تونس تنجح في سداد ديونها الخارجية لعام 2023

وزيرة المالية: سنمضي نحو إصلاح اقتصادي أشمل بالتشجيع على الاستثمار.
الثلاثاء 2024/01/23
تسديد الديون أثر على التزود بالمواد الأساسية

نجحت تونس في الإيفاء بتعهداتها المالية للسنة المنقضية وسداد ديونها الخارجية، بعيدا عن صندوق النقد الدولي الذي يقدم شروطا ترفضها السلطة من أجل إقراضها، وسط تساؤل المراقبين عما إذا كانت قادرة على اتباع الخطوة نفسها مستقبلا، أم أنها ستستنجد بأطراف إقليمية للخروج من الأزمة.

تونس- تمكنت الحكومة التونسية من سداد الديون الخارجية التي حلّ أجلها سنة 2023 رغم صعوبات الخروج إلى السوق المالية الدولية وتعطل اتفاقها المالي مع صندوق النقد الدولي الذي يعد أهم الجهات الدولية المانحة.

وتسعى تونس إلى المحافظة على مكانتها في الأسواق الداخلية والخارجية والإيفاء بتعهداتها المالية رغم العراقيل التي تواجهها.

ويقول مراقبون إن البلاد تعاني من عجز في المالية العمومية، مع اضطرابات في وفرة النقد الأجنبي، وهو ما أثر على أسعار السلع ووفرتها داخل الأسواق خلال العامين 2022 و2023.

طارق الكحلاوي: هل تقدر تونس على اتخاذ نفس الخطوة  في السنة الحالية
طارق الكحلاوي: هل تقدر تونس على اتخاذ نفس الخطوة  في السنة الحالية

ولا تزال العلاقة بين تونس وصندوق النقد الدولي غامضة إلى حدّ الآن مع تقديم الدولة برنامج إصلاحات اقتصادية للحصول على قرض من الصندوق، إلا أن ذلك شهد عقبات مرتبطة بشروط وضعها الصندوق، ورفضتها تونس.

وأكدت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصيّة، الاثنين، أن تونس نجحت في سداد كل ديونها المحلية والخارجية لسنة 2023 رغم الصعوبات، مع الانطلاق بتفاؤل للمرحلة القادمة، وذلك خلال لقاء مع مجلس رؤساء الغرف الاقتصادية المشتركة حول فصول قانون مالية 2024.

وأضافت وزيرة المالية أن قانون مالية 2024 سيدعم هذه النتائج والمضي نحو إصلاح اقتصادي أشمل وفعال بكل ما تضمنه، وخاصة ما تعلق بالتشجيع على الاستثمار وتحسين الوضعيات المالية للمؤسسات.

وفي العام الماضي واجهت البلاد صعوبات اقتصادية بسبب ندرة المواد الغذائية نتيجة صعوبة العوامل المناخية وتداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا وصعوبات مالية حالت دون التزود بالحبوب من الخارج، فضلا عن ضعف المحاصيل الزراعية نتيجة تواصل مواسم الجفاف.

وتساءل المحلل السياسي طارق الكحلاوي “إذا كانت تونس قد تجاوزت صندوق النقد الدولي في دفع الديون في 2023، فهل ستكون قادرة على اتخاذ نفس الخطوة في السنة الحالية؟ خصوصا وأنها مازالت إلى حدّ الآن لم تقدم برنامجا بديلا للصندوق في علاقة بالحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار”.

حسين الديماسي: الديون التي حلّ أجلها هي جزء بسيط  من الدين العام
حسين الديماسي: الديون التي حلّ أجلها هي جزء بسيط  من الدين العام

كما تساءل في تصريح لـ”العرب” عن “إمكانية الاستنجاد بأطراف إقليمية مثل الجزائر والسعودية والاتحاد الأوروبي لتقديم قروض تساعدها على سداد ديونها”.

وأشار الكحلاوي إلى أن “هناك مشكلة في توفير السيولة والعملة الصعبة لشراء ما يلزم من مواد غذائية وحبوب ونفط، وفقدان أخرى في السوق مثل السكر والقهوة”.

وأشارت بيانات البنك المركزي التونسي إلى أن الديون المستحقة لعام 2023 في حدود 11.714 مليار دينار (3.79 مليار دولار).

وتمكنت الحكومة التونسية من سداد 81 في المئة من إجمالي خدمة الدين الخارجي بنهاية أكتوبر الماضي، حيث نجحت في دفع أقساط القروض الخارجية التي حلّ أجلها سنة 2023.

وأفاد الخبير الاقتصادي ووزير المالية السابق حسين الديماسي بأن “هذا يطرح تساؤلات كبيرة، أهمها كيف نجحت تونس في احترام سداد ديونها الخارجية بالكامل؟”.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “عملية سداد الديون كانت لها انعكاسات من ناحية التزود بالمواد الغذائية وأضرّت بالوضع المعيشي للسكان”، لافتا إلى أنه “تم سداد الديون التي حلّ أجلها فقط وهي جزء بسيط من الدين العام، لكن حجم التداين بالنسبة إلى الميزانية يفوق الـ80 مليار دينار (25.72 مليار دولار)”.

محمد صالح الجنادي: عملية سداد الدين تتم عن طريق القروض
محمد صالح الجنادي: عملية سداد الدين تتم عن طريق القروض

بدوره اعتبر الخبير المصرفي والمالي محمد صالح الجنادي في تصريح لـ”العرب” أن “عملية سداد الدين تتم عن طريق القروض، لكننا نريد أن يكون السداد عبر الناتج الفائض من الاستثمار”.

ودعا إلى “ضرورة تشجيع الاستثمار وفتح الأبواب أمام المستثمرين في الخارج وتفعيل الصلح الجزائي مع رجال الأعمال، مع توفير الأطر القانونية لذلك”.

وسبق أن قال رئيس الحكومة أحمد الحشاني إن بلاده قامت بسداد جميع ديونها الخارجية المستحقة في 2023، مشيرا إلى أنها ملتزمة بسداد ديونها لعام 2024.

جاء ذلك خلال لقاء في سويسرا على هامش مشاركة الحشاني في أعمال الدورة الـ54 للمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، وفق بيان لرئاسة الحكومة التونسية. وقال إن “تونس أوفت بجميع تعهداتها المالية الخارجية في 2023”، دون تقديم أرقام.

من جهتها اعتبرت مديرة الصندوق أن “تونس من بين الدول التي نجحت في تحقيق نتائج إيجابية على المستوى الاقتصادي والمالي، رغم الصعوبات التي واجهتها والناتجة أساسا عن عوامل خارجية”.

وكانت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البحثية قالت في نهاية نوفمبر الماضي إنه من المرجح أن تتخلف تونس عن سداد ديون سيادية في ظل استحقاقات الدين العام الكبيرة المرتقبة للبلاد، فضلا عن معارضة الرئيس قيس سعيد للحصول على دعم من صندوق النقد والافتقار إلى ضبط للأوضاع المالية، بحسب وكالة أنباء العالم العربي.

وأضافت المؤسسة أن الأزمة الاقتصادية في تونس تقترب من نقطة حرجة، إذ أن استنفاد احتياطي النقد الأجنبي لدعم الدينار يجعل المركز الخارجي للبلاد في وضع تكتنفه المخاطر بشكل متزايد.

4