حمدوك يراهن على أصدقاء السودان لتفادي الانهيار

الخرطوم- تعلق الحكومة السودانية آمالا كبيرة على مؤتمر للمانحين يعقد اليوم الخميس في برلين، في وقت يواجه فيه اقتصاد البلاد خطر الانهيار في ظل نسبة تضخم تفوق 100 في المئة ومعاناة من نقص الخبز والوقود والعقاقير.
وتتفاقم الأزمة بفعل جائحة فايروس كورونا، التي استأثرت بموارد الكثير من المانحين، فضلا عن أسراب الجراد التي تتكاثر في كينيا المجاورة والتي يُتوقع أن تهاجر إلى الشمال خصوصا السودان وإثيوبيا في غضون أسابيع.
ويجد رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الذي يدير البلاد بموجب اتفاق انتقالي يقوم على تقاسم السلطة بين المدنيين والجيش منذ الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في انتفاضة شعبية العام الماضي، نفسه في حاجة ماسة إلى دعم أجنبي.
تدعو وثيقة معدة للمؤتمر إلى تحديد سبيل لعودة السودان للتعامل مع مؤسسات دولية مما يقود في نهاية المطاف إلى تخفيف أعباء الدين
وتوقع وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي الأربعاء حصول بلاده على دعم مالي من مؤتمر “أصدقاء السودان”، مؤكدا أن بلاده لم تضع مبلغا محددا لجمعه في المؤتمر، إلا أنه قطع بوجود مؤشرات تدل على الحصول على ما يكفي لسد عجز الموازنة.
وفي وقت سابق، أعلن حمدوك مشاركة أكثر من 40 دولة ومنظمة بتنسيق من ألمانيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال محللون إنه ما لم يحصل حمدوك على تمويل سريعا، فإن أول رئيس وزراء مدني منذ الثمانينات قد يواجه اضطرابات من أناس استبد بهم النقص المزمن للسلع أو حتى انقلابا في بلد شهد العديد منها على مدى تاريخه.
وسبق وتعثرت مساعي الحصول على تمويل جديد بسبب الحاجة إلى تسوية متأخرات مستحقة لصندوق النقد الدولي منذ عقود وإدراج الولايات المتحدة السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب إبان حكم البشير.
وكان صندوق النقد الدولي أعلن في وقت سابق أنه توصل إلى اتفاق مع حكومة الخرطوم لتنفيذ إصلاحات هيكلية لاقتصاد السودان.
وأوضح دبلوماسي غربي “لدينا حكومة انتقالية بلا تمويل فيما تعاني من جائحة كورونا وآفة محتملة.. هذا يفرض ضغطا على المجتمع الدولي ليوفر سريعا قبل أي شيء مالا لتحسين الوضع المتدهور”.
وفي نهاية المطاف، فإن استقرار دولة أفريقية كبرى شهدت العديد من النزاعات الداخلية على المحك. وكان حمدوك أطلق محادثات سلام مع متمردين في إقليم دارفور ومناطق أخرى متمردة لإنهاء المعارك المستمرة منذ سنوات، ولكنه فوت موعدا نهائيا لإبرام اتفاق في الشهر الجاري.
وتجاوز معدل التضخم السنوي في البلاد 100 في المئة الشهر الماضي فيما طبعت الحكومة نقودا لتمويل دعم الخبز والوقود. وهبطت عملة السودان إلى 150 جنيها مقابل الدولار الأميركي في السوق السوداء مقارنة بالسعر الرسمي وهو 55 جنيها بسبب نقص العملة الصعبة.
ومن المقرر أن تشارك في المؤتمر الذي يُعقد عن بعد في برلين ويستمر يوما واحدا حكومات غربية ومؤسسات مالية دولية ودول خليجية ثرية منتجة للنفط.
ورحب كثيرون باتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين الذين نظموا احتجاجات ضخمة والجيش الذي يتمتع بالنفوذ وساهم في الإطاحة بالبشير. وتطالب محكمة تابعة للأمم المتحدة بتسليم البشير الذي وجهت إليه اتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
لكن المانحين امتنعوا عن تقديم مساعدات وأرجأوا “مؤتمر أصدقاء السودان” أكثر من مرة للمطالبة بإصلاحات مثل إلغاء دعم الوقود الذي يُقدر أنه يتكلف ما يزيد عن ثلاثة مليارات دولار سنويا.
سبق وتعثرت مساعي الحصول على تمويل جديد بسبب الحاجة إلى تسوية متأخرات مستحقة لصندوق النقد الدولي منذ عقود وإدراج الولايات المتحدة السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب
وقال محللون ودبلوماسيون إنه يتعين على الخرطوم أن تطبق المزيد من الخطوات المهمة لإصلاح الاقتصاد إذ تسيطر شخصيات عسكرية على الشركات الرئيسية التي تدر دخلا بالعملة الصعبة مثل تصدير الذهب.
وقالت الحكومة الأسبوع الماضي إنها ستبدأ تطبيق خطة لصرف مدفوعات نقدية مباشرة للأسر الفقيرة، وهو برنامج يأمل حمدوك أن يخفف معاناة السودانيين الفقراء فيما تخفض الحكومة الإنفاق على الدعم.
وتحتاج الحكومة إلى ما يُقدر بواقع 1.9 مليار دولار لتغطية برنامج المدفوعات النقدية للأسر الفقيرة. وتدعو وثيقة معدة للمؤتمر إلى تحديد سبيل لعودة السودان للتعامل مع مؤسسات دولية مما يقود في نهاية المطاف إلى تخفيف أعباء الدين.
وقال مجدي الجزولي، وهو أكاديمي وباحث بمعهد الوادي المتصدع، إن الحكومة مفلسة فعليا، وليست لديها أموال للبرنامج النقدي.
وشددت عائشة البرير منسقة الحكومة السودانية للمؤتمر على أن مؤتمر برلين يصف المشاركين بـ”الشركاء” لا بالمانحين وذلك إقرارا بأن السودان لديه موارده ويحتاج إلى دعم سياسي واقتصادي وليس مساعدات مالية.