جهود فرنسية لتخفيف الحرب التجارية الصينية الأميركية

حشدت فرنسا خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى بكين جهودها لنزع فتيل الحرب التجارية الصينية الأميركية، وسط أنباء عن احتمال توصل البلدين إلى نقطة التقاء في وجهات النظر حول اتفاق جديد يمهد لمرحلة انفتاح أكبر على الأسواق الدولية.
شنغهاي (الصين) - دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقوة عن التجارة الحرة، خلال افتتاح معرض تجاري في مدينة شنغهاي الصينية الثلاثاء، حينما أكد أنه “لا رابح في أي حرب تجارية”.
وتلقي التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة بثقلها على الزيارة التي يؤديها ماكرون لبكين والتي تدوم ثلاثة أيام.
وتسعى باريس إلى قيادة الجهود الأوروبية لنزع فتيل هذه المشكلة التي يتوقع محللون في حال استمرارها دون حل أن تزيد من تعقيد الأزمات بينما يعاني الاقتصاد العالمي من تباطؤ النمو.
وقال ماكرون في كلمته خلال افتتاح معرض الصين الدولي للاستيراد والتصدير عقب كلمة الرئيس الصيني شي جين بينغ إن “مثل هذه الاختلالات أدت إلى زيادة المخاوف وتبني إجراءات حمائية ذاتية في مختلف دول العالم”.
وتساءل “ما الذي يجب علينا عمله في مواجهة هذا الاتجاه الحمائي؟..ممارساتنا التجارية لا تقدم حماية فعالة للاقتصاد العالمي. هل يجب علينا فقط التخلي عن مثل هذا النظام التجاري القائم والعودة إلى الفردية والرسوم أو قانون الغاب؟ هل هذه هي الطريقة المفيدة؟ لا أعتقد ذلك. وهذا ليس اختيار فرنسا ولا الاتحاد الأوروبي”.
وأوضح أن التوترات التجارية الحالية بين الدول الكبرى تضر بالاقتصاد العالمي، مبديا أمله في التوصل إلى اتفاق لتهدئة التوترات التجارية وتحقيق مصالح كل الأطراف بدءا بالاتحاد الأوروبي.
وتريد فرنسا أن ترى المزيد من الانفتاح الاقتصادي في الصين وبخاصة في مجالات مثل الزراعة رغم إشادتها بالخطوات التي اتخذتها بكين لتقليص “القائمة السلبية” الخاصة بالصناعات التي تخضع فيها الاستثمارات الأجنبية لقيود مشددة، وإلغاء القيود على المشروعات المشتركة بين الشركات الصينية والأجنبية.
وتعهد شي أثناء كلمته بالمزيد من الانفتاح في الاقتصاد الصيني، معلنا أن على دول العالم أن “تهدم الجدران” في ما بينها.
وبدا التباين واضحا بين كلمة شي الثلاثاء وكلمته العام الماضي في ذروة المواجهة مع واشنطن، عندما تناول حينها الإدارة الأميركية منتقدا “الحمائية والانعزالية وشريعة الغاب”، في إشارة إلى الولايات المتحدة.
وتحدث شي أمام المشاركين لإظهار استعداد بلاده لتحرير أسواقها الهائلة، وسط انتقادات بأنها تحيط هذه الأسواق بنوع من الحماية.
وقال إن على المجتمع الدولي “أن يستمر بهدم الجدران بدلا من بنائها، وأن يرفض الحمائية والأحادية بحزم، وأن يخفف باستمرار من العوائق التجارية”.
ومع ذلك لم يخض شي في التفاصيل، لذا من غير المرجح أن يهدئ كلامه النقاد الأجانب الذين يتهمون الصين باتباع تدابير حمائية وعدم تنفيذ إصلاحات تعهدت بها.
ويفترض أن يوقع ماكرون اليوم الأربعاء اتفاقا حول المنبت الجغرافي الذي يؤكد مصدر المنتجات الأوروبية التي تدخل السوق الصينية.
ومع استمرار الصين والولايات المتحدة في بذل الجهود لتوقيع اتفاق تجاري جزئي تم الإعلان عنه الشهر الماضي، تجنّب الرئيس الصيني التطرق إلى قضية الرسوم الجمركية الانتقامية المتبادلة مع الولايات المتحدة.
ويأتي ذلك بينما كشفت مصادر صينية مطلعة لوكالة بلومبرغ للأنباء الاقتصادية أن الصين تدرس خيارات سفر رئيسها لمقابلة نظيره الأميركي دونالد ترامب للتوقيع على المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
ونسبت الوكالة عن المصدر، لم تذكر هويته، أثناء مناقشة المفاوضات الخاصة، قوله إنه “لم يتم اتخاذ قرار نهائي”.
والتقى رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ الاثنين الماضي بوفد أميركي ضم مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين ووزير التجارة ويلبر روس في قمة إقليمية في بانكوك.
وقال أوبراين للصحافيين في بانكوك “نحن قريبون نسبيا من التوصل لاتفاق”.
وفي وقت سابق، صرح ترامب للصحافيين أن اتفاق التجارة، حال اكتماله، سيتم توقيعه مع الصين في مكان بالولايات المتحدة.
ويتضمن الاتفاق التجاري قيام الصين بزيادة مشترياتها من المنتجات الزراعية الأميركية، والحفاظ على استقرار عملتها وفتح أسواق الخدمات المالية أمام الشركات الأميركية.
في المقابل، تريد بكين من الولايات المتحدة إلغاء الرسوم الجمركية التي ستدخل حيز التنفيذ في منتصف ديسمبر المقبل على السلع، بما في ذلك الهواتف الذكية.
وقالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية مساء الإثنين الماضي إن الولايات المتحدة تدرس إلغاء رسوم كانت فرضتها سابقا على سلع صينية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر تأكيدها أن الولايات المتحدة قد تسقط رسوما على سلع صينية قيمتها 112 مليار دولار كانت فرضتها خلال أكثر من عام ونصف العام من التوترات التجارية بينهما.