خطة ترامب للاتفاق الإسرائيلي – الفلسطيني مبادرة سلام لا علاقة لها بالسلام

مشروع يتمّ الإعداد له منذ 2017 بعيدا عن الأنظار بإشراف جاريد كوشنر زوج ابنة الرئيس الأميركي.
الأحد 2020/01/26
واشنطن لم تعد قادرة على لعب دور الوسيط الحيادي

واشنطن - يعدّ مشروع الاتفاق الإسرائيلي – الفلسطيني، الذي سيقدمه دونالد ترامب بحلول الثلاثاء، خطة سلام لا فرصة لها لتحقيق السلام بعد أن خسرت الولايات المتحدة دورها كوسيط بسبب دعمها الشديد لإسرائيل.

ومن شأن هذه الخطة، في ذهن الرئيس الأميركي، أن تسمح بالتوصل إلى “اتفاق نهائي” بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ولم ينجح أيّ من أسلافه في تحقيق هذه الغاية. ويتم الإعداد لهذه الخطة منذ 2017 بعيدا عن الأنظار بإشراف زوج ابنته جاريد كوشنر.

وأرجئت عملية عرض الخطة مرارا بسبب الانتخابات الإسرائيلية التي تلاقي عقبات في تشكيل حكومة. فلمَ هذا التوقيت قبل شهر من اقتراع جديد في الدولة العبرية؟

يجيب دنيس روس، المفاوض الأميركي السابق للشرق الأوسط، “لأن ذلك لا يمتّ بصلة للسلام”. ويقول آرون ديفيد ميلر، الذي اضطلع بدور مماثل، “لأنها أول مبادرة سلام هدفها لا علاقة له بالإسرائيليين والفلسطينيين ولا بعملية السلام ولا ببدء مفاوضات”.

حتى أن إعداد العملية غريب. فبدلا من جمع قادة طرفي النزاع لعرض الخطة دعا دونالد ترامب إلى المكتب البيضوي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وخصمه السياسي في اقتراع الثاني من مارس بيني غانتس.

وعلى أرض الواقع، قطعت السلطة الفلسطينية علاقتها بترامب عندما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل نهاية 2017. وهو قرار أحدث صدمة أعقبته قرارات أخرى تصبّ في مصلحة إسرائيل وتضر بالفلسطينيين الذين باتوا يعتبرون أن واشنطن لم تعد قادرة على لعب دور “الوسيط الحيادي”.

وتسمح أسباب أخرى بتفسير توقيت هذا الإعلان حيث يرى ديفيد ميلر، الذي أصبح خبيرا في معهد “كارنيغي أندومنت فور أنترناشونال بيس”، أن فريق كوشنر يريد أن “يثبت بأن لديه خطة فعلا” إذ قد تبقى حبرا على ورق لطول الانتظار ومع اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر.

ويضيف روس أنه على المدى القصير “كل ما يمكن أن يسمح بتحويل الأنظار موضع ترحيب” لدونالد ترامب وبنيامين نتنياهو. ويواجه الأول محاكمة لعزله والثاني تهما بالفساد.

وترامب، الذي يأمل في ترسيخ شعبيته بين الناخبين المسيحيين الإنجيليين المتأثرين بكل ما له علاقة بإسرائيل، يريد أيضا على الأرجح إعطاء دفع لنتنياهو “صديقه” الذي بات مستقبله السياسي على المحك.

ويضيف الخبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “يظن نتانياهو أن ذلك سيضعه في موقع قوة ليبقى رئيسا للوزراء في حكومة وحدة وطنية”. وعلى الأجل البعيد، يريد كوشنر والسفير الأميركي في القدس ديفيد فريدمان المعروفان بدعمهما لإسرائيل، ترك بصمة بحسب هذين الأخصائيين، من خلال تعديل الموقف الأميركي.

وقد اعترفت واشنطن بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية ولم تعد تعتبر الضفة الغربية “أراض محتلة” أو المستوطنات الإسرائيلية “مخالفة للقانون الدولي”.

وكل هذه الأمور ضربات للتوافق الدولي المعتمد منذ عقود من الدبلوماسية والذي اعتبرته إدارة ترامب “غير فعال”.

وإن لم نكن نعرف الكثير عن مضمون الخطة، يتوقع مراقبون كدنيس روس وآرون ديفيد ميلر بأن تثبت هذا التوجه.

وقد تعطي الضوء الأخضر لضم إسرائيل قسما من الضفة الغربية وجعل غور الأردن حدود الدولة العبرية شرقا. وفيما قد توضع أحياء في القدس الشرقية تحت سيطرة فلسطينية يبقى وضع هذا القسم من المدينة المقدسة كعاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية غير مؤكد. فهل ستكون هناك دولة فلسطينية في المقترح الأميركي؟

ولقد رفض ترامب وكوشنر حتى الآن استخدام هذا التعبير ما يشكل مفارقة مع الموقف التقليدي للأسرة الدولية لصالح حل يقوم على أساس “الدولتين”.

ويتوقع روس بأنه إذا نصت الخطة على قيام دولة “ستكون بالاسم فقط ومنزوعة السلاح” لا ترقى إلى تطلعات الفلسطينيين الراغبين في استعادة كامل الأراضي التي ضمتها إسرائيل في العام 1967.

3