار في مصر، حيث وجدت الحياة مختلفة كليا عما اعتادت عليه في المجتمع الإنكليزي، خاصة من حيث قبول المجتمع لفكرة الطلاق وثقافة وطريقة التعامل مع المطلقين والمطلقات بشكل إنساني مقبول.

أكدت عبير الأنصاري، رئيس جمعية الثقة للمطلقين، أن الشباب في العشرينات هم الفئة الأكثر طلاقا في المجتمع المصري، لأسباب عديدة ومتنوعة.

وأضافت في مقابلة مع “العرب” أنها عانت كثيرا بعد قدومها إلى مصر، وشعورها بتحفظ وحساسية الكثيرين من المحيطين بها في التعامل معها باعتبارها سيدة مطلقة، ما دفعها إلى التفكير في تأسيس جمعية هدفها دعم مجتمع المطلقين، وإجراء دورات تدريبية لهم لتوضيح كيفية التعايش مع المجتمع بشكل عام بعد الانفصال.

بالفعل أشهرت الجمعية وسجلت بإدارة التضامن الاجتماعي التابعة لمحافظة القاهرة، وتواصل الجمعية رسالتها الاجتماعية حتى الآن، وتعمل حاليا على تأسيس مقر جديد لها بعد أن حققت نجاحا وانتشارا على مدار السنوات الماضية.

الأنصاري أوضحت أن أهم أنشطة الجمعية بحث ودراسة المشكلات التي تواجه مجتمع المطلقين بشكل عام، باستخدام الأساليب العلمية، كالعلاج الجماعي وورش التأهيل النفسي والاجتماعي التفاعلية ومجموعات التركيز وحلقات النقاش الجماعية.

الجمعية تهتم بتنظيم دورات ومحاضرات وورش عمل بهدف تنمية مهارات النقاش والتواصل مع المجتمع وتطوير قدرات إدارة العلاقات الاجتماعية، وعقد دورات خاصة بتربية الأبناء والتعامل مع مشاكلهم الأسرية والنفسية والسلوكية في ظل الوضع الجديد بين آبائهم المطلقين.

معروف أن بعض المجتمعات العربية تسود فيها نظرة ريبة وعدم ارتياح تجاه المطلقين، وتنتشر فيها ظاهرة إهدار حقوق المرأة المطلقة.

وهو ما فسرته الأنصاري بسيطرة الثقافة الذكورية على المجتمع العربي عموما، والمطلقة أحيانا تجد نفسها وحيدة وسط المجتمع، ما يترتب عليه تجنب الاختلاط بالمطلقات وبحجج مختلفة.

عبير الأنصاري: سيطرة الثقافة الذكورية على المجتمع العربي تجعل المطلقة تجد نفسها وحيدة

وأرجعت أسباب الطلاق إلى عوامل كثيرة، بينها العنف الأسري، أو الخيانة، أو انعدام الثقة بين الطرفين، ناهيك عن العوامل المادية، أو عدم التكافؤ بين الزوجين، أو إمعان الزوج في إذلال زوجته، أو تدخل الأهل في الحياة الزوجية بصورة سلبية.

وأضافت أن إحساس المرأة بنفسها كشخص يتمتع بالاستقلالية قد يكون من الأسباب التي تشجع على خوض تجربة الطلاق، إذا كانت لدى المرأة القدرة والاستطاعة في الاعتماد على نفسها وقناعتها بأن حياتها لا تتوقف على وجود الزوج.

وأشارت إلى أن انتشار الطلاق بشكل واسع في المجتمع المصري جعل كل منزل فيه لا يخلو من مطلق أو مطلقة، ما أدى إلى زيادة نسبية في قبول فكرة الطلاق وعدم الخوف من الإقدام عليه عما كان سائدا حتى وقت قريب.

الجمعية تحاول إصلاح ما تفسده تجربة الطلاق، خصوصا من الناحية النفسية، فعن طريق الحديث عن التجارب الفردية الخاصة بأعضاء الجمعية والنظر في الدروس المستفادة من خلال حوار جماعي، تظهر وجهات النظر والتجارب المتنوعة أمام الرجال والسيدات، وتزيد درجة الوعي بالأخطاء السابقة والأساليب المثلى للتعامل مع تجربة الطلاق نفسيا واجتماعيا وأسريا.

حول جدوى المحاضرات والمناقشات الجماعية في رأب الصدع في بعض حالات الطلاق، قالت الأنصاري “لدينا حالات عاد فيها بعض المطلقين إلى حياتهم الزوجية بعد مساعدتهم في فهم مشاكلهم الأسرية فهما سليما، وتأهيلهم للعودة إلى حياتهم الزوجية بفهم ووعي أكبر لمتطلبات الحياة الناجحة”.

وأوضحت أنه في حالات كثيرة يبحث الشاب أو الفتاة عن شريك الحياة بمواصفات خيالية غير واقعية يضعها في مخيلته، على أمل تكوين منزل يسوده الحب والاستقرار.

ودعت إلى تبني ثقافة ومهارة اختيار الشريك وتثقيف الشباب عبر المناهج التعليمية في المراحل الدراسية المختلفة، لتوضيح كيفية اختيار الطرف الآخر المناسب للزواج، فالقضية ليست حفلة زواج وفرح فقط، بل هناك مسؤوليات وتبعات كثيرة لابد أن يعيها كل من يقبل على الزواج.

تلعب التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في انفصال الأزواج عاطفيا وهم يعيشون تحت سقف واحد.

في هذا الجانب، قالت رئيس جمعية دعم المطلقين، إن هناك حالات طلاق تقع لمجرد اكتشاف الزوج أن زوجته تتحدث مع رجل آخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أن الزوجة لم ترتكب فعل الخيانة، في المقابل، يظهر تسامح المرأة مع زوجها في حالة اكتشافها خيانته.

أشارت الأنصاري إلى أن التكنولوجيا أحد الأسباب التي أدت إلى زيادة الخلافات الأسرية لدرجة كبيرة، بل وصاحبة اليد الطولى في الانفصال العاطفي بين الأزواج حاليا، علاوة على أنها توقع الكثيرين في رسم صور غير واقعية ووهمية عن الأشخاص الذين يتعاملون معهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكدت أن تدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة قد يكون وبالا عليها ويتحول إلى عامل أساسي في الطلاق في حالات كثيرة، وانتقدت انشغال أمهات كثيرات بمواقع التواصل الاجتماعي وانصرافهن عن مهماتهن الأساسية في تربية وتوجيه الأبناء.

أما عن التعدد، القضية الأكثر إثارة للجدل، وأن الكثير من الرجال يحلمون بالبحث عن الزوجة الثانية وآخرين عن الثالثة، فقالت: إن التعدد إذا كان مقبولا في بعض المجتمعات العربية، فالوضع يختلف كليا في مجتمعات عربية أخرى.

حول الجانب البيولوجي ودور الهرمونات وتأثيرها في انفعالات وأحاسيس ومشاعر السيدات، أكدت أن المرأة بطبيعتها حساسة جدا، وتتحكم الهرمونات في بعض تصرفاتها وسلوكياتها وعلى نحو يجعل بعض الرجال يصفون سلوكها بتصرفات “المجانين”.

انتقدت الأنصاري السلوكيات غير المبررة مثل السيطرة التي تمارسها بعض الزوجات على أزواجهن، مؤكدة أن الزوج سوف يفعل ما يحلو له عندما يكون بمفرده، باعتبار أن الممنوع مرغوب دائما.

21