ردة اقتصادية مصرية تعرقل الاستثمار في قطاع الصحة

القاهرة – فجرت القيود التي فرضتها الحكومة المصرية على عمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع الصحة، جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية المصرية، وقد اعتبرها البعض نكوصا عن أبسط قواعد اقتصاد السوق، وعاملا طاردا للمستثمرين الأجانب.
ويأتي الإجراء الحكومي بعد الصفقات التي نفذتها مجموعة “أبراج كابيتال” الإماراتية، التي استحوذت مؤخرا على مستشفيات كليوباترا والقاهرة التخصصي ومعامل شركتي المختبر والبرج.
وأصدر وزير الصحة قرارا بتشكيل لجنة تضم في عضويتها ممثلين عن وزارة الاستثمار والخارجية وجهاز حماية المنافسة لدراسة الطلبات المقدمة بشأن نقل ملكية مصانع الأدوية. وأرجع ذلك إلى الحاجة إلى تنظيم عملية انتقال الملكية منعا للممارسات الاحتكارية وحماية للمنافسة.
وقالت منى الجرف رئيسة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية إن القرار سيمنح الجهاز سلطة المراقبة المسبقة لعمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع الصحة.
وأضافت لـ“العرب” أنه تمت مخاطبة وزارة الصحة بعد أن تلقى الجهاز أنباء صفقات استحواذ في قطاع الرعاية الصحية، الذي رأى أنها يمكن أن تؤدي لتأسيس كيان جديد ذي وضع مسيطر في المستقبل والآثار السلبية على المنافسة وارتفاع أسعار الخدمات المقدمة للمرضى.
|
وكانت مجموعة أبراج قد أعلنت في مارس 2015 عن تأسيس مجموعة استثمارية للرعاية الصحية في كل من مصر وتونس باسم مجموعة مستشفى شمال أفريقيـا باستثمـارات تصل إلى 200 مليـون دولار. وأكـدت أن تأسيس المجموعة تم بالشراكـة مع عـدد المؤسسات الدولية، منهـا البنـك الأوروبـي للإنشاء والتعميـر والوكـالة الألمانيـة للاستثمار والتنمية ومؤسسة الترويج والمشاركة من أجل التعاون الاقتصادي ومؤسسات أخرى.
وتقدم أيمن أبوالعلا عضو البرلمان عن حزب المصريين الأحرار بطلب إحاطة عاجل لوزيري الاستثمار والصحة، بشأن شراء مجموعة أبراج مستشفيات كليوباترا والقاهرة التخصصي ومعامل المختبر والبرج.
وأصدرت نقابة الأطباء 3 توصيات بشأن تلك الصفقات وطالبت بتدخل الحكومة لإعلان تفاصيل الصفقات التي تخص المعامل أو المستشفيات أو شركات الأدوية.
وطالبت أيضا بفرض رقابة من جانب وزارة الصحة على نشاط الاستحواذات، أسوة بدور البنك المركزي في ما يتعلق بالبنوك، بحيث لا يسمح ببيع وشراء أي منشآت صحية إلا بعد موافقة الوزارة والتأكيد على هوية المستثمرين، إضافة إلى وضع قواعد للبيع والشراء لمنع الاحتكار.
وتصل قيمة الأصول التي تديرها أبراج كابيتال حاليا إلى 7.5 مليار دولار في نحو 200 استثمار موزعة على 30 دولة، من خلال أكثر من 20 صندوقا.
يبلغ عدد المستشفيات في مصر نحو 1550 مستشفى، تمتلك الحكومة نحو 657 منها. وتستحوذ المستشفيات الحكومية على 90 بالمئة من عدد الأسرة البالغ 180 ألف سرير.
|
ويلزم قانون حماية المنافسة، المستثمرين الذين يتجاوز حجم أعمالهم السنوي 11.5 مليون دولار، بإخطار الجهاز لدى استحواذهم على أصـول أو إقامـة اندمـاجات جديـدة.
وقال حسام هيبة عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للاستثمار المباشر لـ”العرب”، “إن المنافسة هي التي تحسن مستوى أداء الخدمة، وإن الاستثمار الأجنبي والاستثمار المحلي، سيتأثران في حالة عدم وضوح الرؤية، وزيادة الإجراءات المطلوبة لعمليات الاستحواذ، لأنها ستكون بمثابة تشديد للقيود”.
وأشار إلى أن حالة “أبراج كابيتال” في مصر، لم تصل إلى درجة الاحتكار، نظرا إلى الحجم الكبير لسوق الخدمات الطبية في مصر.
وأوضح أنه يجب أن تضع الحكومة المصرية، نسبا محددة لشركات القطاع الخاص أو الصناديق الاستثمارية، تكون بمثابة الحد الأقصى التي يمكنها الاستحواذ عليه، حتى لا تحدث أي عمليات احتكارية.
وأكد صلاح حيدر عضو الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، ضرورة وضع ضوابط للاستحواذات في قطاع الرعاية الصحية، لضمان عدم هيمنة جهة بعينها على أسعار الخدمات بشكل ينعكس سلبا على حياة المواطنين.
وقال لـ“العرب”، “إن الاحتكار ليس جريمة، لكن القانون يرفض الممارسات التي تتحكم في أسعار الخدمة”.
وتطبق مصر قانونا يتضمن عقوبات في حال ترتبت على عمليات الاستحواذ ممارسات احتكارية، أو إخلال بقواعد المنافسة.
وأكد حيدر أنه لا توجد حاجة إلى إصدار أي تشريعات جديدة بشأن الاستحواذات في السوق المحلية، فالقوانين الحالية تكفي لكنها غير مفعلة، كما أن بعض الأجهزة المنوطة بها حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية موجودة بشكل نظري فقط.
وأشار جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، إلى أن الاحتكار ليس ممنوعا، فهيئة السكة الحديد، على سبيل المثال تحتكر خدمات النقل بالقطارات، وكذلك هيئة قناة السويس تختص بعمليات عبور السفن في القناة، لكن الممنوع هو أن يقوم المحتكر برفع قيمة الخدمة أو السلعة دون مبررات.
وأوضح لـ“العرب”، أنه من حق جهاز حماية المنافسة المصري، الاعتراض على أي تعاقد يؤدي إلى وجود مركز احتكاري، ويضر بمصالح المستهلكين. وشدد على أن القيود التي تفرضها الدولة، عند عمليات الاستحواذ في قطاع الصحة، لن تؤثر على الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى مصر.