رفع أسعار الفائدة المصرية يثير سخرية الأوساط الاقتصادية

اتسعت مخاوف الأوساط الاقتصادية المصرية، بعد الصدمة الكبيرة، التي أحدثها قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة بنحو على الإيداع والاقتراض بنسبة واحد بالمئة خلال اجتماعات لجنة السياسة النقدية نهاية الأسبوع الماضي، وتزايدت ردود الأفعال المحذرة من تأثير القرار على مناخ الاستثمار في البلاد.
وقال هاني توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، إن قرارات البنك المركزي تعد بمثابة “إهدار للفرص وغياب للمنطق”.
وأكد في تصريحات لـ“العرب” أنه عندما يرفع البنك المركزى سعر الفائدة فهو يتبع بذلك سياسة انكماشية تؤدي إلى تحجيم الاستثمار، في وقت يسعى فيه الرئيس المصري والوزارات والجمعيات المهنية المتخصصة إلى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وزيادة معدلات التشغيل والإنتاج.
وأشار إلى أن قرار رفع سعر الفائدة ستكون له تداعيات سلبية كثيرة على الأوضاع الاقتصادية، منها زيادة عجز الموازنة وتراجع معدل الاستثمار وخفض معدلات النمو.
|
وكانت لجنة السياسة النقدية بالمركزي قد رفعت أسعار الفائدة نهاية الأسبوع الماضي بنسبة واحد بالمئة، لتصل على الإيداع لليلة واحدة إلى 11.75 بالمئة وهو أعلى مستوى لها في أكثر من 10 سنوات. وبلغت فائدة الإقراض لليلة واحدة 12.75 بالمئة وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2008.
وتعقد لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي اجتماعا كل ستة أسابيع للنظر في مستويات سعر الفائدة في الجهاز البنكي.
ويرى محللون أن القرار سيؤدي إلى زيادة أعباء خدمة الديون المحلية والخارجية، التي تصل إلى نحو 349 مليار دولار، وتمثل 97 بالمئة من حجم الناتج المحلي الاجمالي وفق الموازنة العامة للعام المالي المقبل (2016 – 2017) التي تبدأ مطلع الشهر المقبل.
قال إيهاب سعيد رئيس قسم البحوث في شركة أصول للاستثمارات المالية، إن رفع أسعار الفائدة سوف يؤدي إلى رفع تكلفة الإنتاج والتمويل ومن ثم التأثير سلبا على نتائج أعمال الشركات.
وأضاف لـ“العرب” أن الأوسط الاقتصادية تلقت صدمة جديدة بسبب هذا القرار حتى وإن كان يستهدف مواجهة معدلات التضخم التي تجاوزت 12.2 بالمئة، لأنه ليس الحل الوحيد لكبح جماح التضخم.
وأوضح أن التضخم الذي تعاني منه مصر ليس ناجما عن نشاط اقتصادي وقوة الطلب، إنما سببه ارتفاع التكلفة وتراجع قيمة العملة، ما يدخل الاقتصاد في ما يعرف بالركود التضخمي، والذي تكون مواجهته دائماً عن طريق السياسات التوسعيه لتنشيط الطلب وتحفيز مناخ الاستثمار، وليس بتضييق السياسات النقدية.
يصل حجم الاحتياطي لدى البنك المركزي المصري من العملات الأجنبية إلى نحو 17.5 مليار دولار
ووضعت موازنة العام المالي المقبل العجز المستهدف عند نحو 36 مليار دولار، لكن قرار رفع أسعار الفائدة يرجح ارتفاع ذلك العجز بنحو 360 مليون دولار. وكان بنك الاستثمار بلتون قد أصدر تقريرا قبل صدور قرار البنك المركزي، يرجح الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، جراء التطورات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
|
وقال إن أثر انخفاض الجنيه مقابل الدولار لا يزال مستمرا إلى حد كبير، وهو ما يعكسه ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية.
واستندت توقعات بلتون إلى ارتفاع معدلات التضخم الرئيسية في مؤشر أسعار المستهلك بشكل حاد لتصل إلى 12.2 بالمئة وهو أعلى مستوى منذ فبراير 2009.
وتفاقمت الضغوط التضخمية بسبب زيادة معدلات استهلاك المصريين في شهر رمضان والتعديل الحكومي لأسعار الخدمات والأدوية، إضافة إلى التداعيات المتواصلة للتخفيضات السابقة في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار. وأكد بنك بلتـون أنـه في ظـل هذه التحديات الصعبة، اختارت الحكومة عدم تطبيـق التعديلات فـي أسعار الـوقـود، والتي كـان مـن المقـرر دخـولها حيـز التنفيذ نهـاية الشهـر الحـالي، كـمـا لـم يحـرك البنـك المـركـزي السعر الرسمي للدولار مقـابل الجنيه.
وأشار المحلـل الاقتصـادي سيـد عـويضي إلى أن قرار رفـع أسعـار الفـائـدة سيـؤثر سلبا على تعـامـلات البـورصة، وستكون له تداعيات متعـددة علـى حـركـة التعامـلات.
وقال لـ“العرب” إن هناك علاقة عكسية بين سعر الفائدة وسوق المال، ما يعني أن رفع الفائدة، خاصة بهـذه النسبـة الكبيـرة، سيـؤدي إلى هبوط كبير في مؤشرات البورصة، ويؤثر أيضا على مستويات السيولة في السوق.
وأكد محمد عبدالفتاح المحلل الاقتصادي بشركة بايونيرز للأوراق المالية أن قرار البنك المركزي قد يكون مقدمة لخفض جديد في سعر صرف الجنيه الرسمي مقابل الدولار في تعاملات البنوك ليصل إلى 10 جنيهات للدولار.
ويبلغ سعر الصرف الرسمي للجنيه مقابل الدولار في تعاملات البنوك نحو 8.88 جنيه للبيع، بينما يزيد على 11 دولارا للجنيه في السوق الموازية (السوداء).