تونس والجزائر تراهنان على التنمية لتعزيز الأمن على الحدود

الجزائر- وقّعت تونس والجزائر مذكرة تتضمن ورقة الطريق لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية – التونسية، وسط تأكيد تونسي على ضرورة توسيع التعاون الأمني مع الجزائر، ارتباطا بقيمة الرهانات الحدودية والإقليمية وفي مقدمتها مخاطر الإرهاب والجريمة.
ويقول مراقبون إن التنسيق الأمني بين البلدين تضمن بعدا تنمويا جديدا وذلك من خلال تنمية المناطق الحدودية المشتركة، بهدف دعم التصدي للتهديدات الإرهابية، وتوافد المهاجرين القادمين من دول الساحل والصحراء، فضلا عن نشاط شبكات الاتجار بالبشر والمخدرات.
وثمة توافق مشترك بين تونس والجزائر بأهمية الدور المحوري للمناطق الحدودية في معاضدة جهود المؤسستين العسكرية والأمنية للتصدي لتلك المخاطر.
ومنذ سنوات، يشهد التنسيق الأمني والاستخباراتي بين تونس والجزائر مستوى رفيعا في مجال ملاحقة العناصر الإرهابية ومراقبة تحركاتها وتبادل المعلومات بشأنها بشكل آني، إذ كانت سلطات البلدين وسّعت صلاحيات غرف العمليات العسكرية التي يشرف عليها قادة عسكريون على الحدود، وتم توفير قنوات تواصل عسكري مباشر للتحرك بسرعة عند رصد أيّ تحرك للمجموعات المسلحة على حدود البلدين.
وفرض تزايد الاعتداءات الإرهابية في تونس وبالقرب من الحدود الجزائرية على السلطات الجزائرية والتونسية المزيد من العمل من أجل رفع قياسي لمستوى التنسيق الأمني بين البلدين.
وأشاد وزير الداخلية التونسي كمال الفقي الاثنين في الجزائر بالتنسيق الأمني المثمر والبناء بين تونس والجزائر على مستوى الشريط الحدودي، مؤكّدا أنّ “استقرار تونس وأمنها من استقرار الجزائر وأمنها”.
وقال الفقي في كلمة ألقاها خلال إشرافه رفقة نظيره الجزائري إبراهيم مراد على انطلاق أشغال الدورة الأولى للجنة الثنائية الجزائرية – التونسية لتنمية وترقية المناطق الحدودية إنّ “البلدين يعملان على تعزيز الأمن بالمناطق الحدودية لمواجهة التهديدات الإرهابية والتصدي لشبكات التهريب ويحق لنا الإشادة بالتنسيق المثمر والبناء القائم بين المصالح الأمنية على مستوى الشريط الحدودي”.
ولفت إلى أنّ سكان المناطق الحدودية يلعبون “دورا محوريا في معاضدة جهود المؤسستين العسكرية والأمنية للتصدي للإرهاب”، مؤكدا على أنّ منظومة مقاومة هذه الآفة “لن تكتمل إلا باعتماد مقاربة شاملة ترتكز أساسا على تحسين الظروف المعيشية لسكان المناطق الحدودية” وهو ما يستوجب وفق تقديره “ضبط إستراتيجية مشتركة لتنمية” هذه المناطق.
بدوره، أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية الجزائري إبراهيم مراد على “ضرورة تأمين المناطق الحدودية المشتركة بين البلدين وتحصينها من التهديدات الأمنية وفي مقدمتها الهجرة غير الشرعية”.
ودعا الولاة إلى “بلورة مشاريع محددة قابلة للتجسيد تماشيا مع اجتماع الولاة الذي انعقد بتونس”، مثمنا مشروع مبادرة دراسة ترقية المبادلات التجارية بين الطارف وجندوبة، ومشددا على “ضرورة تطوير المعابر الحدودية، مع وضع إستراتيجية مشتركة لمجابهة المخاطر الكبرى”.
وتتمركز المجموعات المسلحة في المناطق الحدودية بين البلدين منذ سنوات، من جندوبة إلى الكاف، ومن القصرين إلى قفصة، ومن جبال الشعانبي إلى جبل السلوم والمغيلة، بسبب وجود جبال وغطاء من الغابات.
وأفاد المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني أن “التنسيق الأمني بين تونس والجزائر قائم منذ سنوات، لكن الجديد، هناك فكرة البعد التنموي من أجل ربط المصالح بين الولايات (المحافظات) الحدودية، وأهمها جندوبة والقصرين والكاف التي تعيش فيها عائلات مشتركة بين البلدين”.
وأضاف لـ”العرب” أن “هذا مؤشر لتنمية العلاقات الثنائية بين البلدين، في ظل التهديدات القادمة من دول الساحل والصحراء التي فيها بلدان متاخمة للجزائر على غرار مالي والنيجر، وبالتالي يجب زيادة مستوى التنسيق، ضدّ مخاطر الإرهاب والاتجار بالبشر وتجارة المخدرات، فضلا عن تواجد المهاجرين الأفارقة القادمين من تلك الدول، وتونس ليست بمعزل عن تلك التهديدات”.
وفي بيان سابق، ذكرت وزارة الداخلية الجزائرية أن المناطق الحدودية المشتركة مع تونس تعتبر “هدفا إستراتيجيا” من شأنه تعزيز التنمية الاقتصادية وبعث المشاريع الحيوية على مستوى هذه الأقاليم، تجسيدا لنتائج زيارة رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون، إلى تونس في ديسمبر 2021، والتي انبثق عنها “إعلان قرطاج”.
وتناقش الدورة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، العديد من المحاور، منها ترقية وتنمية المبادلات التجارية بين الولايات الحدودية للبلدين، وتحسين جاذبيتها، وتعزيز دور المعابر الحدودية في مجال التنمية، بالإضافة إلى وضع إستراتيجية مشتركة لمجابهة المخاطر الكبرى.
وقال الباحث في العلوم السياسية محمد العربي العياري إن “التنسيق الأمني بين البلدين جديد – قديم، ويعاد استعراضه مع كل مناسبة إقليمية ودولية”، لافتا أنه “لا يمكن عزل هذه المذكرة عن القمة التي ستعقد في إيطاليا من أجل ملف الهجرة”.
وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “التنسيق يتعلق بملف الساحل الصحراوي وملف مالي وما يمثله من صداع للجزائر والمنطقة التي يتسلل منها المهاجرون نحو تونس”.
وترتبط تونس والجزائر بعدة اتفاقيات سابقة للتعاون على المستوى الحدودي إلى جانب التنسيق الأمني والعسكري لمواجهة الأخطار الأمنية بهذه المناطق.