"حصار أفلاطون" حصار التكنولوجيا وفراغ الواقع

تنوّعت مناخات الشاعر السعودي محمد الفوز في اشتغالاته على النص، ففي 2009 طبع مجموعته الشعرية “ليل القرامطة” متّكئا على لغة ملحمية طويلة، ثم بعد عامين أصدر مجموعة قصصية “الخائفون من الشبه”، ويبدو أن اختباره الخاص على النص القصصي توّلدت عنه روايته الأولى “لا تثقوا بامرأة”، ليعلن بعدها طلاقه للشعر، ودخوله إلى عوالم السرد.
الخميس 2015/07/30
الكتاب يعلن عن الحكماء الجدد الذين انشغلوا بفضاءات تويتر

أصدر الشاعر السعودي محمد الفوز كتابه الجديد “حصار أفلاطون” الذي يشكل انعطافة في مساره الأدبي من الشعر إلى السرد حتى النقد والتأمل الفلسفي. يتناول الكتاب نقد المجتمع الافتراضي، ويُعلن عن الحكماء الجدد الذين انشغلوا بفضاءات تويتر، وابتكروا من الصياغات الحديثة ما عجز عن مجاراتهم فيه الشعراء والإعلاميون، كما يسلط الكتاب عبر مقالاته عددا من مواضيع أدبيات التواصل الاجتماعي التي تضع الكائن المعاصر بوصفه منبرا خاصا للذات الإنسانية التي لا تكترث بحدود المكان والزمان، بل تتعدى حاجز اللغة وتندرج في منظومة القيم الإلكترونية بأقصى تحولات العولمة والحداثة معا.

كما أن الكتاب انتقد مجموعة من الظواهر العقلية والفلسفية والاجتماعية بأسلوب مختلف، وقدّم حلولا تنسجم مع هذه المرحلة التفاعلية التي تعتمد على وسائط معرفية في التلقي وفي تناول الحدث وطريقة وصوله إلى العامة لذلك وضع الكاتب عنوانه “حصار أفلاطون” دلالة على الحصار التكنولوجي الذي وقع العالم فيه بذات التطرف والمثاليات التي وضعها أفلاطون لمدينته الفاضلة.

وجاء في مقدمة الكتاب الصادر مؤخرا عن نادي مكة الأدبي بالتعاون مع دار الانتشار العربي ببيروت “أفلاطون حاصرنا -جميعا- بمدينته الفاضلة وجمهوريته المثالية بكل قيمٍ ومروءة كي يعلو الفن وتسمو الأخلاق لكننا حاصرناه بالمجتمع الافتراضي. حيث تفككتْ عُرى الصداقة وانحلت الأخلاق وتبددت ثورة الإنسان ضد الطبيعة الغامضة والصمت الكوني المدلهم في ليل الأشياء وغياب الحقيقة، في هذا المجتمع الافتراضي تمّ حصار أفلاطون بحبال اللامبالاة وكل أفكاره الطوباوية صُفِّدتْ بالنزق وضيَّعنا أوراق ابن رشد ونظريات أرسطو ويقينيات جان جاك روسو والمجد/ المجد التليد لعقل مابعد بعد الحداثة وللكائن المزدوج الذي يحضر بألف مكان ويكتب على شاشات عشرٍ في الثانية… الله كم نحن نتشظى ونكبر كثيرا بعيدا عن واقعنا الذي يشوبه الفراغ وتطويه كفُّ النسيان”.

14