مصرية تطارد المهن الذكورية وتطمح إلى حراسة رئيس الجمهورية

لا توجد مهن تتعلق بالرجال فقط لصعوبتها وجهدها الذي لا تقدر عليه المرأة، هذا ما تثبته المصرية هند وجيه التي احترفت رياضات كان يعتقد أنها حكر على الرجال بل استطاعت بإرادتها أن تنخرط في مهن خطرة كالحراسة الشخصية، هند ليست وحدها التي كسرت بعض القناعات الذكورية، بل هناك فتيات عربيات احترفن مهنا كانت تعتبر رجالية.
الجمعة 2016/06/10
الرجولة مفهوم وليست قوة عضلات

القاهرة - في واحدة من المفارقات النادرة، لعبت سلسلة من المصادفات دور البطولة في تخطيط مشوار حياة الفتاة المصرية هند وجيه، منذ أن كانت في الخامسة عشرة من عمرها.

في البداية دفعتها رغبتها العارمة في تحدي الذكور إلى دخول سوق العمل في وقت مبكر جدا، ثم تلى ذلك إقبالها على ممارسة رياضة كمال الأجسام والألعاب القتالية، بعدما خشيت أن تتعرض لمضايقات في مكان عملها أو في طريقها من العمل وإليه.

هكذا قادتها سلسلة المصادفات لأن تكون أول لاعبة كمال أجسام مصرية، وواحدة من أوائل الفتيات اللائي اقتحمن مجال الحراسات الخاصة، حيث يسكنها الأمل في أن تصبح في يوم قريب ضمن الحرس الرئاسي الخاص للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

لكن المثير في حياة هند وجيه (34 عاما) أن طموحاتها المهنية وعنادها الأنثوي الذي لا يلين لم يلهها عن حياتها الخاصة، حيث ارتبطت ببطل كمال أجسام منذ فترة ويجهزان حاليا عش الزوجية.

هند التي حصلت مؤخرا على دورة معتمدة من وزارة الداخلية تؤهلها للعمل في مجال الحراسات الخاصة، قالت لـ”العرب” إنها كانت تعمل في هذا المجال دون دراسات، لذا كان عملها قاصرا على تأمين الحفلات والمناسبات العامة.

لأنها طموحة لا ترضى بمبدأ القبول بالمتاح، فكرت في دعم قدراتها بالدراسة لتأهيل نفسها للعمل مع الشخصيات الهامة، لأن غاية طموحها الانضمام إلى الحرس الرئاسي.

الطريف في حياة هند أنها لا تزال تواجه بنظرات وعبارات التعجب ممن يقابلونها، رغم أنها تمارس رياضة كمال الأجسام والعمل في الحراسات الخاصة منذ سنوات، ويبدو أن الانفتاح الذي شهده المجتمع المصري في السنوات الأخيرة لم ينلها منه نصيب.

روت هند لـ”العرب” مجموعة من القصص الطريفة واجهتها في الدورة التدريبية التي حصلت عليها، والتي تولى مسؤولو أكاديمية الشرطة المصرية تنظيمها وتدريب المشاركين فيها وأغلبهم من ضباط القوات الخاصة في الجيش والشرطة.

أول لاعبة كمال أجسام مصرية

قالت مع أن الدورة كانت مقابل معلوم مادي، إلا أنها واجهت احتمال عدم القبول، وخشيت أن يرفض مسؤولو الأكاديمية التحاقها، لأن الدورة كما كان مبينا في الإعلان عنها للشبان وليست للفتيات، ولم يتراجعوا إلا بعد أن أرسلت لهم صورها وهي ترتدي ملابس التدريب.

بعد ذلك فاجأت هند المسؤولين في المقابلة الأولى بعد قبولها، حينما سألوها عن الهدف من الالتحاق بالدورة، فقالت لهم إنها تريد أن تكون من الحرس الخاص لرئيس الجمهورية وهو ما أثار دهشتهم، لكنها قبلت في النهاية.

خلال الدورة المكثفة التي استمرت أسبوعا، خاضت هند اختبارات عملية على كيفية حماية الشخصية التي تتولى تأمينها بشكل كامل، وأن تتحسس المخاطر قبل وقوعها وكيفية التعرف على العبوات الناسفة لتجنبها وإخلاء المكان.

وتعلمت كذلك بعض مبادئ الإسعافات الأولية إلى أن يصل المختصون، وتدربت على استخدام سلاح “إيرسوف” وهو يشبه تماما ما يعرف بـ”المسدس” العادي إلا أن مقذوفه هوائي وليس ناريا، وتعلمت أيضا كيفية التعامل مع حاملي الأسلحة البيضاء.

وأهم ما تعلمته في الدورة أن الحراسات الخاصة لا تعتمد فقط على البنيان الجسدي القوي، لكن أيضا على التصرفات والتدريبات الصحيحة التي تمكن من حماية الشخصية بطريقة كاملة، والاعتماد هنا على سرعة البديهة ورد الفعل، وبمعنى أدق التكامل بين العقل والعضلات.

أوضحت هند لـ”العرب” موقف أسرتها من ممارستها لرياضة تغيّر شكل جسدها كأنثى ولا يمارسها عادة سوى الذكور فقالت، إن والديها كانا في البداية رافضين بشدة للفكرة، ثم أصبحا فخورين بها بعد أن حققت نجاحا في الرياضة وفي العمل.

تحولت هند إلى شخصية عامة بعد أن شاركت بتقديم فقرة في برنامج تلفزيوني مصري تشرح فيها للفتيات كيفية التصرف مع المتحرشين أو مواجهة أي تصرفات تتسبب في مضايقتهن أثناء تواجدهن في أي مكان.

الآن أكثر ما يسعدها حينما تستوقفها فتيات عاديات خلال سيرها في أحد الشوارع ليطلبن التصوير معها، أو ليخبرنها كم أنهن فخورات بنجاحها في تحدي الذكور في لعبة ومهنة ارتبطتا بهم منذ القديم.

مدربة شباب في ألعاب الدفاع عن النفس

أما في ما يخص الجيران والأقارب، فقد استنكروا في بداية الأمر ممارستها للألعاب “الرجولية”، لكنها ردت عليهم بأنه ليست هناك أعمال خاصة بالرجال، وطالما أن الفتاة تستطيع أن تنجز العمل فعليها أن تقدم عليه فورا.

انتقلت هند إلى مجال التدريب، وهي تعطي دورات للشباب الهواة في رياضة كمال الأجسام وألعاب الدفاع عن النفس، وتقول إن أغلب المتدربين كانوا يواجهونها في البداية بنظرات استغراب سرعان ما تزول بعد أن يلمسوا احترافيتها ويتيقنوا من أنها تفوق الكثير من المدربين، وهي حاليا تحضّرهم للمشاركة في بطولــة القاهـــرة لكمال الأجسام.

وحول علاقتها بخطيبها قالت إنها تنسى ما تدربت عليه وهي معه، فتتعامل معه باعتبارها أنثى فقط لا غير، وهو من ناحيته يقدر طموحها، خاصة أنه يمارس نفس الرياضة ويعرف احتياجاتها.

ابتسمت هند وهي تؤكد أنها اتفقت مع زوج المستقبل على تأجيل مشروع الزفاف حتى تحقق بطولة لمنتخب مصر في لعبة كمال الأجسام.

سألت “العرب” هند عما إذا كانت قد اضطرت إلى استخدام مهاراتها القتالية في الشارع، فقالت إنها فعلت ذلك مرة واحدة حينما كانت في محطة مترو الأنفاق بالقاهرة مع إحدى صديقاتها وتطــاولت عليهما مجموعة من الشباب بألفاظ غير مهذبة.

تأكدت أن صديقتها استقلت المترو ثم عادت هي بمفردها لكي تتحدث معهم بأدب، لكن في أثناء ذلك حاول أحدهم إمساكها بيده فباغتته بضربة قوية في أنفه نزفت على إثرها دماء كثيرة، فما كان من الباقين سوى الهرب فزعا، وهرع من كان في المحطة لتسليم الشاب للشرطة بتهمة التحرش.

نصحت هند الفتيات بشكل عام بتعلم واحدة من رياضات الدفاع عن النفس، لأن المجتمعات العربية حاليا فقدت الكثير من معاييرها الأخلاقية التي كانت سائدة في السابق، لذا تطالب كل فتاة أن تتعلم كيفية الدفاع عن نفسها بدلا من انتظار الآخرين.

20