حركة مؤيدة لقيس سعيد تقدم مرشحا للرئاسة: هل تتنازل لاحقا؟

حركة الشعب تؤكد على توفير مناخ انتخابي سليم وشفّاف.
الثلاثاء 2024/07/16
منعطف جديد في السباق الرئاسي

قررت حركة الشعب الناصرية والمؤيدة لتوجهات الرئيس قيس سعيد خوض غمار الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها الخريف المقبل، ما فتح باب التأويلات بشأن تنازلها لسعيد في آخر السباق مقابل المشاركة في مواقع القرار السياسي.

تونس - أعلنت حركة الشعب التونسية اعتزامها ترشيح أحد قيادييها لخوص انتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر المقبل، وسط تساؤلات المراقبين عن إمكانية تنازلها لاحقا، باعتبارها من أبرز الداعمين لمسار 25 يوليو 2021 الذي يتبناه الرئيس قيس سعيد. وجاء ذلك وفق بيان للحركة في اختتام أعمال مجلسها الوطني في العاصمة تونس الأحد.

وتقول أوساط سياسية، إن عملية ترشيح شخصية من الحركة المؤيدة لسعيد، وإن كانت تمثل إجراء تكتيكيا، فقد يحمل في طياته مساعي للاستثمار في مواقف فئة واسعة ما زالت مترددة في دعم الرئيس سعيد.

وتضيف تلك الأوساط، أن حركة الشعب التي كانت تمني النفس بالحصول على مناصب سياسية في حكومة ما بعد 25 يوليو مقابل مساندتها للمسار، اصطدمت برفض كلي للرئيس سعيد في التعامل مع منظومة الأحزاب برمتها.

المنذر ثابت: هذه عملية تكتيكية لجلب قطاع من الرأي العام
المنذر ثابت: هذه عملية تكتيكية لجلب قطاع من الرأي العام

وربّما وجدت الحركة الآن فرصة سانحة لإذابة الجليد مع السلطة بتقديم “عرض سياسي”، تغازل به السلطة الحالية، عبر إعلان “بروتوكولي” عن تقديم شخصية مرشحة للانتخابات الرئاسية مع إمكانية التنازل إذا ما حصلت على ضمانات المشاركة في صناعة القرار السياسي. 

وقالت الحركة في بيان لها “في اجتماعه، قرّر المجلس الوطني لحركة الشعب ترشيح أحد قياديي الحركة (لم تسمه) للانتخابات الرئاسية القادمة”. وشددت على أهمية “توفير مناخ انتخابي سليم وشفّاف، يضمن تكافؤ الفرص أمام كل المرشحين، في ظل حياد الإدارة والتزام الجميع بالقانون، لضمان سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها في كل مراحلها”. وأضافت أن “المجلس الوطني للحركة قرر الإعلان عن اسم المرشح لاحقا (دون تحديد موعد)”.

ولدى حركة الشعب 11 نائبا من أصل 153 في البرلمان التونسي، وهي من الأحزاب المساندة للإجراءات الاستثنائية التي بدأ قيس سعيد فرضها في 25 يوليو 2021. ومن المتوقع أن يترشح سعيد في الانتخابات المقبلة بحثا عن ولاية ثانية من 5 سنوات، بعد أن فاز في انتخابات 2019.

وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت أنه “من حيث المطلق النظري تقديم مترشح ومنافس لقيس سعيد يعني القطع مع مسار 25 يوليو، كما أن عملية ترشيح شخصية هي عملية تكتيكية وقد تكون وراءها محاولة لجلب قطاع من الرأي العام ليس مستقرا في دعم قيس سعيد”.

واعتبر في تصريح لـ“العرب”، “يمكن أن تكون هذه الخطوة محاولة للضغط على السلطة الحالية لكسب مواقع في مناصب الحكم الجديد، وربما يكون أمرا مستبعدا لأن الرئيس سعيد لا يؤمن أن الضغط يستوجب التفاوض”.

ولفت ثابت إلى أن “الأحزاب والتشكيلات السياسية عموما وجدت نفسها في وضع محرج لأن الرئيس سعيد لا يؤمن بالديمقراطية التمثيلية بقدر ما يؤمن بالديمقراطية المباشرة”، مبرزا أن “حركة الشعب أغلقت أمامها باب المعارضات لكنها فشلت في أن تكون شريكا للرئيس سعيد”.

وفي 4 يوليو الجاري، قال رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر إن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية سيبدأ في 29 من الشهر الجاري ويستمر حتى 6 أغسطس المقبل. وأعلنت جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة التونسية في أبريل الماضي أنها لن تشارك في الانتخابات؛ بداعي “غياب شروط التنافس”.

مراد علالة: التنازل للرئيس وارد جدا من أجل الحصول على مناصب
مراد علالة: التنازل للرئيس وارد جدا من أجل الحصول على مناصب

ووصف الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة سلوك حركة الشعب بـ“البراغماتي”، قائلا “ليس هناك ثوابت عقائدية أو سياسية للحركة، حيث رأت في وقت من الأوقات أن مساندتها للرئيس سعيد قد تثمر نتائج، والآن رأت أن الترشح للانتخابات الرئاسية قد يكون حلاّ”.

وأكد لـ”العرب” أن “الحركة تريد خلق ديناميكية في الشارع، كما أن أمر التنازل للرئيس الحالي في السباق وارد جدا من أجل الحصول على مناصب في مؤسسات الدولة، كما ترغب أن تكون في الحكم”.

وفي وقت سابق، أوقف القضاء عددا من المرشحين للانتخابات الرئاسية أو منعهم من الظهور الإعلامي على غرار الأمين العام لاتحاد الشعب الجمهوري لطفي المرايحي، ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، والأمين العام لحزب العمل والإنجاز عبداللطيف المكي وذلك بسبب ملفات تتعلق بالفساد وتبييض الأموال أو التورط في قضايا متعلقة بوفاة برلماني سابق أو التورط في تجاوز القانون.

ويواجه بعض المرشحين المحتملين الآخرين، بمن فيهم الصافي سعيد ومنذر الزنايدي ونزار الشعري، ملاحقات قضائية في قضايا مختلفة من بينها التدليس والفساد وتبييض الأموال. وكان الرئيس التونسي قد انتقد “تهافت” السياسيين، الذين قاطعوا الانتخابات التشريعية الماضية، على خوض السباق الرئاسي، معتبرا أن هدف أغلبهم هو الكرسي.

وتتهم أحزاب المعارضة، التي يقبع عدد من قادتها في السجن، حكومة سعيد بممارسة ضغوط على القضاء لتعقب منافسيه في الانتخابات وتمهيد الطريق أمامه للفوز بولاية ثانية.

وقاطعت المعارضة كل الاستحقاقات التي تضمنتها إجراءات سعيد الاستثنائية، وشملت حلّ مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وتعتبر قوى تونسية تلك الإجراءات “انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد “تصحيحا لمسار ثورة 2011”، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987 – 2011).

4