دعوة النهضة إلى تشكيل حكومة سياسية تواجه معارضة واسعة

الإقرار بفشل حكومة المشيشي يفاقم الانتقادات للحركة الإسلامية.
الخميس 2021/07/08
مزيد من التنافر

لم تنجح حركة النهضة التونسية في تحقيق إجماع سياسي حول تشكيل حكومة جديدة، وذلك إثر دعوة مجلس شوراها إلى تشكيل حكومة سياسية قوية، حيث رفضت العديد من الأطراف المشكّلة للمشهد السياسي هذه الدعوة.

تونس - تواجه دعوة حركة النهضة في تونس إلى تشكيل حكومة سياسية رفضا واسعا، حيث أعربت العديد من الكتل والجهات السياسية عن رفضها للانخراط في ما اعتبرته مناورة من قبل النهضة.

وفي الوقت الذي تحاول فيه حركة النهضة دفع بقية أطراف المشهد السياسي نحو بدء مشاورات حول الحكومة التي ترغب في تشكيلها، تتالت ردود الفعل الرافضة لمناورتها حيث رفضت كتلة الإصلاح الوطني وهي من حلفاء النهضة في الحكومة الحالية (18 نائبا) مقترح الحركة.

وقال رئيس الكتلة حسونة الناصفي إن “دعوة مجلس شورى النهضة إلى تشكيل حكومة سياسية تهم قواعدها فقط، لأن هدف النهضة وطلبها واضح وهو إيجاد موقع قدم ثقيل جدا في القصبة (مقر الحكومة)”.

وبدوره رفض الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي دعوة حركة النهضة، قائلا “نحن غير معنيين بدعوة النهضة، وأنفي نفيا قطعيا حديثها معنا عن حكومة سياسية ولسنا مهتمين بذلك، الشعب يموت والنهضة تريد تعيين مقربيها ولاة (محافظين) ومعتمدين”.

زهير المغزاوي: حركة الشعب غير معنية بدعوة النهضة لتشكيل حكومة جديدة

وتأتي هذه المواقف في وقت كثفت فيه النهضة من تحركاتها، بهدف استدراج الأحزاب إلى مفاوضات حول تركيبة الحكومة المقبلة، محملة مسؤولية فشل حكومة هشام المشيشي لرئيس الجمهورية قيس سعيد.

وقال رئيس مجلس شورى الحركة عبدالكريم الهاروني إن “عملية تشكيل الحكومة يجب أن تتم خلال هذه الصائفة”، موضحا أن الأولوية لقيادة هذه الحكومة تبقى للمشيشي.

ولم يفوّت الهاروني الفرصة لمهاجمة الرئيس سعيد الذي اعتبر أنه “عطل الحكومة بعرقلة التعديل الوزاري وعطل المحكمة الدستورية وعطل الحوار الوطني”.

وكانت حركة النهضة قد دعت في ختام مجلس شوراها المنعقد السبت والأحد إلى تشكيل حكومة سياسية دون أن تضع رئاسة المشيشي لها كشرط.

ولكن هذه الدعوة جوبهت برفض واسع من قبل مختلف الأطراف السياسية، التي تحمل النهضة مسؤولية تردي الأوضاع على أكثر من صعيد في تونس.

وانتقدت شخصيات سياسية معارضة (الكتلة الديمقراطية) تصريحات المكي، ودعت إلى ضرورة مغادرة من فشل في إدارة الأزمات والشأن العام الحكومة، معتبرة أن الإقرار بالفشل يقتضي التغيير.

وأكّد النائب عن الكتلة الديمقراطية نبيل حجّي، أن “النهضة أقرّت بفشل حكومة هشام المشيشي، وسيصبح من العبث إذا أعادت العمل من جديد في الحكومة”.

حركة النهضة دعت في ختام مجلس شوراها إلى تشكيل حكومة سياسية دون أن تضع رئاسة المشيشي لها كشرط
حركة النهضة دعت في ختام مجلس شوراها إلى تشكيل حكومة سياسية دون أن تضع رئاسة المشيشي لها كشرط

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “من فشل فليتنحّ عن الحكم”، موضحا أن “النهضة ومن خلال مبادرتها تبحث عن تجميع أكبر عدد ممكن من الأطراف السياسية لتوسع دائرة الخصوم السياسيين للرئيس سعيّد”.

واعتبر مراقبون أن دعوة النهضة إلى تشكيل حكومة سياسية مناورة فرضتها إكراهات المرحلة، غير مستبعدين أن تقدم الحركة تنازلات في هذا الصدد.

وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي إن “النهضة مجبرة على توسيع حزام الحكم، والغنوشي اليوم عبّر عن توسيع الائتلاف، وسيتم إقصاء كتلة ائتلاف الكرامة مع بقاء مشكلة التفاوض مع قلب تونس، لأن النهضة لا تملك حليفا استراتيجيا، ما يعني أن التحالف الثلاثي في حكومة المشيشي انتهى، والكل الآن مرتبط بالتفاوض”.

وأوضح الرابحي في تصريح لـ”العرب” أن “المطلوب الآن حكومة سياسية مع حزام سياسي واضح وداعم، مع بعض الاستثناءات (ائتلاف الكرامة والدستوري الحر)، وبالنسبة إلى مخرجات مجلس شورى النهضة المنعقد مؤخرا، تم حذف جملة حكومة سياسية برئاسة المشيشي، ما يعني أن الحزام السياسي سيشهد إشراك وزراء من مختلف الأطراف مثل ما وقع في حكومة إلياس الفخفاخ”.

واستطرد “النهضة يمكن أن تتنازل للحلفاء الجدد، ويمكن أن تتنازل حتى على رئاسة الحكومة وتقترح اسما من خارج الحزب”.

وبين من يساند فكرة بقاء المشيشي على رأس الحكومة السياسية، ومن يطالب برحيله لفشله في إدارة شؤون البلاد، تتمسك أطراف من الائتلاف الحاكم (قلب تونس) ببقاء المشيشي وقيادته للحكومة السياسية.

واعتبر القيادي في حزب قلب تونس فؤاد ثامر أنّه لا يمكن الحديث اليوم عن حكومة ناجحة أو فاشلة إلا بعد استكمال التعديل الوزاري المعطّل، ثم بعد ذلك يقع التقييم والحديث عن استبدالها بحكومة سياسية أو غيرها، وذلك تعليقا على بيان مجلس شورى حركة النهضة ومبادرته المتعلقة بحكومة سياسية تخلف حكومة المشيشي الحالية.

نبيل حجي: النهضة أقرت بفشل المشيشي ومن العبث أن تواصل في الحكم

وقال ثامر “إن حزب قلب تونس لا يمكن أن يتخلّى عن هشام المشيشي ويعتقد أن هذه الحكومة معطلة بفعل فاعل”، مضيفا أن حزبه منفتح على كل السيناريوهات في ما يتعلق بالحكومة شرط أن تضع أي مبادرة هشام المشيشي قائدا للحكومة المقبلة مهما كان شكلها.

في المقابل، قال رئيس مجلس شورى النهضة عبدالكريم الهاروني، إنّ “طرح النهضة لتكوين حكومة سياسية يأتي من اقتناعها بأنّ الخطأ الأصلي كان بتشكيل حكومة دون أحزاب”، محمّلا رئيس الدولة مسؤولية ذلك خاصة بعد رفضه التعديل الوزاري.

واعتبر الهاروني في تصريح لإذاعة محلية “أنّ تسيير البلاد بنصف حكومة لا يجب أن يتواصل لوضع حدّ للتعطيل الحاصل والتقدّم بالبلاد والنجاح في مقاومة الوباء”، مشيرا إلى أنّ النهضة انطلقت في المشاورات مع شركائها السياسيين (الحزام السياسي الحالي للحكومة)، وهي مستعدة لتوسيع الحزام السياسي وانفتاحها على أحزاب أخرى ممثلة في البرلمان، قائلا ”مستعدون للحوار مع التيار، مع حركة الشعب، مع النداء، مع المستقلين في البرلمان، مع الجمهوري، ومع التيار الشعبي”.

ويجمع متابعون للشأن التونسي، على فشل حكومة المشيشي في إدارة الوضع العام بالبلاد، ويرجّح البعض أن تعيد النهضة حساباتها للتموقع من جديد بفك الارتباط بقلب تونس وائتلاف الكرامة، مقابل تشكيل تحالف أوسع بضمانات سياسية تراعي مصالحها بدرجة أولى.

4