جدل عراقي بشأن تمويل عجز قياسي في الموازنة

الارتهان الشديد لعوائد النفط لتمويل النفقات يربك التوازنات.
الاثنين 2021/01/04
عجز قياسي

أثارت نسبة العجز القياسية في قانون الموازنة العراقي للعام 2021 جدلا واسعا، حيث يطرح ذلك تساؤلات حول هوامش تحرك الحكومة لسد الفجوة المالية وتغطية النفقات العامة، ما يكشف تبعات انهيار إيرادات النفط نتيجة ضغوط الوباء وريعية الاقتصاد.

بغداد - تضمن مشروع قانون موازنة العام 2021، الذي تقدمت به الحكومة العراقية إلى البرلمان بانتظار مناقشته وإقراره، نسبة عجز تاريخية، ما أثار جدلا واسعا بشأن قدرة موارد الدولة على مجاراة هذا الحجم الهائل من النفقات المتوقعة.

ومع تغيير سعر صرف الدينار العراقي أمام العملات الأجنبية مؤخرا من 1190 دولارا لكل دينار إلى 1450 دينارا لكل دولار، وتقدير الأرقام الواردة في الموازنة بالدينار العراقي وفق سعر الصرف الجديد، اتسعت الهوة بشكل مخيف بين حجم النفقات والواردات المتوقعة.

ويتوقع مشروع الموازنة أن تبلغ النفقات الكلية للدولة العراقية في 2021 ما قيمته نحو 113 مليار دولار، بعد أن توقع وصول الإيرادات إلى أكثر من 63 مليار دولار.

وتعني هذه المعادلة أن قيمة العجز المتوقعة في موازنة العراق للعام 2021 هي نحو 50 مليار دولار أميركي.

وشكلت هذه الأرقام مفاجأة داخل أوساط المال والاقتصاد، حيث إنها تأتي في عام يفترض أن يشهد تقشفا كبيرا، بسبب انخفاض عوائد النفط واستمرار التأثيرات السلبية لجائحة كورونا على الاقتصاد، وغياب أي أفق للازدهار.

وأظهرت موازنة العام 2021 كيف أن العراق يعتمد بشكل شبه تام على عوائد بيع النفط، إذ يخطط مشروعها لبيع 3.25 مليون برميل يوميا بسعر 42 دولارا لكل برميل، لجمع قرابة 50 مليار دولار خلال 12 شهرا.

وبهدف تعظيم الواردات غير النفطية، تضمن مشروع الموازنة فرض ضرائب على قطاعات العمل الحيوية في البلاد، مثل شركات الهاتف النقال التي بلغت ضريبة مبيعات بطاقات التعبئة الصادرة عنها 20 في المئة، فيما سيكون على كل عراقي يريد السفر إلى أي دولة أخرى أن يدفع نحو 18 دولارا، أو 7 دولارات إذا أراد أن يسافر داخليا.

50

مليار دولار قيمة عجز الميزانية خلال 2021 بسبب انخفاض عوائد النفط وتداعيات كورونا

ويفرض مشروع الموازنة ضريبة بقيمة 10 في المئة على المجمعات التجارية والأسواق الكبيرة، ومثلها على مبيعات السيارات، فيما بلغت نسبة الضريبة على المشروبات الروحية والتبغ 20 في المئة.

ويوجه مشروع الموازنة صفعة مؤلمة للرئاسات الثلاث، الجمهورية والبرلمان والحكومة، إذ يفرض استقطاع نحو 40 في المئة من قيمة رواتب العاملين فيها.

ولم ينج من الاستقطاعات ضمن قانون الموازنة لعام 2021، سوى الموظفين الذين يحصلون شهريا على أقل من نحو 300 دولار شهريا، حيث كلما ازداد راتب الموظف ازداد حجم الاستقطاع الشهري.

ويعتقد مراقبون أن هذه الاستقطاعات هي محاولة حكومية لإجبار المواطن العراقي البسيط على تحمل مسؤوليات جسيمة لم تكن له يد في أسباب وجودها.

ويقول الكثير من العراقيين إنهم وجدوا أنفسهم مرغمين على تحمل نتائج أخطاء أحزاب فاشلة تهيمن على إدارة الدولة منذ 17 عاما.

على المستوى السياسي، تعرض مشروع الموازنة الحكومي إلى سلسلة من الانتقادات، لجهة تضمينه مشاريع استثمارية قد تستغل في الدعاية الانتخابية.

وترى النائب صفاء بندر، عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، أن المبالغ الواردة في الموازنة لا تشير إلى وجود أي نوايا حكومية باتجاه الإصلاح.

وتقول بندر “إن حجم النفقات المتوقعة لا ينم عن أي تقشف ومسار الأموال لا يفصح عن أي إصلاح ويفتقر إلى السياسة الاقتصادية المدروسة”. وتابعت، أن موازنة 2021 استهدفت المواطن “من خلال رفع سعر صرف الدولار وفرض الضرائب على رواتب الموظفين وعدم السيطرة على السوق”.

وأكدت بندر أن ائتلاف المالكي الذي تنتمي إليه، وهو أحد أشرس خصوم حكومة مصطفى الكاظمي، لن يشارك في “أي جريمة تمس قوت الشعب أو رواتب الموظفين” في إشارة إلى رفض التصويت لصالح الموازنة حال عرضها في البرلمان.

 لكن أنصار الحكومة يقولون إن ارتفاع قيمة الإنفاق المتوقعة في موازنة 2021، يعود إلى تضمينها بعض المشاريع الضرورية لتنفيس حالة الاحتقان التي يعيشها اقتصاد العراق الريعي.

ويقول عضو اللجنة المالية في البرلمان فيصل العيساوي إن “الحكومة أعادت احتساب الإيرادات لمعالجة الموازنة التي تعد أولى خطوات الإصلاح بما تحمله من برامج خدمية تنعكس على واقع المواطنين”.

11