ثلاثة تحديات مُعقدة تُواجه الدبيبة بعد استلام مهامه

تونس – تستعد حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بعد تسلمها رسميا لمهامها التنفيذية، لمواجهة سلسلة من التحديات والعقبات التي يُشكل استمرارها عامل توتر من شأنه عرقلة تنقية المناخ من الغيوم المُحيطة به التي تحول دون تهيئة الأرضية الملائمة لتنظيم الانتخابات العامة في 24 ديسمبر القادم.
ورغم كثرة عناوين تلك التحديات التي تواجه حكومة الدبيبة التي أصبحت أول حكومة ليبية موحدة وشرعية، فإن أبرزها إخراج المرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية وتفكيك الميليشيات وجمع السلاح المُنفلت وتوحيد مؤسسات الدولة، إلى جانب معالجة ملفات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي عمقها الاقتتال الداخلي الذي عرفته البلاد طيلة السنوات الماضية.
ويُدرك الدبيبة وفريقه الحكومي ومعهما أعضاء المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، بعد تسلم مهامهم رسميا من الرئاسي السابق، وحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وطأة حجم هذه الملفات الشائكة والمُعقدة التي تتشابك فيها العوامل الداخلية بالكثير من العناصر الإقليمية والدولية التي لها حسابات مُتباينة.
وبدا هذا الإدراك واضحا من خلال تصريحات الدبيبة في أعقاب أداء اليمين الدستورية، والاتصالات التي قام بها، وخاصة منها اجتماعه مع أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في مدينة سرت، الذي تم فيه بحث جملة من القضايا الأمنية والعسكرية المُعقدة، منها تثبيت وقف إطلاق النار المُعلن في جنيف السويسرية في 23 أكتوبر الماضي.
وتم خلال هذا الاجتماع الأول من نوعه الذي يعقده الدبيبة منذ تشكيل هذه اللجنة بحث تطورات عملية فتح الطريق الساحلي وبقية الطرق التي تربط بين أقاليم ليبيا الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان)، إلى جانب إعداد خطة لسحب المقاتلين من خطوط التماس، وأخرى تتعلق بإخراج المرتزقة وكافة القوات الأجنبية من الأراضي الليبية.
وانتهى هذا الاجتماع الثلاثاء باتفاق أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5 ضباط من الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر و5 ضباط موالين لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها برئاسة السراج) على حصر المرتزقة الأجانب وجنسياتهم وأماكن تواجدهم تمهيدا لإخراجهم من البلاد.
وتوازيا مع هذا الاجتماع، ترددت الثلاثاء أنباء حول توصل الولايات المتحدة وتركيا إلى اتفاق يتعلق بخروج المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا في غضون أسبوعين، حيث نقل تلفزيون سكاي نيوز، عن مصادر وصفها بالمطلعة دون أن يذكرها بالاسم، أن هذا الاتفاق تم التوصل إليه خلال مباحثات جرت على مستوى السفيرين الأميركي والتركي في ليبيا.
وأوضحت المصادر أن هذا الاتفاق ينص على أن تتولى طائرات تابعة لشركة الخطوط الأفريقية الليبية وأخرى تركية نقل المرتزقة من مطار معيتيقة الدولي إلى تركيا ثم إلى سوريا، لافتة في نفس الوقت إلى أنها سجلت حالة من الاستنفار داخل معسكرات المرتزقة تمهيدا لعملية الإجلاء.
وخلافا لذلك، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أنه “من خلال التواصل مع عدد من المرتزقة السوريين في ليبيا، تأكد أنه لم يُطلب منهم حتى الآن الاستعداد للعودة، ما يعني أن ملف المرتزقة في ليبيا مازال معلقا بشكل كامل، وأن عودتهم إلى تركيا متوقفة بشكل كامل”، مؤكدا أنه ينتشر حاليا في ليبيا نحو 6750 مرتزقا من الفصائل السورية الموالية لأنقرة.
ويُعتبر ملف المرتزقة والقوات الأجنبية من أهم الملفات المُعقدة التي تواجه حكومة الدبيبة الذي كان قد وصف في كلمته أمام نواب البرلمان الليبي خلال جلسة منح الثقة، المرتزقة بـ”الخنجر في ظهر ليبيا”، مؤكدا على ضرورة العمل على إخراجهم من التراب الليبي.
لكن هذا الملف لا يقل تعقيدا عن ملفي تفكيك الميليشيات وفوضى السلاح المُنتشر في البلاد الذي يتعين على السلطة التنفيذية الجديدة مواجهته، إلى جانب استحقاق توحيد مؤسسات الدولة لضمان تنظيم الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل، الذي يبقى من أبرز التحديات الماثلة.
اتفاق أميركي – تركي لإخراج المرتزقة من ليبيا
ولا يُعرف لغاية الآن كيف ستتعامل الحكومة الليبية الجديدة مع تحدي تنظيم الانتخابات خلال المرحلة الانتقالية التي دخلتها ليبيا، ومع ذلك وصفها العميد خالد مازن وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية الجديدة بالاستحقاق الذي ينتظره الليبيون بفارغ الصبر.
وقال في تصريحات بثتها القناة التلفزيونية “ليبيا الوطنية” ليل الإثنين – الثلاثاء “لعل أهم ملفات وزارة الداخلية هو ملف الاستحقاق الانتخابي الذي ينتظره جميع الليبيين بفارغ الصبر، باعتباره الخط الواضح لتحديد هوية الدولة الليبية، والسير قدما نحو دولة واحدة موحدة بعد أن يلتئم شملها وتوحدت”.
وتابع “لدينا أهداف واضحة ومحددة للقيام بها، ومن أهم أهدافنا أيضا توحيد هذه المؤسسة والنظر في كل المشاكل، لدينا العديد من الصعوبات التي تواجهنا بالنظر إلى قصر الفترة التي ستكون هذه الحكومة مكلفة بها والتي لا تتجاوز الـ9 أشهر فهو وقت قصير ومطلوب جهد كبير”.