تونس تعاني من ارتفاع نسبة الأمية رغم المراهنة على التعليم

تونس - بلغت نسبة الأمية في المجتمع التونسي 17.3 في المئة، ما يعني وجود مليون و700 ألف تونسي لا يقرؤون ولا يكتبون، وفق أرقام المعهد الوطني للإحصاء وفي علاقة بنتائج التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024، ووصفها المراقبون بكونها مؤشرا خطيرا في البلاد.
ويتساءل الخبراء حول الأسباب العميقة التي أوصلت تونس إلى هذه النسبة من الأمية، على الرغم من مراهنة السلطة بعد الاستقلال في العشرين من مارس 1956 على إجبارية التعليم ومجانيته في البلاد، وأكدت ذلك بنصوص قانونية مهمّة.
ويضيف الخبراء أن العائلات التونسية لم تثمن في السنوات الماضية قيمة العلم والمعرفة، وبالنظر إلى ارتفاع نسبة البطالة في المجتمع، أصبح التحصيل المالي أهم من التحصيل المعرفي والعلمي لدى غالبية التونسيين.
وأعلن المعهد الوطني للإحصاء في تونس السبت عن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والسكنى الذي انطلق في السادس من نوفمبر وتواصل إلى غاية الحادي والثلاثين من ديسمبر 2024.
وأظهرت النتائج أنّ نسبة الأمية بلغت 17.3 في المئة (22.4 في المئة إناث و12 في المئة ذكور) . وسجّلت نسبة الأمية انخفاظا حيث كانت تقدر بـ19.3 في المئة في سنة 2014.
وستشمل هذه النتائج الإحصائيات العامة، كما سيتم تقديم نتائج المسوحات استنادا إلى نتائج الإحصاء في مجالات التربية والهجرة والصحة والوضع الديموغرافي ومؤشرات حول الأمية والتركيبة السكانية وفق المدير العام لمعهد الإحصاء بوزيد النصيري.
وأفاد الباحث في علم الاجتماع بلعيد أولاد عبدالله بأن “النسبة فيها الكثير من الأبعاد في ظل مراهنة تونس على مجانية التعليم وإجباريته بعد الاستقلال وتم تعزيز ذلك بنصوص قانونية.”
وأوضح في تصريح لـ”العرب”، “النتيجة كانت منتظرة بالنظر إلى نسبة الانقطاع المدرسي (100 ألف تلميذ سنويا)، فضلا عن الارتداد إلى الأمية.”
وتابع بلعيد أولاد عبدالله “17 في المئة مؤشر خطير، ومن لهم مؤشرات تعليمية ضعيفة يمثلون تقريبا 34 في المئة، فضلا عن ارتفاع نسبة الأمية الحضرية (هي أمية تتجاوز الأمية الأبجدية في الكتابة والقراءة وتتطلب توفر الحد الأدنى من المعارف المتوافق عليها في المجتمع ومن معلومات ضرورية ومعطيات بسيطة لها علاقة بالحياة الاجتماعية).”
ولفت الباحث في علم الاجتماع إلى أن “نسبة 17 في المئة تعكس أيضا انعدام العدالة الاجتماعية، حيث ترتفع النسبة في بعض المناطق، على غرار الولايات (المحافظات) الأكثر فقرا مثل القيروان (وسط) والقصرين (غرب) وسيدي بوزيد (وسط).”
وأشار أولاد عبدالله إلى أن “التحصيل المالي أصبح أهم من التحصيل المعرفي والأكاديمي بالنسبة للعائلات التونسية، ومنذ 2011 لم يراهن المجتمع على تثمين قيمة المعرفة والعلم.”
وسجل عدد سكان تونس زيادة بـ989.415 نسمة خلال العشرية الأخيرة، وفق ما كشف عنه المعهد الوطني للإحصاء خلال ندوة صحفية عقدت السبت للإعلان عن نتائج التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024.
وقد بلغ عدد سكان تونس 11.972.169 نسمة حتى تاريخ السادس من نوفمبر 2024، مقابل 10.982.754 نسمة سنة 2014، أي بمعدل نمو سنوي بلغ 0.87 في المئة خلال نفس الفترة. وذكر المعهد أن هذه الزيادة تعكس تطورا ديموغرافيا ملحوظا، مشيرا إلى أن نسبة الأجانب المقيمين في تونس تمثل 0.55 في المئة من إجمالي السكان.
المعهد الوطني للإحصاء في تونس يعلن عن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والسكنى الذي انطلق في السادس من نوفمبر وتواصل إلى غاية الحادي والثلاثين من ديسمبر 2024
وبخصوص التوزيع حسب الجنس، بلغت نسبة الإناث من مجموع السكان 50.7 في المئة مقابل 49.3 في المئة للذكور، وهو ما يعكس استقرارا نسبيا في هذا المؤشر مقارنة بالسنوات الماضية.
وبينت نتائج تعداد 2024 تباينا في الكثافة السكانية حسب الجهات، حيث تتركز الكثافة السكانية أساسا في الجهات الساحلية وتونس الكبرى، فيما أظهرت النتائج تراجعا نسبيا في عدد السكان بولايات مثل الكاف وسليانة.
كما تصدر الإقليم الثاني والإقليم الثالث تباعا الترتيب من حيث عدد السكان.
ويتوزع عدد السكان حسب الأقاليم كما يلي: بلغ عدد السكان بالإقليم الأول (بنزرت – باجة – جندوبة – الكاف): 1.560.843 نسمة بنسبة 13.04 في المئة، وبلغ بالإقليم الثاني (تونس – أريانة – بن عروس – منوبة – نابل – زغوان): 3.949.277 نسمة بنسبة 32.99 في المئة.
أما الإقليم الثالث (سوسة – المنستير – المهدية – القيروان – القصرين – سليانة) فقد بلغ عدد سكانه 3.121.821 نسمة بنسبة 26.08 في المئة، والإقليم الرابع (صفاقس – قفصة – سيدي بوزيد – توزر): 2.046.271 نسمة بنسبة 17.09 في المئة.
أما الإقليم الخامس (قابس – مدنين – تطاوين – قبلي) فبلغ عدد سكانه: 1.293.957 نسمة بنسبة 10.81 في المئة.