حمص المدمرة تجدد العهد على مضض مع الأسد

دمشق- تفتتح مكاتب الاقتراع أبوابها في محافظة حمص كما في غيرها من المحافظات السورية التي عادت إلى سيطرة النظام، للتصويت في انتخابات هي أقرب للمبايعة للرئيس بشار الأسد.
وعند مدخل حي باب تدمر في محافظة حمص، التي كانت في وقت ما معقلا للمعارضة، عُلقت لافتة انتخابية عليها صورة الأسد مبتسما على جدار مبنى تعرض للقصف.
وتعرضت حمص، التي تبعد 160 كيلومترا شمالي دمشق، لدمار شديد خلال الحرب الأهلية السورية التي امتدت عشرة أعوام. ودمرت الحرب وسط المدينة وعدة أحياء تماما تقريبا بعد أعوام من الضربات الجوية وقذائف البراميل المتفجرة، ولا تزال هذه المناطق مهجورة وينتشر بها الخراب. وكُتب على اللافتة عبارة “نقولها نعم للسيد الرئيس بشار الأسد”.
الأمم المتحدة انتقدت هذه الاتفاقات ووصفتها بأنها إجلاء قسري لمعارضي الأسد يتم عادة بعد شهور أو أعوام من الحصار والقصف
وتُجرى انتخابات الرئاسة في حمص لأول مرة منذ اندلاع الحرب في العام 2012، بعد أشهر من الاحتجاجات السلمية المطالبة بالتغيير. وفوز الأسد مؤكد حيث ينافسه مرشحان مجهولان في انتخابات يعتبرها معارضوه والغرب مسرحية هزلية لإحكام قبضته على السلطة.
وفي الطريق إلى حي الوعر، آخر الأحياء التي استردتها القوات الحكومية في مايو 2017، علقت الحكومة لافتات تحثّ الناخبين على التصويت. وكُتب على لافتة معلقة أمام مبنى مهدم “صوتك في الصندوق.. رصاصة في صدر المعتدي”.
وخرج الآلاف من السكان إلى شوارع حمص في 2011 في احتجاجات مناهضة للأسد في تحد غير مسبوق، لكن قوات الأمن تصدت للاحتجاجات بعنف. وحملت جماعات المعارضة السلاح وانتشر القتال في أنحاء المدينة بينما اختبأ السكان في الأقبية.
وفي منزلها بحي الوعر جلست أم علي (38 عاما) وأم لستة أطفال تستعيد ذكريات المعاناة خلال هذه الأعوام حيث قالت “عايشين ع الحمص ع البرغل ع الرز ع المي (المياه)، لا غسيل مثل الخلق ولا أكل ولا شرب، كتير الوضع كان سيء معنا”.

مرشحان مجهولان ينافسان الأسد في الانتخابات
وفي هذا الوقت فرت لفترة قصيرة من حمص عندما أصبحت الأحوال شديدة السوء واتجهت شمالا إلى بلدة جرابلس على الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا. وقالت أم علي إنها ستنتخب الرئيس بشار الأسد.
وبينما تمكنت من العودة إلى منزلها، لم يستطع الكثيرون فعل ذلك خشية الانتقام. وفر الآلاف من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم من عدة أحياء في حمص مع استعادة القوات الحكومية سيطرتها على الأحياء الواحد تلو الآخر فيما وصفته الحكومة باتفاقات المصالحة.
وانتقدت المعارضة والأمم المتحدة هذه الاتفاقات ووصفوها بأنها إجلاء قسري لمعارضي الأسد يتم عادة بعد شهور أو أعوام من الحصار والقصف.
ومن بين العائدين إلى حمص محمد خلف وهو ميكانيكي سيارات غادر حي الوعر لخمسة أعوام بين 2013 و2018. وبعدما أصلح منزله ومتجره يقول إنه أيضا سينتخب الأسد أملا في تحسن الأحوال المعيشية.
وقال “شو عم بنعيش مثل العالم مدبرين حالنا الحمد لله رب العالمين متأقلمين مع الوضع يعني لحين يبعد الله عنا هذه الظروف الاقتصادية”.
ويستقبل حي النزهة المؤيد للأسد زواره بلافتة ضخمة تعرض صور الرجال الذين قتلوا أثناء القتال مع الجيش. وفي حي شارع الستين المؤيد للأسد أيضا فقد محمد شملص، ويعمل خياطا، ابنه علي في الحرب.
الانتخابات الرئاسية تجرى في محافظة حمص لأول مرة منذ اندلاع الحرب. وفوز بشار الأسد مؤكد حيث ينافسه مرشحان مجهولان
وفي غرفة المعيشة، حيث جلس يعزف العود ويشدو بأغان تمدح الرئيس الحالي، علق شملص صورة ابنه الذي قضى نحبه خلال القتال مع الجيش في 2015 جنبا إلى جنب مع العلم السوري وصورة للرئيس الراحل حافظ الأسد.
ويقول شملص إنه يأمل أن تكون الحرب انتهت بلا رجعة. وأضاف “الحرب.. جرح يظل في القلب، بننسى بإذن الله بننسى، لازم ننسى، بدك تعيش معي وبدي أعيش معك، البلد بيت كبير بيوسع كل الناس”.