جهل المسنين بالتكنولوجيا يعيق حصولهم على خدمات رقمية

دمج التكنولوجيا المساعدة في حياة كبار السن يعود عليهم بالنفع.
الأربعاء 2021/06/16
الظروف الصحية التي تطرأ مع التقدم في السن تصعب استخدام التكنولوجيا

كشفت دراسات حديثة أن عدم الدراية الكافية للمسنين بالتكنولوجيا الرقمية يحرمهم من التمتّع بخدماتها، وأن عوامل مثل العمر والدخل والتعليم تحدّد الاختلافات في استخدام التكنولوجيا بين هذه الفئة العمرية. ويشير الخبراء إلى أن النفاذ إلى التكنولوجيا المساعدة يساهم في تحسين نوعية حياة كبار السن.

تونس ـ تقدم التكنولوجيا طرقا جديدة لمساعدة كبار السن في الحفاظ على صحتهم العقلية والبدنية، حيث يمكن للمشاركة في لعبة فيديو أو كمبيوتر أن تكون فرصة للتسلية ومصدرا لتعزيز الصحة العقلية.

لكن الجهل بوسائل الاتصال الحديثة قد يحرم المسنين من فرص الحصول على خدمات رقمية كالتسجيل لتلقي جرعات اللقاح مثلا أو اتصالهم بمقدمي الرعاية، لمراقبة مدى انتظامهم في تناول الجرعة المحددة من الدواء، أو استعمال قطع السجاد المزودة بأدوات استشعار والتي يمكنها تحديد تعرض الشخص للسقوط، وكذلك مستشعر يمكن للمستخدم ارتداؤه ليحدد ما إذا كان يتحرك بطريقة طبيعية أو على نحو يشير لتعرضه للوقوع.

اختلافات

كما أن جائحة كورونا  قد أوضحت أن  التقنيات الرقمية قد دعمت الجهود المبذولة لمكافحة الفايروس من خلال تمكين الوصول إلى الرعاية الصحية (الصحة الإلكترونية والطب عن بعد) وسمحت للطلاب بمواصلة تعليمهم (التعلم والتعليم عن بعد) والشركات والعمال للاستفادة من العمل عن بعد للبقاء نشطين، فإنها أيضا قد كشفت أن  كبار السن من بين أولئك الذين لا يستفيدون بالكامل من إمكانيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وأظهرت دراسة أجريت في الولايات المتحدة أنه بينما يستخدم كبار السن الإنترنت بشكل متزايد (67 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 65 عاما وأكثر)، لا يزال الكثيرون غير متصلين، ولا يستخدم ثلث كبار السن الإنترنت، ولا يمكن لحوالي النصف الحصول على خدمات النطاق العريض المنزلية.

كما بيّنت الدراسة أن عوامل مثل العمر والدخل والتعليم تحدد الاختلافات في استخدام التكنولوجيا بين هذه الفئة العمرية. ففي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تُظهر نتائج مسح حول مهارات الكبار أن العمال الأكبر سنا هم أقل استعدادا للعمل بفعالية في عالم رقمي في ما يتعلق بالجيل الأصغر مع ثلث العمال الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و65 عاما في المتوسط، الذين ليس لديهم خبرة في التعامل مع أجهزة  الكمبيوتر.

ويحتاج معظم كبار السن إلى المساعدة عندما يتعلق الأمر باستخدام الأجهزة الرقمية الجديدة. ووفقا للدراسات فإن 18 في المئة فقط يشعرون بالراحة عند تعلّم استخدام جهاز تكنولوجي جديد مثل هاتف ذكي أو جهاز لوحي بأنفسهم، في حين أن 77 في المئة في حاجة إلى شخص ما ليساعدهم على التعرف على طريقة التشغيل والاستخدام. بينما يحتاج 56 في المئة من كبار السن الذين يستخدمون الإنترنت بشكل عام للمساعدة لكي يتمكنوا من استخدام مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وغيرهما للتواصل مع أصدقائهم أو أفراد عائلاتهم.

وتشير  الكثير من الأبحاث إلى التأثير الإيجابي والفوائد المحتملة لدمج التكنولوجيا المساعدة في حياة كبار السن، حيث تشير الدراسات إلى أنه “يمكن إبطاء معدل انخفاض القدرات وخفض تكاليف الرعاية المؤسساتية من خلال توفير مدروس للتكنولوجيا المساعدة وبيئة قابلة للنفاذ”.

وتتضمن التأثيرات الإيجابية زيادة الخيارات والسلامة والاستقلالية وزيادة الشعور بالسيطرة والتحكم، وتحسين نوعية الحياة، والحفاظ على قدرة البقاء في المنزل وتخفيض العبء الملقى على عاتق مقدمي الرعاية وتحسين دعم الأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية طويلة الأجل، وخفض نسبة الحوادث والسقوط في المنزل والاستقلالية وتأدية الواجبات.

ويساهم  استخدام التكنولوجيا المساعدة في تحسين نوعية حياة كبار السن، وتشير التقارير إلى أن الذين يواظبون على استخدام شبكة الإنترنت قد ينعكس ذلك إيجابيا على مجالات حياتهم الرئيسية التي تشمل تحقيق الذات والحفاظ على الصحة والتواصل الاجتماعي  والقدرات الوظيفية ودعم مقدمي الرعاية، وتحسين الذاكرة وزيادة الانتباه.

ثقافة جديدة

Thumbnail

تقول فاطمة المغني  مديرة مركز التنمية الاجتماعية في خورفكان بدولة الإمارات، إن التقدم في العمر لا يمنع من استخدام التكنولوجيا، لأنها نوع جديد من الثقافة نحصل من خلاله على المعلومات بسرعة فائقة.

وأضافت أنها تتواصل مع الأشخاص عبر الهاتف المحمول  والرسائل الإلكترونية في المناسبات والأعياد، لأنّ العلاقات الإنسانية مهمة وتحرص عليها.

وتابعت “لقد حصلت على دورات في الكمبيوتر بهدف تطوير أدائي، سواء في العمل الوظيفي أم في إدارة عملي الخاص.. وعلى الصعيد الأسري أيضا عندما كان ابني باسم يقوم بتحضير شهادة الدكتوراه في القانون الدولي في بريطانيا، كنت أتواصل معه بالصوت والصورة عبر شاشة الكمبيوتر، وكنت أطمئن يوميا على أخباره وإنجازاته وما حققه في دراسته”.

واكتشف بعض العلماء أن الحالات التي قاموا بدراستها ممن تتراوح أعمارهم بين 65 و75 سنة، الذين أكملوا سلسلة من ألعاب الكمبيوتر المختلفة حدث لديهم تحسن في الذاكرة وزيادة الانتباه وتحسّنت قدراتهم. وإضافة إلى ذلك، أثبتت أنظمة ألعاب الفيديو قدرتها على تعزيز النشاط البدني لكبار السن بسبب عدد من البرامج الترفيهية التي توضح  للمستخدم كيف يمارس الحركات الرياضية واليوغا، وهما شكلان مفيدان للغاية من التمارين الافتراضية التي يستفيد منها كبار السن.

عدم الدراية بوسائل الاتصال يحرم المسنين من فرص الحصول على الخدمات الرقمية، كالتسجيل لتلقي جرعات اللقاح مثلا

وتجعل الظروف البدنية والصحية التي تطرأ مع التقدم في السن من استخدام التكنولوجيا الجديدة أمرا صعبا، فتقريبا فإن اثنين من كل خمسة مسنين لديهم حالة بدنية أو صحية تجعل القراءة صعبة عليهم أو مستحيلة، أو لديهم إعاقة أو مرض مزمن يمنعهم من المشاركة بشكل كامل في العديد من الأنشطة اليومية العادية.

وتوفر التكنولوجيا العديد من المميزات المدمجة في الأجهزة لزيادة سهولة استخدام كبار السن لها، منها على سبيل المثال كما في حالات ضعف البصر التي يصبح فيها من الصعب رؤية صفحة مطبوعة، فنجد أن الأجهزة اللوحية تقدم لمستخدميها سهولة تكبير حجم الخط لتسهيل القراءة.

ولم تعد هناك حاجة للسؤال عن حجم الخط المستخدم في طباعة الصحيفة أو الكتاب، حيث يمكن بكل بساطة تعديل النص للحصول على حجم الخط الأكثر ملاءمة. ويتوفر هذا النوع من الوظائف في العديد من الأجهزة بما في ذلك الأجهزة اللوحية والهواتف وقارئات الكتب الإلكترونية.

ويرى الخبراء أنه من المهم في البداية التفكير في إدخال التكنولوجيا للمستخدمين من كبار السن على التطبيقات التي سوف تستخدم ثم التفكير في إدخال التكنولوجيا والوظائف الأكثر تقدما التي يحتاجون لمعرفتها مثل حفظ الصور وتغيير حجم النص.

ويقول الخبراء “علينا أن ندرك أنه عند استخدام كبار السن للتكنولوجيا لا يستخدمونها بنفس الطريقة مثل الشباب، ومن المهم ألا نفترض أن كبار السن طاعنون جدا في السن أو أنهم لن يفهموا التكنولوجيا الجديدة لمجرد احتمال وجود منحنى تعليمي حاد”.

21