دحلان وراء "زعل" عباس من الإمارات وليس الاتفاق مع إسرائيل

مواقف مرتبكة لممثلي السلطة الفلسطينية: تصعيد ثم تهدئة فتصعيد.
الخميس 2020/09/10
منزعج فقط من دحلان

القاهرة - قالت مصادر فلسطينية إن تذبذب مواقف السلطة ورموزها من موضوع الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل يؤكد أن الاتفاق الذي رعته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بين الإمارات وإسرائيل ليس هو مثار الخلاف وإنما وجود محمد دحلان زعيم التيار الإصلاحي في فتح بالإمارات، وما يروج عن كونه سيكون البديل المستقبلي على رأس السلطة الفلسطينية.

لكن المزايدة على حماس ليست بعيدة أيضا عن نوايا التصعيد في خطاب عباس الذي يسعى للظهور على رأس المعارضين لـ”التطبيع”، في الوقت الذي تقيم فيه السلطة الفلسطينية علاقات متطورة مع إسرائيل خاصة ما تعلق بالتنسيق الأمني.

واعتبرت المصادر، التي واكبت اجتماع جامعة الدول العربية الأربعاء في العاصمة المصرية، أن الرئيس محمود عباس بات مقتنعا بأن بقاءه في المرحلة القادمة ليس مضمونا في ظل تسارع الحراك السياسي بشأن الملف الفلسطيني وتوقع اتفاقيات عربية جديدة مع إسرائيل، في وقت باتت فيه قيادات فلسطينية وعربية تعتقد أن أبومازن ليس هو رجل المستقبل وتدعم بديلا يكون قادرا على تطوير أداء السلطة الفلسطينية ومؤسساتها لتكون مستعدة لمواجهة التطورات الجديدة.

وفي سياق المخاوف المشتركة لعباس وحركة حماس من ملامح المرحلة القادمة، شن عدد من المحسوبين على حماس، وكذلك وسائل إعلام داعمة للحركة، هجوما على دحلان متهمين إياه بأنه أداة لتمرير مخططات الإمارات وإدارة ترامب وإسرائيل.

وقال سليمان بشارات، الباحث الفلسطيني في مؤسسة “يبوس” للاستشارات والدراسات الإستراتيجية، إن “الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي يعزز دور دحلان، وقد يحاول استغلاله لتعزيز مجموعة من القوى أو الجماعات السياسية أو المؤسسات المغلفة بالغطاء الاجتماعي والخيري في الضفة الغربية بشكل خاص لبناء القاعدة الشعبية أو الحاضنة التي قد تسهل عليه العودة في حال توفُّرِ حالة الفراغ السياسي الذي ينتظره”.

وأضاف بشارات أن المحدد الحاسم لصعود دحلان هو “القدرة المستقبلية له في تجنيد دعم مالي وسياسي يجعل الأطراف الرئيسية السياسية في السلطة الفلسطينية ترى أنه مخلّص لها من واقع يتأزم مع مرور الوقت”.

لكن أطرافا فلسطينية تعتقد أنه من الصعب أن يعود دحلان إلى الواجهة ويلعب دور البديل بسبب معارضة الفصائل لدوره، فضلا عن علاقته المتوترة بالرئيس عباس.

وقلل أيمن يوسف، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية بمدينة جنين، من التوقعات التي ترى أن دحلان وتياره هما أكبر مستفيد من مسار الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي.

وقال يوسف “لا أعتقد أن الاتفاق سيؤثر إيجابا على تيار دحلان، فعمق التيار في الشارع الفلسطيني ما زال ضيقا”.

ولم يفلح تصعيد خطاب الرئيس الفلسطيني ضد الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، واعتباره “خيانة” و”طعنة في ظهر القضية الفلسطينية”، في جلب الأنظار إليه على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية، ما دفع بالسلطة إلى التهدئة ومحاولة تبريد الخلاف مع الإمارات التي يحوز توجهها الجديد تفهّما عربيًّا.

وأصدر عباس تعليمات الثلاثاء تحظر أي تصريحات أو أفعال مسيئة للزعماء العرب، ومن بينهم قادة الإمارات.

عباس يصدر قرارا بمنع أي تصريحات أو أفعال مسيئة للزعماء العرب ومن بينهم قادة الإمارات
عباس يصدر قرارا بمنع أي تصريحات أو أفعال مسيئة للزعماء العرب ومن بينهم قادة الإمارات

وحرصت السلطة الفلسطينية على أن يكون المشروع الذي قدمته إلى الدورة العادية لمجلس جامعة الدول العربية بصيغة هادئة وتجنبت أي استفزاز أو صدام مع الإمارات.

وذكر مشروع القرار الفلسطيني أن الإعلان الثلاثي بين إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات “ليس من شأنه الانتقاص من الإجماع العربي على القضية الفلسطينية (…) أو تغيير الرؤية العربية المبدئية القائمة على أن الطريق الوحيد لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، هو حل الدولتين على حدود عام 1967، على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والقانون الدولي”.

لكن وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، عاد إلى التصعيد من خلال كلمته أمام مجلس الجامعة والتي حث فيها الدول العربية على رفض ما أسماه بـ”اتفاق التطبيع” الإسرائيلي الإماراتي.

وقال المالكي “كأنه لا يكفينا ما يفعله الاحتلال بنا، والإدارة الأميركية، حتى يخرج إعلان التطبيع (الإماراتي الإسرائيلي) المجاني”.

وأضاف أن “الإعلان الثلاثي الأميركي الإسرائيلي الإماراتي، كان ذلك الزلزال، وبدلاً من استرضائنا عربيّا أمام ذلك التراجع الذي عكسه الإعلان، وجدنا حالنا ندافع عن أنفسنا، وعن قضيتنا، وانقلب الوضع بحيث أصبحنا المشاغبين”.

ويبدو أن السلطة الفلسطينية كانت تترقب ترضية مَّا عربيًّا وأميركيّا مقابل قبولها بالاتفاق الجديد، وعلى رأس هذه الترضية تبديد مخاوف الرئيس الفلسطيني بشأن التسريبات عن ترشيح دحلان بديلا فلسطينيًّا مستقبليًّا.

وطلبت السلطة الفلسطينية عقد اجتماع طارئ لبحث الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل، لكن دولة عربية (لم يذكرها المالكي) اعترضت وطلبت الاستعاضة عنه بالدورة العادية.

وأضاف المالكي “عندما وافقنا على ذلك، نتفاجأ من جديد بذات الدولة تعترض على طلبنا إضافة بند على ما يُستجد من أعمال، فيما دولة أخرى تُهدد بتقديم مشروع قرار بديل”.

وكانت تقارير إعلامية قد قالت إن دولة البحرين هي التي اعترضت على عقد الاجتماع الطارئ، الذي طالبت به السلطة الفلسطينية.

1