جدل في تونس بشأن ملامح البرلمان المقبل الخالي من أي دسم سياسي

البلاد لم تتخط بعد مرحلة التدرب على الديمقراطية، والبرلمان المقبل سيواجه صعوبات في ظل ضعف السجلات السياسية والمستويات المعرفية لعدد كبير من المترشحين.
الأربعاء 2022/11/02
سنة أولى ديمقراطية

تونس - يتطّلع التونسيون إلى معرفة ملامح البرلمان المرتقب، وسط قلق بشأن مدى قدرة النواب الجدد على الاضطلاع بمسؤولياتهم، خصوصا وأن عددا كبيرا من المترشحين لا يتوفرون على سجلّ سياسي ولا يملكون زادا فكريا يخول لهم طرح مشاريع قوانين تهم المواطن.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اليوم الثاني من نوفمبر عن قائمة المقبولين أوليا للمنافسة في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم 17 ديسمبر المقبل على 161 مقعدا برلمانيا من بين 1427 مترشحا، من بينهم 214 امرأة.

وبلغ العدد الجملي للمترشحين للاستحقاق التشريعي 1427 مترشحا، من بينهم 214 امرأة فقط، وتمثل الانتخابات التشريعية آخر فصول المرحلة الانتقالية التي انطلقت في الخامس والعشرين من يوليو 2021.

نبيل الرابحي: تونس ما زالت تتدرّب على أسس الديمقراطية
نبيل الرابحي: تونس ما زالت تتدرّب على أسس الديمقراطية

وتجرى الانتخابات لهذا العام بنظام الاقتراع على الأفراد بدل الاقتراع على القوائم، وفق القانون الانتخابي الجديد الذي وضعه الرئيس التونسي قيس سعيد، والذي قلص عدد المقاعد في البرلمان.

وأفاد نائب رئيس هيئة الانتخابات ماهر الجديدي بأن مطالب الترشح بالداخل (151 دائرة انتخابية) بلغت 1400 مطلب، فيما بلغ عدد مطالب الترشح بالخارج (10 دوائر) 27 مطلب ترشح في كل الدوائر الانتخابية باستثناء دائرة أفريقيا التي لم تسجل تقديم أي ترشح.

وترتكز أغلب الترشحات المعلنة للمشاركة في الانتخابات على نشطاء مستقلين وتنظيمات مساندة لمسار الخامس والعشرين من يوليو، أو التنسيقيات التي تشكلت في ما يعرف بالحملة التفسيرية، وهو المصطلح الذي استعملته وسائل الإعلام للتعريف بمفسري البرنامج الانتخابي للرئيس قيس سعيد الذي انتخب عام 2019.

في المقابل تقاطع قوى سياسية وازنة الاستحقاق، في سياق تحفظاتها على المسار الذي يقوده الرئيس سعيد. ويرى مراقبون أن البلاد لم تتخط بعد مرحلة التدرب على الديمقراطية، لافتين إلى أن البرلمان المقبل سيواجه صعوبات في ظل ضعف السجلات السياسية والمستويات المعرفية لعدد كبير من المترشحين.

وقال الناشط السياسي نبيل الرابحي إن “لكل نظام اقتراع مساوئ وإيجابيات، واليوم المشكلة الكبرى تتجلى في المستوى الضعيف للمترشحين”، وأضاف “كيفما كنتم يولّى عليكم، والمجلس الوطني التأسيسي المنتخب بعد 2011 كانت فيه اختلافات كثيرة وعدد من النواب الذين لا تتوفر فيهم الكفاءة السياسية والعلمية”.

وأضاف الرابحي في تصريحات لـ”العرب” أن “هذه الانتخابات مرتبطة بتحصّل المترشّح على التزكيات (400 تزكية)”، مشيرا إلى أن البرلمان الجديد سيكون صورة مصغّرة عن المجتمع التونسي.

ولفت الناشط التونسي إلى أن “تونس مازالت في مرحلة التدرّب على أسس الديمقراطية، كما أن ثورة يناير 2011 لم يتبعها زخم ثقافي، ومستوى الوعي مازال ضعيفا”.

وكانت هيئة الانتخابات أعلنت الإثنين الماضي عن تمديد فترة قبول الترشحات بثلاثة أيام، والتي كان من المفترض أن تنتهي يوم 24 أكتوبر، وقد مكن هذا التمديد من قبول 178 مطلب ترشح جديدا (145 مترشحا و33 مترشحة).

مراد علالة: معظم المترشحين غير ملمّين بمشاكل الجهات
مراد علالة: معظم المترشحين غير ملمّين بمشاكل الجهات

وتبعا لهذا التمديد أصدرت الهيئة في الخامس والعشرين من أكتوبر قرارا تضمن بعض التنقيحات في رزنامة الانتخابات، حيث نص القرار على أن مجلس الهيئة يبت في الترشحات لعضوية مجلس نواب الشعب في أجل أقصاه الأربعاء 2 نوفمبر 2022.

وسيتم نشر قائمة المترشحين لعضوية المجلس في مقر الهيئة وعرضها بموقعها الإلكتروني في أجل أقصاه يوم الثالث من نوفمبر الجاري، وستقوم الهيئة بإعلام المشاركين فرديا بقراراتها في أجل أقصاه غدا الخميس.

وتتولى الهيئة الإعلان عن قائمات المترشحين المقبولة نهائيا بعد انقضاء الطعون في أجل لا يتجاوز الثلاثاء 22 نوفمبر الجاري.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مراد علاّلة “نواب البرلمان القادم سيدخلون قصر باردو وهم محدودو الصلاحيات في المؤسسة التشريعية، كما أن السير الذاتية للعديد من المترشحين بعيدة كل البعد عن الإلمام بمشاكل الجهات إذا ما ذهبنا في فكرة البناء القاعدي والعمق الاجتماعي وضعف التجربة السياسية”.

وأوضح لـ”العرب”، “هناك وظيفة تشريعية، ولكن يجب تقديم الإضافة المرجوة، وهؤلاء يقتحمون العمل السياسي بقيود عديدة، كما لا توجد علاقة تربط بين النواب، وكل نائب يمثل بدوره كتلة برلمانية”.

وأردف علالة “للأسف سيكون هناك انتشار آخر للشعبوية في تونس، وهِؤلاء رصيدهم الأكاديمي والعلمي ضعيف وهدفهم فقط الشهرة أو الظهور التلفزيوني والإعلامي واستسهال المناصب السياسية، وكل شخص يرى نفسه نائبا في البرلمان”.

واعتبر المحلل السياسي التونسي أن “وصول هؤلاء النواب اليوم هو نتيجة طبيعية لتقديم صورة سيئة عن السياسيين في العشرية الماضية، فضلا عن غياب الثقافة الديمقراطية”.

وأشار إلى أن النخبة في تونس “فشلت في صناعة مواطنين قادرين على الاختيار الصائب، ووصول شخص ليست له أي تجربة إلى مواقع القرار يفتح الباب لحضور الجميع”، وقال “لقد تم ترذيل العمل السياسي وشيطنة الإدارة، وهذا المناخ المشكّك في كل شيء يخلق حالة من التهافت والبحث عن غنيمة”.

4