دعوات ليبية للنأي بالنفس عن الصراعات المغاربية تسبق الاجتماع الثلاثي في طرابلس

الجزائر تقود محاولات جدية لتفكيك اتحاد المغرب العربي بصيغته الخماسية.
الاثنين 2025/03/17
تكتل مغاربي منقوص

طرابلس - تصاعدت الدعوات السياسية في ليبيا مطالبة المجلس الرئاسي بالنأي بالنفس عن الصراعات والاصطفاف السياسي والانحراف بروح اتحاد المغرب العربي بصيغته الخماسية، مع قرب انعقاد القمة المغاربية الثلاثية بين كل من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي والرئيس التونسي قيس سعيد والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون.

وترى أوساط سياسية، أن الجزائر تقود محاولات جدية لتفكيك اتحاد المغرب العربي بصيغته الخماسية (المغرب، تونس، ليبيا، الجزائر وموريتانيا) وتكوين صيغة ثلاثية جديدة تقصي المغرب وموريتانيا، في خطوة من شأنها أن تغذي الاصطفافات الإقليمية في منطقة شمال أفريقيا.

وتعتبر تلك الأوساط، أن التكتل الثلاثي لن يخدم مصالح ليبيا خصوصا وأنها تحتاج إلى موقف مغاربي موحد مع أهمية مواقف المغرب السياسية وموريتانيا بأهميتها الأمنية كواجهة للتصدي لتوغل مخاطر الإرهاب والجريمة نحو شمال أفريقيا.

مصطفى عبدالكبير: ليبيا هي أكثر دولة تحتاج إلى موقف مغاربي موحد
مصطفى عبدالكبير: ليبيا هي أكثر دولة تحتاج إلى موقف مغاربي موحد

وتكونت فكرة اللقاء الثلاثي على هامش قمة الغاز التي احتضنتها الجزائر في مارس 2024، حيث بحث عبدالمجيد تبون وقيس سعيد والمنفي حينها الأوضاع في المنطقة المغاربية، ليتم الاتفاق على “شراكة إستراتيجية” مع الالتزام بعقد قمم دورية وتكثيف الجهود وتوحيدها في مجابهة التحديات الاقتصادية والأمنية بين الدول لثلاث.

وتعارض ليبيا تأسيس كيان مواز يزيد من حجم التوترات في المنطقة، وكانت قد أحبطت خطط الجزائر لجعل التكتل الجديد هيكلا بديلا عن الاتحاد المغاربي، وأرسلت مبعوثين إلى الرباط ونواكشوط لتأكيد تمسكها بالاتحاد الخماسي، بينما اضطر وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إلى تأكيد أن التكتل ليس “بديلا عن اتحاد المغرب العربي.”

ودعا محمد السلاك، الناطق الرسمي السابق باسم المجلس الرئاسي الليبي، إلى النأي بالدولة الليبية عن الصراعات المغاربية، مؤكدا أن “أي خطوة يتخذها المجلس الرئاسي الحالي لإقحام ليبيا في صراعات الاتحاد المغاربي ستكون بلا جدوى، إذ أن المجلس لا يعبّر عن الدولة الليبية ولا يملك صلاحيات لاتخاذ قرارات مصيرية.”

وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن “الاجتماع الثلاثي المرتقب بين ليبيا والجزائر وتونس هو اجتماع غير واضح الأهداف ولا جدول الأعمال،” ما يستدعي، حسب رأيه، “ضرورة الشفافية وتوضيح النوايا الحقيقية لهذه القمة،” مؤكدًا أنه “لا يجوز للمجلس الرئاسي اتخاذ قرارات قد تضع ليبيا طرفًا في الأزمة بين المغرب والجزائر.”

ورفض الناطق الرسمي السابق باسم المجلس الرئاسي الليبي “التحركات أحادية الجانب التي قد تؤثر على استقرار المنطقة المغاربية،” مشددًا في هذا الصدد على أن “أي محاولة لخلق كيانات موازية وإقصاء المغرب وموريتانيا قد تزيد من حدة الانقسامات بدلًا من تحقيق التماسك والتعاون الإقليمي.” وأضاف أن “عدم وجود تحرك عربي واضح تجاه القمة المرتقبة يعود إلى الغموض المحيط بأجندتها وأهدافها، وهو ما يستدعي الحذر في اتخاذ أي خطوات غير مدروسة.”

وكان المجلس الرئاسي الليبي بعث في أبريل الماضي رسالة خطية إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، أكد فيها تمسكه بإحياء تكتل اتحاد المغرب العربي باعتباره الإطار الوحيد للدول المغاربية الساعية إلى التكامل وتحقيق طموح شعوبها إلى الاستقرار والرفاهية، وذلك بعد مضي أقل من أربع وعشرين ساعة على اجتماع تشاوري عقد في تونس.

وأفاد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبدالكبير أن “هناك تيارات في تونس وليبيا والمغرب وموريتانيا تعتبر أن اتحاد المغرب العربي يعيش شللا كاملا ولم نشاهد انعقاد لقاءات مهمة منذ سنوات، وهذا دليل على وجود مشاكل حقيقية وبالأساس سياسية أهمها بين المغرب والجزائر.”

ليبيا تعتبر أكثر دولة تحتاج إلى موقف مغاربي موحد، وهي أيضا أكثر دولة مهددة بالهجرة والتقسيم السياسي، لذلك تدرك أن البقاء في اتحاد مغربي بصيغة خماسية سيدعمها

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “التأثير السلبي للتكتل الجديد لن يقتصر على ليبيا، بل تونس وموريتانيا، وليبيا تعتبر أكثر دولة تحتاج إلى موقف مغاربي موحد، وهي أيضا أكثر دولة مهددة بالهجرة والتقسيم السياسي، لذلك تدرك أن البقاء في اتحاد مغربي بصيغة خماسية سيدعمها، وتدرك أيضا أهمية موقف المغرب وعلاقاته ببقية الأطراف باعتباره قوة اقتصادية ولديه علاقات متينة مع الاتحاد الأوروبي، وهي أيضا تدعو دائما لحضور المغرب في حلحلة الأزمة الليبية.”

وتابع مصطفى عبدالكبير، “التكتل المغاربي بصيغته الثلاثية لن ينجح، ولا نعتبره اتحادا مغاربيا، بل هو تكتل منقوص من المغرب على المستوى السياسي وموريتانيا على المستوى الأمني ودورها في مقاومة الإرهاب والجريمة المنظمة.”

وكان اتحاد المغرب العربي، الذي تأسس عام 1989 في مراكش، يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، لكنه واجه تحديات بسبب التوترات المستمرة، خاصة حول النزاع على الصحراء المغربية حيث تدعم الجزائر جبهة بوليساريو التي تطالب بالسيادة على الإقليم الذي يسيطر عليه المغرب بنسبة 80 في المئة.

ومنذ العام 1994 لم يتم عقد اجتماعات رسمية لاتحاد المغرب الكبير، ما يعكس حالة الجمود التي يعيشها، وسط استمرار النقاش بشأن أسباب هذا الجمود رغم ثقل التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها المنطقة المغاربية.

وقال المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل، إن “وجود ما يمنع الاتحاد المغاربي من العودة إلى الحياة لا يعني أبدا أن الدول الأعضاء فيه يجب أن يتبنوا موته ويدكّوا أنفسهم بالقبور، وطالما أن الخلاف المغربي – الجزائري هو الذي يعطل التعاون الإقليمي، فلم لا يدعو المغرب أيضا إلى تعاون مغربي تونسي ليبي وربما موريتاني، وان يتواصل التعاون بين كل مجموعة على حدة إلى أن يتم تجاوز المغاربة والجزائريون لخلافاتهم فتبدأ انطلاقة الاتحاد من حيث انتهت إليه صيغ التعاون وتطوير العلاقات  بين دول المجموعتين.”

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “لعل هذه فرصة جيدة لكي لا نضيع فرص التعاون الفرعية بين دول الاتحاد لمجرد أن الاتحاد الأصلي هو في عداد الأموات لأن هناك دولتين ترفض كل واحدة منهما التعاون مع الأخرى.”

4