تونس تواجه ممارسات الفساد بالحدّ من الامتيازات الإدارية

وزارة الفلاحة والصيد البحري تفتح ملف السيارات الإدارية.
السبت 2023/09/09
رهان على عودة منسوب الثقة بين الإدارة والمواطن

بدأت السلطات التونسية منذ تعيين أحمد الحشاني رئيسا للوزراء في أغسطس الماضي، بالانطلاق فعليا في مواجهة ممارسات الفساد بالإدارة التي عرفت حسب المراقبين تراجعا كبيرا على مستوى المردودية في السنوات الأخيرة، وأصبحت فضاء سمح بتفشي الظاهرة التي تنخر مختلف القطاعات الحيوية.

تونس - تكثف السلطات التونسية، في إطار حملة تطهير الإدارة، من جهودها للتصدي لممارسات الفساد المتزايدة، بمحاولات الحدّ من الامتيازات الإدارية، حيث أعلنت وزارة الفلاحة في الآونة الأخيرة أنها ستفتح ملف السيارات الإدارية بمختلف المؤسسات التي تتبعها. ويقول مراقبون إن ذلك يأتي في إطار استجابة السلطة للمطالب الشعبية بفتح ملفات الإدارة العمومية وإهدار المال العام باستغلال تلك الامتيازات لتحقيق مصالح شخصية.

ودعت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري في تونس، مختلف المنشآت والهياكل التابعة لها إلى مدّها في أجل أقصاه الثاني عشر من سبتمبر الجاري، بجرد مفصّل في أسطول السيارات والعربات الراجعة لها بالنظر مع قائمة في السيارات التي يتم استغلالها على وجه الكراء.

بدرالدين قمودي: الأمر يتطلب برنامجا شاملا يشمل القطاع العمومي
بدرالدين قمودي: الأمر يتطلب برنامجا شاملا يشمل القطاع العمومي

وحثت الوزارة في منشور رسمي على موقعها الرسمي كل رؤساء ومديري المؤسسات المعنية على موافاتها بقرص مضغوط يتضمن قائمات السيارات مع نسخة ممضاة ومؤشر عليها من طرفهم أو إرسال المعطيات المطلوبة عبر بريدها الإلكتروني، وفق ما ذكره موقع "تيليغراف" المحلي.

 ويضم أسطول تونس من السيارات والعربات الإدارية أكثر من 95 ألف سيارة وعربة، بالإضافة إلى حوالي 15.5 ألف سيارة معطبة ومحالة على عدم الاستعمال، ويتوزع ما بين سيارات وظيفية وسيارات ذات استعمال مزدوج وسيارات مصلحة، وفق أرقام رسمية.

ويقدر مجموع السيارات الوظيفية بحوالي 3197 سيارة، في حين يبلغ عدد السيارات ذات الاستعمال المزدوج 4676 سيارة، وسيارات المصلحة 87159 سيارة، في حين تمتلك الدولة قرابة 50 في المئة من جملة الأسطول أي في حدود 43889 سيارة وعربة ويتوزع باقي الأسطول على المؤسسات والمنشآت والجماعات العمومية المحلية (البلديات 12895، والمجالس الجهوية 1943، والمنشآت العمومية 36305).

وقال بدرالدين قمودي، عضو في البرلمان، ومكلف بالمرفق القضائي والمؤسسات الوطنية، إن “ملف السيارات الإدارية قديم – جديد وليس حكرا على وزارة الفلاحة، بل يشمل كل الوزارات التي تمتلك أسطولا كبيرا من السيارات سواء كانت مستعملة أو خارج إطار العمل لأعطاب بسيطة وتصبح مدرا لإهدار المال العام". وصرّح لـ"العرب"، "من الضروري مراقبة الامتيازات المرافقة للسيارات من بنزين وغيره، والأمر يتطلب برنامجا شاملا يشمل القطاع العمومي".

وتم في سنة 2022 مراقبة 26591 سيارة إدارية وتحرير 850 محضر معاينة وقد بلغت نسبة المخالفات 3.20 في المئة، في حين تمت سنة 2021 مراقبة 23035 سيارة إدارية وتحرير 666 محضر معاينة مقابل مراقبة 32659 سيارة إدارية سنة 2019 وتحرير 1140 محضر معاينة وبنسبة مخالفات بلغت 3.49 في المئة.

وتتمثل المخالفات التي تم تسجيلها في عدم الاستظهار بإذن بمأمورية لاستعمال عربة مصلحة، وهو ما يمثل قرابة 30 في المئة من المخالفات المسجلة وعدم الاستظهار بدفتر وسيلة نقل غير مستوفي التعمير حسب التراتيب الجاري بها العمل وتمثل قرابة 23 في المئة، إلى جانب نقل أشخاص غير المنصوص عليهم بالإذن بمأمورية وهو ما يمثل قرابة 17 في المئة من المخالفات والتي يترتب عليها تسجيل محاضر ومخالفات مالية.

ناجي جلول: وجب تغيير صبغة التمتع بالامتيازات في الإدارة
ناجي جلول: وجب تغيير صبغة التمتع بالامتيازات في الإدارة

وسبق أن دعا الرئيس التونسي قيس سعيد رئيس الحكومة أحمد الحشاني إلى شنّ حملة تطهير داخل الإدارات ضد من يعرقلون إنجاز المشاريع التنموية بالبلاد، من خلال المراجعة الدقيقة للانتدابات التي جرت بعد عام 2011.

وأفاد ناجي جلول، رئيس الائتلاف الوطني التونسي، بأنه "لا بد من تغيير صبغة التمتع بالامتيازات في الإدارة التونسية مثلما فعل المغرب، ومن الأفضل اقتناء سيارة ويتم خلاصها على أقساط، أو أن يتم تعويض السيارة بمقابل مادي". وأضاف لـ"العرب"، "هناك إصلاحات ضرورية في الإدارة، حيث توجد سيارات إدارية تستغل خارج أوقات العمل، وأخرى تسند إلى المسؤولين (كاتب عام أو مدير ديوان).

وفي وقت سابق، لفت مراقب عام أملاك الدولة والشؤون العقارية والمنسق العام للفرق المشتركة لمراقبة السيارات الإدارية محمد بوهلال إلى أن الوزارة قامت بوضع منظومة وطنية مندمجة للتصرف في السيارات الإدارية، وتعمل حاليا على الإسراع في تحيين دليل الإجراءات الخاص بالتصرف في هذه السيارات ليشمل بعض المعطيات المستجدة في ما يتعلق بالشراءات.

كما تسعى الوزارة، حسب بوهلال، إلى تجسيم مجمل توصيات هيئات الرقابة التابعة لها في ما يخص حوكمة وترشيد استعمال السيارات الإدارية في تونس، موضحا أن هيئة الرقابة العامة تقوم عند تنفيذ أعمال التدقيق على التصرف في الأسطول وإحالة تقاريرها إلى الهيئة العليا، بإصدار توصيات يتم تبنيها من قبل فرق الرقابة.

اقر أ أيضا:

4