حرب الفراولة تضع الصادرات الغذائية المصرية في مأزق

القاهرة – وضعت الفراولة صادرات الغذاء المصرية إلى السوق الأميركية في مأزق شديد، بعد أن أكدت ولاية فرجينيا تسجيل 10 إصابات بحالات التهاب كبدي وبائي معروف باسم فيروس “أي” بعد تناول عصير فراولة مصرية.
وتم تأكيد الواقعة في تقرير مصور أذاعته شبكة تلفزيون أي.بي.سي الأميركية، من خلال حوارات مع زبائن لسلسلة محلات تروبيكال الشهيرة.
وتسببت تلك الحادثة في اندلاع حرب إعلامية شديدة بين القاهرة وواشنطن لتضاف إلى حروب سياسية أخرى، وأطلق عليها “حرب الفراولة” في إشارة إلى الفيلم المصري “حرب الفراولة” الذي كان قد أنتجه المخرج المصري مدحت العدل.
وتصل قيمة صادرات الفراولة المصرية الطازجة إلى السوق الأميركية إلى نحو 2.7 مليون طن تمثل نحو 6 بالمئة من إجمالي صادرات مصر من الفراولة الطازجة لمختلف دول العالم والتي تصل إلى حوالي 46 ألف طن.
وهرع مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء المصري إلى نفي الواقعة، مشيرا إلى عدم صحة الواقعة، رغم إذاعة بعض برامج “التوك شو” المصرية جزءا من حملة التلفزيون الأميركي ضد الفراولة المصرية.
وأعلنت وزارة الزراعة المصرية على الفور عن تشكيل لجنة لبحث الأزمة (برئاسة رئيس اتحاد المصدرين). وقال عصام فايد وزير الزراعة إن العينات التي تم تحليلها بالنسبة للفراولة المجمدة “خالية من جميع الأمراض”، موضحا أن التحاليل اختيارية وليست إجبارية، إلا إذا طلب المصدر إجراء التحاليل على الشحنة المصدرة.
|
ونفت الإدارة المركزية للحجر الزراعي بوزارة الزراعة، وصول إخطارات رسمية من الحجر الزراعي الأميركي بوجود أخطار للفراولة المصرية.
وقالت إن الفاكهة التي يتم تصديرها لا تخرج من الموانئ المصرية، إلا بعد موافقة معمل تحليل بقايا المبيدات على صلاحيتها، وبشرط أن يتم التوافق مع شروط البلد المستورد للمنتج الزراعي المصري.
وقال إبراهيم إمبابي رئيس الحجر الزراعي إن وزارة الصحة تتحمل المسؤولية في حالة انتقال أية أمراض عبر الخضر أو الفاكهة المصدرة للخارج، أما وزارة الزراعة فيكون دورها سلامة المنتج زراعيا.
وأكد الدكتور محمد حسن أستاذ الجهاز الهضمي أن الفاكهة المعبأة من الممكن أن تنقل فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي، إذا كان من يقوم بتعبئتها في محطات التعبئة والتغليف حاملا له.
وأوضح لـ“العرب” ضرورة مراعاة أساليب وطرق النظافة الشخصية للعاملين بهذه المحطات، فضلا عن الكشف الدوري عليهم لضمان عدم نقل أية أمراض معدية للمستهلك النهائي.
ووصلت صادرات مصر من الفراولة المجمدة والمصنعة إلى نحو 100 ألف طن العام الماضي، وكانت تقارير لمركز المعلومات باتحاد مصدري الحاصلات البستانية التابع لوزارة الزراعة تتوقع ارتفاعها بنسبة تصل إلى 25 بالمئة قبل نشوب الأزمة.
وأشار علاء عبدالكريم رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، إلى أن تصدير الصناعات الغذائية بما فيها الفراولة لا يخضع لرقابة الهيئة إنما يتم من خلال إصدار شهادة صحية.
وأضاف لـ“العرب” “وفقا للقانون فإن خمسة محاصيل زراعية فقط تخضع لرقابة وفحص الهيئة قبل تصديرها، وهي البصل والثوم والفول السوداني والبطاطس والموالح”.
وأشار عبدالكريم إلى أن الهيئة ستقوم بالتعاون مع جهاز التمثيل التجاري والمجلس التصديري للحاصلات الزراعية ووزارة الصحة بدراسة أزمة صادرات الفراولة إلى السوق الأميركية.
|
وبلغت صادرات الحاصلات الزراعية المصرية إلى الولايات المتحدة نحو 604 ملايين دولار خلال العام الماضي. ووصلت قيمة صادرات الصناعات الغذائية للولايات المتحدة إلى نحو 278 مليون دولار في العام الماضي.
وقالت بعض المصادر المصرية إن الخطورة تكمن حاليا في تصاعد “حرب الفراولة” وامتدادها إلى محاصيل أخرى، وهو ما يسيء لسمعة المنتجات الزراعية المصرية، ويضاعف من الأزمات الاقتصادية. لكن علي عيسى عضو مجلس إدارة المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، قال إن الأزمة الحالية تدور حتى الآن حول الفراولة المجمدة، وبالتالي لا علاقة لها بمصدري الحاصلات الزراعية.
وأكد لـ“العرب” أن المنتجات المجمدة تعد سلعة صناعية وفي هذه الحالة يتحمل المسؤولية القائمون على الصناعات الغذائية.
وكشف محمد شكري رئيس غرفة الصناعات الغذائية في اتحاد الصناعات المصرية، عدم تلقي إخطار رسمي من واشنطن أو من الحكومة المصرية حتى الآن.
وقال لـ“العرب” إنه لم يكشف حتى الآن عن بيانات الشركة المصرية المصدرة، حتى تقوم الغرفة بالوقوف على ملابسات وتبعات الموقف، وأن جميع المعلومات المتاحة صادرة عن وسائل الإعلام، والتقارير التي تنشر في الولايات المتحدة حول الأزمة.
ورجح أن تصل شكوى من الجهات الأميركية خلال الأيام المقبلة، وأن ما يعطلها حاليا هو الإجراءات الرسمية الحكومية هناك، لكن في كل الأحوال تتم متابعة تطورات الموقف عن كثب، ممّا تذيعه محطات التلفزيون الأميركية أو وسائل الإعلام الأخرى عن القضية.
وطالبت جهات كثيرة الحكومة المصرية بتحديد الإجراءات التي ستتخذها مع الشركة المصدرة، ووضع خطوات عاجلة لحل الأزمة، حفاظاً على سمعة المنتجات المصرية في الأسواق الخارجية.