زارع على الشمس العلم

يذكر أن المخيال الجمعي، يجعل من الفرد التونسي “نبارا” بالفطرة، إذ لا يمكن أن تكون تونسيا، إلا إذا لم تكن ناقدا للوضع الذي تعيشه مهما كان، ساخرا منه ولو بصفة سرية.
السبت 2020/08/22
سخرية من الحياة وما فيها

إذا كان الأميركان قد زرعوا علمهم فوق القمر، فالتونسي الحر الأصيل الشامخ على كل القمم “طالع على جناح الرياح زارع على الشمس العلم”.

لم يكتف التونسي الحر الأصيل كما يقول أيقونة الفن التونسي لطفي بوشناق بركوب الرياح كما تركب الأمواج بل زرع العلم على الشمس أيضا.

هو إنجاز لم يسبقنا إليه، نحن التوانسة أحد، ولا أظن أنه في المستقبل على الأقل المنظور هناك من يقدر على “زرع” علم بلاده فوق الشمس.. فقط لم يخبرنا لطفي في أغنيته إن كان العلم المزروع أثمر.

قد تحسب الأغنية مبالغة وهي “مقبولة” تدخل في باب الاعتداد بالنفس ورفع المعنويات وقد تحوم حول زرعنا نحن التوانسة للعلم فوق الشمس نظريات المؤامرة في أدمغة بعضكم؛ فمتى زرع هذا التونسي الحر الأصيل العلم فوق الشمس؟ الإجابة أكيد أنه زرعه في يوم ما من أيام الثلاثة آلاف سنة حضارة التي لا تفوت التونسي، ذلك الحر الأصيل، مناسبة للتذكير بها.

حوّل التوانسة زرع العلم فوق الشمس وثلاثة آلاف سنة حضارة إلى مصدر للتنبير سواء كان الإنجاز تاريخيا أو كوميديا.

والتنبير هي صفة لا تتجزأ من صفات التونسي الحر الأصيل وتعني السخرية والاستهزاء من شخص أو من الواقع أو من حادثة ما. وتقترب هذه الكلمة من معنى كلمة “التندر” لكن على كل شيء.

يذكر أن المخيال الجمعي، يجعل من الفرد التونسي “نبارا” بالفطرة، إذ لا يمكن أن تكون تونسيا، إلا إذا لم تكن ناقدا للوضع الذي تعيشه مهما كان، ساخرا منه ولو بصفة سرية.

وأصبح التونسي رقما عربيا صعبا من ناحية التنبير والأدهى أنه يحب التنبير على أبناء وطنه حصرا.

قد تدل ظاهرة التنبير أن مجتمعنا لا يؤمن بالفردانية، فالنجاح إن كان جماعيا فهو مرحب به أما إن جاء كفرد فإما إن نلبسه لباس الوطن والشعب والمسؤولين أو نقضي عليه وننبر عليه.

لا نحب نحن التوانسة الامتياز الفردي الذي لا نشارك فيه جماعيا وشعارنا في الحياة “يا نعيش عيشة فل يا نموت الناس الكل”، أما أن تعيش وحدك عيشة فل فكما قال رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ “يبطى شوية”.

وليبطى شوية حكاية أخرى في يوميات التونسي الحر الأصيل الشامخ على كل القمم.

24