رئيس اتحاد المزارعين يدعو إلى تأمين حاجيات تونس من الغذاء

نورالدين بن عياد يؤكد على ضرورة المحافظة على انسجام المزارعين وتضامنهم والانكباب على الملفات الحارقة لتأمين حاجيات البلاد من الغذاء ودعم الاقتصاد الزراعي.
الأحد 2023/05/21
مؤشرات واعدة بعد الأمطار الأخيرة

تونس - تعهّد نورالدين بن عياد الرئيس الجديد لاتحاد الفلاحة والصيد البحري في تونس في ختام المؤتمر الانتخابي بتأمين حاجيات البلاد من الغذاء ودعم الاقتصاد الزراعي، وسط تساؤلات بشأن حقيقة امتلاك السلطات إستراتيجية تضمن سيادة تونس الغذائية، فضلا عن الآليات اللازمة لتحقيقها في ظل تراكم الأزمات الاقتصادية والمالية بالبلاد.

وأسفرت نتائج انتخابات المؤتمر السابع عشر للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري التي أجريت بمدينة طبرقة (شمال) عن فوز بن عياد بـ80 صوتا مقابل 51 لمنافسه أنيس خرباش.

وأكّد بن عياد على “ضرورة المحافظة على انسجام المزارعين وتضامنهم والانكباب على الملفات الحارقة لتأمين حاجيات البلاد من الغذاء ودعم الاقتصاد الزراعي”.

وشارك في المؤتمر الذي انطلقت أشغاله منذ 8 مايو الجاري 430 شخصا قدموا من مختلف جهات البلاد، فضلا عن حضور وزير الفلاحة والموارد المائية عبدالمنعم بالعاتي وعدد من ممثلي المنظمات الوطنية.

وكان بن عيّاد قد انتخب في 18 يونيو 2022 رئيسا لاتحاد المزارعين إثر جلسة المجلس المركزي المتكون من 150 عضوا في دورته التاسعة والذي انعقد في 18 مايو من السنة المنقضية.

وطغت التجاذبات السياسية على الاتحاد في العشرية الأخيرة، لاعتبار عدد من أنصار الرئيس السابق عبدالمجيد الزّار أن بن عيّاد مدعوم من السلطة مستندين في ذلك إلى استقباله من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد.

تحقيق السيادة الغذائية يبدأ عبر تشجيع المزارعين على الإنتاج وتسهيل الإجراءات البيروقراطية وتسهيل التمويل

ويتطلع المزارعون في تونس إلى لعب الاتحاد دورا مهمّا في ظلّ مخاطر تهدد القطاع في مختلف جوانبه بسبب أزمة الجفاف المستفحلة وزيادة أسعار المواد الأولية.

وقال منير العبيدي رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة بالكاف (شمال) إن “هناك إمكانية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاع الزراعي وخصوصا في القمح واللحوم الحمراء، لكن القطاع يصطدم بصعوبات الجفاف وعدم إيلاء الزراعة الأهمية اللازمة في سياسات الحكومات المتعاقبة”.

وأكّد أنه “توجد تعهدات لتحسين القطاع الزراعي شريطة أن يتمتع بالأهمية اللازمة ماديا ومعنويا على غرار القروض والامتيازات والتسهيلات، إلى جانب تشبيب القطاع الزراعي”.

واعتبر العبيدي الذي أشرف على تنظيم المؤتمر أنه “على الرغم من وجود مخاوف من تداعيات الأزمة العالمية، يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب، أو أن يكون التوريد جزئيا، فضلا عن تحسين ملف التفاوض بين الوزارة والاتحاد بخصوص هذا القطاع الإستراتيجي في الاقتصاد وتوفير مختلف الإمكانات اللازمة للنهوض به”.

وتعدّ الزراعة من أهم القطاعات الإستراتيجية في تونس، وتساهم بنسبة 1 في المئة من الناتج الداخلي الخام وهي نسبة تعتبر متدنية نظرا إلى المشاكل والصعوبات الكبيرة التي تعيشها المنظومة الزراعية منذ سنوات.

المزارعون في تونس يتطلعون إلى لعب الاتحاد دورا مهمّا في ظلّ مخاطر تهدد القطاع في مختلف جوانبه بسبب أزمة الجفاف المستفحلة وزيادة أسعار المواد الأولية

كما يعتبر القطاع من أهم الركائز الأساسية لتنمية الاقتصاد وتحقيق مبدأ السيادة الغذائية. وتمتد الأراضي الزراعية على مساحة 10 ملايين هكتار، 5 ملايين منها قابلة للزراعة.

وتشغّل الزراعة 16.3 في المئة من اليد العاملة أي ما يقارب 1.5 مليون شخص وتشهد هذه النسبة تقلصا واضحا بعد أن كانت تقارب 80 في المئة من اليد العاملة بعد الاستقلال في 1956.

وأفاد أستاذ الاقتصاد التونسي رضا الشكندالي بأن “الرؤية الاقتصادية من مهام وزير الفلاحة، وتحقيق السيادة الغذائية ليس بالأمر الهيّن بل يتطلب إستراتيجية من 5 إلى 10 سنوات، مع تحسن مستوى الدينار التونسي الذي بتراجعه أصبح هناك عجز غذائي وفي مجال الطاقة في تونس”.

وقال لـ”العرب” إنه “منذ الستينات إلى الآن تغيّر الهدف من مفهوم الاكتفاء الذاتي إلى مفهوم الأمن الغذائي”، لافتا إلى أن “تحقيق السيادة الغذائية يبدأ عبر تشجيع المزارعين على الإنتاج وتسهيل الإجراءات البيروقراطية وتسريح التمويل الموجه للقطاع الزراعي، فضلا عن تشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وضمان ديمومة منظومات الإنتاج وتوفير المواد الأولية”.

ودعا الشكندالي وزارة الفلاحة التونسية إلى ضرورة تحسين المستوى العلمي للمزارعين، قائلا “هناك أكثر من 90 في المئة من المزارعين أعمارهم تتجاوز 60 سنة، وهناك 95 في المئة مستواهم التعليمي متدنّ بسبب نقص في التدريب والتكوين في الوزارة، وهذا ما يؤكد أن الرؤية مفقودة وأن تونس لا تملك مخطّطا واضحا للنهوض بالزراعة”.

واقترح “تنظيم حوار وطني حول الزراعة يجمع مختلف الأطراف المتداخلة في القطاع على غرار المزارعين (البالغ عددهم 540 ألف مزارع) لتحقيق رؤية متكاملة للقطاع”.

وسبق أن أكد وزير الفلاحة على “ضرورة الاستعداد لمواجهة التغيرات المناخية وتأمين حاجيات تونس الغذائية وأهمية العمل بما يؤمن حوكمة ثرواتنا واستغلالها بشكل علمي والتصدي لكل المظاهر التي تضر بها”.

Thumbnail

وأفاد أن “تونس قادرة على ضمان سيادتها الغذائية والمائية إذا ما تكاتفت جهود الجميع لحمايتها واستغلالها بشكل محكم”.

وتتخصّص الزراعة التونسيّة في قطاعات إنتاجيّة مهمّة كزيت الزيتون والتمور والقوارص والصيد البحري، وأصبحت بذلك من أبرز المصدّرين العالميّين فيها على حساب باقي أنماط الإنتاج الأساسيّة لشعبها كالقمح والشعير واللّحوم الحمراء والبيض والحليب.

وتستورد تونس 70 في المئة من احتياجاتها من القمح الليّن من الأسواق العالميّة وهو ما يكلّف ميزانيّة الدولة قرابة 2000 مليون دينار، فضلا عن ارتفاع الاستهلاك الداخلي من الزيوت النباتيّة.

وأكّدت دراسة سابقة حول الأمن الغذائي والسيادة الغذائية والحقّ في الغذاء في تونس على أهمية الزراعة، رغم انخفاض نسبة الأراضي الصالحة لذلك واعتماد تونس الهيكلي على الواردات وانعدام العدالة والمساواة في ملكية الأراضي، إلى جانب تجلّي مظاهر التبعية في البذور وتعزيزها عبر المعاهدات التجارية مع دول أخرى.

2